قال الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية محمد بنعبد القادر، جوابا عن سؤال تقدم به فريق العدالة والتنمية حول تقييم تجربة تعيين الموظفين السامين وكبار المسؤولين، إن الحكومة لجأت إلى تقييم المرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وراسلت كافة الجهات المعنية التي أكدت الفرضية التي انطلقت منها الوزارة، وهي أن هذا المرسوم وما يتضمنه من آليات يحتاج إلى مزيد من التدقيق لكي لا يظل هناك هامش واسع للتأويل، وأن يكون في مستوى أحكام الدستور التي تنص على مبدأ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص. وقال بنعبد القادر إن الحكومة تتدارس الإعمال بالتوصيات الناتجة عن هذا التقييم والتي ستكون فيها استشارة مع المجلس الأعلى للوظيفة العمومية قريبا . مضيفا أنه سيظل رهن إشارة لجنة العدل والتشريع لمناقشة الخلاصات الناتجة عن التقرير التقييمي للمرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب العليا وفتح آفاق لتطوير هذا المرسوم . وأكد الوزير الوصي على القطاع أن على السلطة التشريعية والتنفيذية التعاون من أجل تعزيز النزاهة في المرافق العامة، لكن ليس بأسئلة مغلوطة ، فالأمر لا يتعلق بثنائية السياسي والتقنوقراط، بل ما ينبغي الاتفاق عليه هو معيار النزاهة، وأضاف أنه عندما يتقلد مسؤول منصبا عاليا في الإدارة، فالسؤال هو هل في الأمر نزاهة أم لا؟ وإلا سندخل في شيطنة كل ما هو سياسي ونفسح المجال فقط للتقنوقراط ، وننسحب ونحرم المغاربة من كفاءات عالية ذنبها أن لها انتماء سياسيا، مكررا أن الأساسي هو النزاهة واحترام مسطرة التعيين . ونبه بنعبد القادر إلى أن السؤال المطروح من طرف نواب على الحكومة، يتم في مؤسسة سياسية تشريعية، ولهذا لا ينبغي أن يطرح بصيغة تبعد السياسي، والحال أن من حق هذا السياسي دستوريا أن يتولى المسؤولية بشرط أن تكون له الكفاءة المطلوبة بالمرفق العام وهو الشرط الوحيد في هذا الصدد. وكان محمد بنعبد القادر قد حذر أكثر من مرة من شيطنة السياسة باسم الدفاع عن تكافؤ الفرص، مشيرا إلى أن النموذج الذي اختاره المغرب هو نموذج الكفاءة، وليس النموذج الأنجلوسكسوني، الذي يقوم على تسييس الوظيفة العمومية، من خلال تغيير كل المسؤولين مع حلول رئيس جديد. وقال بنعبد القادر، بخصوص الجدل المثار حول التعيين في المناصب العليا، «إذا توفرت الكفاءة والشروط المطلوبة في مناضل سياسي، فمن حقه الاستفادة على غرار باقي المرشحين»، محذرا من السقوط في تنفير المواطنين من السياسة، باسم الدفاع عن التقنوقراط. ودعا بنعبد القادر في تصريح قبلي إلى عدم السقوط في نقاش مغلوط ومصطنع، لأن الأحزاب مفروض فيها فرز نخب قادرة على تدبير الشأن العام، مذكرا بتجربة مسؤول اتحادي اقترح في منصب كاتب عام وزارة، ووافق عليه الملك الراحل الحسن الثاني بفضل كفاءته، ليصبح في ما بعد وزيرا وسفيرا اليوم. وأوضح أن التعيين في المناصب مؤطر بالقانون رقم 02-12، وبالمرسوم التطبيقي الصادر في 11 أكتوبر 2011، والذي يحدد معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، لكن واقع الممارسة هو الذي أحدث تفاوتات في التأويل بين القطاعات، وساهم في إثارة البلبلة وتأويل المبادئ المنصوص عليها في القانون. وجدد بنعبد القادر التأكيد على أن الأمر يتعلق بالكفاءة معيارا وحيدا، بمعزل عن البروفايل السياسي أوالتقنقراطي للمرشح للمنصب السامي، موضحا أن الوزارة بصدد تقييم حصيلة التعيين في المناصب السامية مع الوزارات والقطاعات المختلفة، من أجل مراجعة المنظومة، بناء على توصيات مناظرة الصخيرات. وأوضح الوزير أن الإصلاح يسير في اتجاه مهننة الوظيفة العليا، وتحديد مفهوم الموظف السامي عبر توصيف دقيق لكل المناصب وفق معايير القيادة الإدارية وضبط الاختصاصات والمعايير، والانتقال إلى نظام التعاقد الذي يتضمن أهداف وبرنامج عمل لكل مرشح، يمكن من إخضاعه للتقييم والمحاسبة. واعتبر الوزير النقاش الدائر اليوم حول التعيين في المناصب العليا صحيا، لأن من شأنه تدقيق المعايير وإصلاح المنظومة الإدارية في اتجاه مراجعة المرسوم المنظم، مؤكدا أن الموضوع سيطرح قريبا على المجلس الأعلى للوظيفة العمومية. وذكر جواب الوزارة على الفريق النيابي الذي تقدم بالسؤال بالمقتضيات الدستورية والتشريعية والتنظيمية التي تؤطر منظومة التعيين في المناصب العليا تتضمن مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تكريس مبادئ المساواة والشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحات والمترشحين لشغل هذه المناصب، بناء على معايير الكفاءة والنزاهة. و ذكر كذلك جواب الوزارة في إطار هذه المنظومة، منذ دخولها حيز التنفيذ سنة 2012 إلى غاية يومه، بتعيين ما مجموعه 896 مسؤولا ساميا، منهم 114 سيدة بنسبة % 12,72 . كما ذكر بالنواقص والاختلالات، التي هي محط إجماع، وما قامت به الوزارة من أجل الوقوف عندها، بإجراء تقييم حول تطبيق هذه المنظومة بمختلف الإدارات العمومية، من خلال تحليل كافة المعطيات المتعلقة بالتعيينات منذ صدور المرسوم 2.12.412 المتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا، إلى حد الآن، مع استطلاع مقترحات وملاحظات مختلف القطاعات الوزارية حول مسطرة التعيين في هذه المناصب. وأكدت الوزارة المعنية ما تبين لها من غياب الانسجام والتجانس من إدارة إلى أخرى ومن منصب إلى آخر، لاسيما في ما يتعلق بالشروط المطلوبة للترشيح (المستوى العلمي والتجربة المهنية، والأقدمية…)، وضعف اعتماد الآليات الحديثة في مجال تدبير الموارد البشرية لاسيما الدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات، توصيف المهام، عقود البرامج، التقييم، واختلاف معايير تعيين أعضاء اللجن المكلفة بدراسة الترشيحات من إدارة إلى أخرى. وفي سؤال موالٍ تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة حول «فرض اللغة الأجنبية في التعامل مع المواطنين والجماعات الترابية» دافع بنعبد القادر عن اللغة العربية والأمازيغية مستندا في ذلك إلى المبدأ الدستوري ومنتصرا للإرادات التي تسعى إلى تفعيله. وانسجاما مع ذلك أكد الوزير أن وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية تعمل على إنجاز معجم للمصطلحات الإدارية الأكثر تداولا داخل الإدارة تحت اسم «المعين»، وتعميمه على مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والباحثين والمهتمين، وإعداد جميع دلائل التسيير والتدبير باللغة العربية ولاسيما «دليل الموارد البشرية» و»دليل المساطر الأكثر تداولا» و»مصنف المناشير الإدارية». وتتوفر الوزارة على مركز الاتصال والتوجيه الإداري الذي يوفر معلومات إدارية من خلال المكالمات الهاتفية والمراسلات الإلكترونية التي تتم أغلبها باللغة العربية. وذكر جواب الوزارة في هذا السياق أن جل القطاعات الوزارية تتوفر على واجهات إلكترونية للبحث في المواقع الخاصة بها وبصفحات موقع الويب باللغة العربية، وأن وجوب استعمال اللغة العربية، كلغة رسمية من قبل الإدارة وغيرها من المؤسسات العمومية والخاصة، لم يعد يجد أساسه فقط في مقتضيات الفصل الخامس من الدستور، وإنما أيضا في الحكم القضائي الذي نطقت به إدارية الرباط بعدم مشروعية استعمال اللغة الفرنسية من قبل الإدارة المغربية، في 2 يونيو 2017، والذي قضت محكمة الاستئناف بتأييده بموجب القرار رقم 256 المؤرخ في 31 يناير 2018.