اتهام الجهات المسؤولة عن قطاع التعليم بالتراجع عن تدريس اللغة الأمازيغية، وتصريحات وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، في ضيافة «لاماب» بأن «دسترة الأمازيغية كلغة رسمية بالمغرب لا يعني تدريسها»، أثار زوبعة غير مسبوقة من ردود الفعل والانتقادات الصادرة عن الجمعيات والهيئات والفعاليات الأمازيغية، وطنيا ودوليا، ولعل في ذلك ما جعل حزب الخضر الإسباني، في ختام مؤتمره المنعقد خلال نهاية شتنبر المنصرم، يدعو السلطات الاسبانية إلى «دسترة وتدريس اللغة الأمازيغية بمدينتيْ سبتة ومليلية المحتلّتيْن»، و»الاعتراف بها كلغة في المعاملات الإدارية ووسائل الإعلام»، الأمر الذي يكون قد أحرج السلطات المغربية بينما قرأ فيه بعض المحللين خطوة لا تعدو أن تكون مجرد ورقة استفزازية. ورغم أن وزارة التربية الوطنية بالرباط تدافع عن نفسها بأنها تبذل مجهودات كبيرة من أجل توسيع وتعزيز حضور الأمازيغية في المنظومة التعليمية، فقد بلغ الجدال ببعض الإطارات إلى حد الدعوة لتنظيم ندوة وطنية يشارك فيها رؤساء الأكاديميات والجامعات والنيابات الإقليمية والمجلس الأعلى للتعليم والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وهيئات التدريس وجمعيات أساتذة اللغة الأمازيغية وفعاليات المجتمع المدني. في هذا الإطار، دخل التجمع العالمي الأمازيغي على الخط وعمم بيانا في شأن التراجع عن تدريس الأمازيغية، مستهلا إياه بالرد على تصريح وزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، في ندوة صحافية عقدها بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء، الذي اعتبر فيه «دسترة الأمازيغية كلغة رسمية لا يعني تدريسها»، حيث وصف التجمع هذا التصريح ب «الإقصائي والعنصري الذي لم يسبق له مثيل»، كما حمل التجمع الأمازيغي الدولة والحكومة والأحزاب المغربية المسؤولية الكاملة في كل القرارات العنصرية ضد الأمازيغية، إلى جانب دعوته تنظيمات الحركة الأمازيغية الفاعلة والمستقلة ل «الإتحاد من أجل صياغة إستراتيجية مشتركة، ووضع حد نهائي للتمييز وإقرار الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية كاملة»، على حد بيانه. ولم يفت التجمع العالمي الأمازيغي القول بأن ما جرى يأتي في وقت «لم ينه فيه الأمازيغ بعد معركة الإحصاء التي تم فيها تجاهل توصيات الأممالمتحدة فيما يتعلق باللغة الأم وتهميش الأمازيغ والأمازيغية في استمارة الإحصاء»، حتى صدموا بسلسلة من القرارات غير القانونية والتمييزية لنواب وزارة التربية الوطنية بعدد من المدن المغربية، بينما لم يستسغ التجمع تصريح وزير التربية الوطنية بشأن تدريس الأمازيغية وربطه ذلك بتغيير المدرسة المغربية لتمنح، بشكل منصف، لكل المواطنين تعليما وتكوينا ذي جودة، حيث احتج على تجاهل الوزير للأمازيغية، رابطا بين تدريسها وصدور القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للغات، متجاهلا كل الإتفاقيات والسياسات الحكومية التي نحت نحو إدماج كامل للأمازيغية في المنظومة التربوية طيلة عشر سنوات، حتى قبل التعديلات الدستورية الأخيرة بالمغرب. وأمام تسجيله استمرار سياسة التجاهل والتماطل والتمييز ضد الأمازيغية، على حد بيانه، شدد التجمع العالمي الأمازيغي على اعتبار تصريح الوزير ومشروعه الجديد بخصوص المدرسة المغربية «إقصائيا وعنصريا» كما أنه ليس التراجع الوحيد فيما يتعلق بالأمازيغية، يقول بيان التجمع، بل «إن ما وقع في التعليم يسري على كل المجالات، على الرغم من أن الأمازيغية لغة رسمية وفق الدستور المغربي»، وأكد على أن ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية فيما يتعلق بالأمازيغية «يمثل النقطة التي أفاضت كأس التمييز والعنصرية المتواصل في عهد الدستور الجديد ضد الأمازيغ»، محملا الدولة والحكومة والأحزاب المسؤولية الكاملة في «التماطل في تفعيل ترسيم الأمازيغية وفق ما ينص عليه الدستور»، وعبر التجمع بالتالي عن انفتاحه على كل المقترحات والمبادرات الصادقة، وتأكيده على ضرورة تفعيل كافة المبادرات الميدانية الأمازيغية على أساس وحدة الهدف والتوجه نحو تفعيل أكبر للفعل الإحتجاجي. ومن الرباط أطلقت «الكونفدرالية المغربية لجمعيات مدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية» بيانها القوي، حملت فيه كامل المسؤولية للحكومة المغربية التي «التزمت في برنامجها بالنهوض باللغة الأمازيغية لما آلت إليه أوضاع هذه اللغة في الحقل التربوي»، كما حملت وزير التربية الوطنية شخصيا مسؤولية هذا الإخلال بواجبه في تعميم تدريس الأمازيغية»، فيما أكدت الكونفدرالية ذاتها أنه «بعد التصريح غير المسؤول لوزير التربية الوطنية بخصوص عدم ربط دسترة اللغة الأمازيغية بضرورة تدريسها، يتأكد بالملموس أن وزارة التربية الوطنية عازمة وماضية في إجهاض مسلسل تدريس اللغة الأمازيغية بشكل ممنهج ونية مبيتة، ضدا على الإرادة والتوجيهات الملكية السامية ذات الصلة وكذا المذكرات الوزارية التي أصدرت في هذا الشأن»، تقول الكونفدرالية في بيانها. والحال هذه، أدانت الكونفدرالية وبشدة تصريح الوزير الذي وصفته ب «المتسرع» في «إجهازه المقصود على المكتسبات والحقوق الأساسية للطفل المغربي»، و»الماس بصلب السياسة العامة المنشودة في مغرب العهد الجديد، وبكل المواثيق الحقوقية الكونية»، ودعت الكونفدرالية الحكومة المغربية إلى تحمل مسؤوليتها أمام الشعب المغربي ومتابعة تنفيذ برامج الوزارة وأجرأتها وربط المسؤولية بالمحاسبة تفعيلا للحكامة بشكل يضمن كشف من يستخفون بقرارات والتزامات المغرب، مع تحذيرها من المضاعفات التي يمكن أن تنتهي بها مثل هذه التصريحات والسلوكات»، حسب مضمون بيان الكونفدرالية. وفي ذات السياق، شددت الكونفدرالية المغربية لجمعيات مدرسات ومدرسي اللغة الأمازيغية على «أن استمرار الفكر الارتجالي الموسمي، والمرتبط بالإيديولوجيات الحزبية والشخصية في تدبير منظومة التربية والتعليم بالمغرب - والتي يقوم عليها مستقبل المغرب وتشكل قاطرة الميادين الأخرى - لهُو الطامة الكبرى والمسؤول المباشر الأول والأخير عما يعانيه هذا القطاع المترهل في غياب فلسفة تربوية وطنية متواضع عليها قانونيا تسمو على كل التوجهات الإيديولوجية»، تضيف الكونفدرالية، بحيث «يعمل كل وزير على تنفيذها وتطبيقها وتتبع مسارها وتقييمه دون أن يٌعمل فيها معول أنويّته أو يغيرها دون الرجوع إلى التوافق الوطني في إطار القانون كما هي الحال في الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها ويحترم فيها وزراؤها سياسات دولها المرسومة ويعملون في فلكها وإطارها»، على حد البيان. وفي تصعيد غير متوقع، دعت «فعاليات الحركة الأمازيغية باوروبا» إلى تجمع احتجاجي أمام سفارة المغرب ببروكسيل، بعد زوال من يوم 11 أكتوبر 2014، وعممت نداء في هذا الشأن حمل اسم «نداء تيموزغا»، كرد فعل عما عرفته الأمازيغية من تحقير واستهتار، خصوصا بعد قرار وزارة التربية الوطنية التراجع عن تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية، إضافة على ما يتعرض له الإنسان الأمازيغي، حسب رأي بيان الحركة، من تفقير ممنهج ونزع لأراضيه واستغلال لرأسماله المادي الطبيعي والرمزي الثقافي، وتخريب خصوصية الأقاليم التاريخية. أما البيان الختامي للمؤتمر الوطني الرابع للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة - أزطا أمازيغ -، والذي انهى أشغاله يوم 15 شتنبر 2014 ببوزنيقة، فقد توقف عند ما عرفه عهد الحكومة الحالية من «استرسال في صدور قوانين وإجراءات إدارية تقصي اللغة والثقافة الأمازيغية في مجالات حيوية ومصيرية لتطور اللغة ونمائها، ولم تحرك ساكنا في «تجاه رفع الحيف الذي عرفته الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة طيلة عقود مضت»، وشدد على أن «إن إنصاف الأمازيغية وتبويئها المكانة اللائقة بها، لا يستند فقط إلى إجراءات شكلية ومساحيق زائلة، بل إلى إرادة سياسية ترمي إلى دمقرطة الدولة والمجتمع، بما يعنيه ذلك من إعادة النظر في المُسلّمات الثقافية والحضارية التي بُنيت عليها الدولة المغربية والمستمَدة في أغلبها من قراءة مغرضة للتاريخ والتلاعب بحقائقه، مع العمل على تأهيل الثقافة وتقوية اللغة الأمازيغيتين وفق منظور ديموقراطي تعددي يحفظ للأمازيغية مكانتها المركزية في الهوية والحضارة المغربيتين»، على حد بيان الشبكة المذكورة. كما دعت شبكة أزطا في ذات بيانها الختامي إلى «رفع الحيف الدستوري على الأمازيغية لغة وهوية، والتنصيص عليها في دستور ديموقراطي الشكل والمضمون، يُرسي مؤسسات قوية قادرة على تأهيل الأمازيغية وتقويتها وحمايتها»، وشددت على ضرورة مناهضة كافة أشكال التمييز ومواجهة الاستبداد الثقافي واللغوي وطرح بدائل مدنية في الفكر والممارسة. وضمن نفس الموضوع، أكد بيان لمنظمة «تماينوت» الأمازيغية، أن «الأفعال الصادرة عن نواب وزير التربية الوطنية بنيابات أزيلال، وخريبكة وطنجة وتارودانت مثلا، تدخل ضمن مسلسل الإجهاز على المكتسبات والحقوق الأساسية»، معتبرة الأمر، حسب قولها، إهانة للحركة الأمازيغية وللمنظومة التربوية ممثلة في الأستاذ والتلميذ، وأن قرار سحب التكليف من مدرسي الأمازيغية، يعد «خرقا سافرا للفقرة 1 من المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقر بحق كل فرد في تربية وتعليم يوطد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ويوثق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية»، وكذلك، «الفقرة 1 من المادة 29 والمادة 30 من اتفاقية حقوق الطفل التي توصي الدول بعدم حرمان أطفال السكان الأصليين» من التمتع بثقافتهم وتعلم لغتهم. ولم يفت المنظمة دعوة وزير التربية الوطنية إلى «التدخل في هذا الموضوع وإعادة تكليف الأساتذة المتخصصين لتدريس الأمازيغية، لكي ينسجم مع القرارات الوزارية السابقة ويتناسق مع الغايات والمبادئ والتوجهات العامة»، كما دعته إلى «عدم إغفال ضرورة فتح تحقيق في الموضوع ومحاسبة كل الأطراف المتدخلة في الملف» على حد ندائها. ومن المدن المغربية الأكثر غضبا من تراجع تدريس الأمازيغية، كانت مدينة خنيفرة مثلا، حيث خرجت ثلاثة بيانات متتابعة ل «جمعية أمغار للثقافة والتنمية» و»جمعية أمنزو للثقافة والتنمية» ثم جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية»، حيث شددت «جمعية أمغار للثقافة والتنمية» على اعتبار التراجع عن تدريس اللغة الأمازيغية في المؤسسات التعليمية «خرقا سافرا للدستور، وانتهاكا صارخا للمواثيق والعهود الدولية، وتكريسا للكراهية والميز العنصري والإقصاء الممنهج»، وفي هذا الإطار، طالبت من مراكز القرار ب «احترام مقتضيات الدستور الذي ينص على الأمازيغية لغة رسمية، والتعجيل بإصدار القوانين التنظيمية لتفعيل طابعها الرسمي»، بحسب الجمعية ضمن بيانها. وفي ذات السياق، لم يفت «جمعية أمغار للثقافة والتنمية» مطالبة وزير التربية الوطنية ب «تحمل مسؤولياته في ما يتعلق بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية بالتخصص، تنفيذا لما جاء في المذكرة الوزارية رقم 952/12 التي تعتبر الأستاذ المتخصص معطى قارا في البنية التربوية للمؤسسات التعليمية»، تضيف الجمعية في بيانها. كما طالبت ذات الجمعية من وزارة رشيد بلمختار بضرورة العمل، وبشكل جدي، على «تسريع وتيرة تدريس هذه اللغة في أفق تعميمها، مع عدم اعتبار تدريسها رهينا بمنطق الخصاص والفائض، والكف عن التعامل مع ملفها بمنطق الاستخفاف»، داعية كافة الجمعيات والفعاليات الأمازيغية، والهيئات النقابية والحقوقية، إلى التعبئة من أجل التصدي لما وصفته في بيانها ب «سياسة الأبارتايد»، والدفع باتجاه التنسيق «من أجل برنامج نضالي يكون في مستوى التحديات التي تواجهها اللغة الأمازيغية»، فيما أوضحت الجمعية أن بيانها، الموجه للرأي العام الإقليمي والوطني، يأتي «في الوقت الذي كان منتظرا فيه قيام وزارة التربية الوطنية بتفعيل مقتضيات المذكرات الوزارية الصادرة منذ 2003 إلى اليوم، المتعلقة بتدريس اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية، وتسريع وتيرة تعميمها أفقيا وعموديا، تنزيلا للفصل الخامس من الدستور»، إلا أن الجميع، تضيف الجمعية، فوجئ ب «قرارات نكوصية ومجحفة في حق هذه اللغة الأم بجل نيابات الوزارة على الصعيد الوطني، وبما يسعى إلى إبعادها من المدرسة ضمن سياق ينبئ بالرجوع بمشروع تدريسها إلى نقطة الصفر. وفي هذا الإطار طرحت الجمعية أمثلة من نيابة خنيفرة، بإشارتها ل «تراجع نيابة خنيفرة عن تكليف الأستاذات والأساتذة الناجحين في مباراة نظمتها برسم الموسم 2012 - 2013، وفق المذكرة النيابية رقم 1647 الصادرة بتاريخ 25 ديسمبر 2012، والذين تم تكليفهم خلال الموسمين الماضيين 2012 / 2013 و 2013 / 2014 كأساتذة متخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية»، حسب البيان. والأدهى من ذلك، تفيد الجمعية، تم «إجبار مجموعة من الأستاذات والأساتذة خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في تخصص الأمازيغية خلال الموسم الفارط بتدريس مواد أخرى غير مادة التخصص، نيابة أزيلال، طنجة...»، ولم يفت الجمعية في هذا الصدد انتقاد ما وصفته ب «التعاطي العشوائي والارتجالي والأسلوب المزاجي» مع هذا الملف. ومباشرة بعد البيان الاحتجاجي الذي عممته «جمعية أمغار للثقافة والتنمية» بخنيفرة، دخلت «جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية» بذات المدينة على الخط بإصدارها لبيان موجه للرأي العام المحلي والوطني، اعتبرت فيه التراجع عن تدريس اللغة الأمازيغية في المؤسسات التعليمية «خرقا دستوريا سافرا وانتهاكا صارخا للمواثيق الدولية، واستهتارا بمضامين المذكرات والمراسلات الوزارية»، بحسب مضمون البيان الذي عممه مدرسو الأمازيغية. وصلة بالموضوع، نددت ذات الجمعية باستمرار نيابة وزارة التربية الوطنية بخنيفرة في ما وصفته ب «السياسة الإقصائية والاحتقارية للغة الأمازيغية عن طريق تعمدها إعفاء الأساتذة المتخصصين في تدريس الأمازيغية من خلال تكليفهم بتدريس مواد أخرى»، وطالبت من هذه النيابة «التراجع الفوري عن هذا القرار الخطير، وإعادة الأساتذة المتخصصين في تدريس الأمازيغية، موسمي 2012 / 2013 و2013 / 2014، إلى مناصبهم بشكل دائم»، في حين شددت على ضرورة «الزيادة في عدد الأستاذات والأساتذة المتخصصين المكلفين بتدريس الأمازيغية»، ولم يفتها « تحميل النيابة المعنية بالأمر مسؤولية ما سيؤول إليه الوضع في حال تماديها في نهج سياسة الإقصاء تجاه الثقافة واللغة الأمازيغيتين» تضيف الجمعية في بيانها. ويأتي بيان «جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية» في الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه «موسما دراسيا منصفا للغة الأم للمغاربة»، حسب مقدمة هذا البيان، «موسما يرد فيه الاعتبار لهذه اللغة بزيادة تغطية عدد أكبر من المؤسسات بإقليم خنيفرة، وبالتالي إقرار حق أصيل من حقوق الإنسان والمواطنة الحقة، ألا وهو حق المتعلمين والمتعلمات في التعلم بلغتهم الأم احتراما للمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتنزيلا للفصل الخامس من دستور المملكة، وعملا بالمذكرات والمراسلات الوزارية الخاصة بتسريع وتيرة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية أفقيا وعموديا، وخاصة المراسلة الوزارية رقم 483?18 الصادرة بتاريخ 9 أكتوبر2013، التي تنص على ضرورة اعتبار الأستاذ المتخصص في تدريس الأمازيغية قارا في البنية التربوية للمؤسسة. وأكدت الجمعية ذاتها مفاجأتها بما وصفته ب «عودة نيابة وزارة التربية الوطنية بخنيفرة إلى نهج أسلوبها الإقصائي من خلال إعفاء جل الأساتذة المكلفين بتدريس الأمازيغية بالتخصص و تكليفهم بتدريس مواد أخرى»، تقول في بيانها الذي تم تعميمه على نطاق واسع. وقد اجتمع المكتب المسير ل «جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية» بخنيفرة، يوم الأربعاء 17 شتنبر2014، لتدارس هذا المستجد الخطير، وخلص إلى «أن منع ومحاصرة اللغة الأمازيغية الدستورية بالمؤسسات التعليمية يعد تحويرا للرسالة النبيلة التي أنيطت بالمدرسة المغربية، من مدرسة تؤسس للمواطنة و حقوق الإنسان إلى مدرسة تؤسس للفعل العنصري وتشرعن الإقصاء والتفاوت بين المغاربة، كما أنها تحرض على الكراهية و التعصب»، على حد ما عبرت عنه الجمعية في بيانها، دون أن تفوتها دعوة كافة القوى الديمقراطية والحقوقية للضغط على الوزارة الوصية على قطاع التعليم، وثنيها عن فعلها العنصري من أجل مدرسة مواطنة، مدرسة لجميع المغاربة دون تمييز. جمعية أمنزو للثقافة والتنمية من جهتها أدانت بشدة تصريح وزير التربية الوطنية في شأن تدريس اللغة الأمازيغية، وفوضى إسناد اللغة العربية أو اللغة الفرنسية لخريجي مراكز التربية والتكوين، تخصص أمازيغية في بعض الأقاليم، كما أدانت ما وصفته ب «قرار التراجع عن التخصص في تدريس اللغة الأمازيغية في مؤسسات السلك الابتدائي من طرف بعض نواب وزارة التربية الوطنية وخاصة بإقليم خنيفرة»، إلى جانب شجبها ل «حرمان المتعلمات والمتعلمين بالإقليم من تعلم لغتهم الأم والمنصوص عليها في الدستور، لغة رسمية للبلاد»، و»التلاعب بعواطف المتعلمات والمتعلمين اللغوية والثقافية، وإفقادهم الثقة بهويتهم المغربية»، على حد ما جاء في بيان الجمعية. وفي هذا الصدد، شددت «جمعية أمنزو للثقافة والتنمية» على ضرورة تدخل الجهات المسؤولة، مركزيا وجهويا، لوضع حد لمثل هذه التصرفات الفردية واللامسؤولة، داعية النائب الاقليمي لوزارة التربية الوطنية بخنيفرة إلى «تحمل مسؤولية قرار التراجع عن التخصص في تدريس اللغة الأمازيغية والذي سيترتب عنه تصعيد خطير من طرف الحركة الثقافية الأمازيغية»، كما تفيد ذات الجمعية في بيانها أنه «على الرغم من دسترة اللغة الأمازيغية وإقرارها إلى جانب العربية لغة رسمية للبلاد، فإن الدولة المغربية لازالت تتعامل مع هوية المغاربة بمنطق سياسة الهروب إلى الأمام»، إذ في الوقت الذي «تعتبر فيه المدرسة الفضاء الأنسب لبلورة المضامين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، نجدها على العكس من ذلك مشتلا لهؤلاء الذين يتسلحون بسلاح العنصرية والكراهية، بل أكثر من هذا يعتبرونها خزانا لخلق نعرات إيديولوجية خطيرة سيكون لها وقع أخطر على البلاد ما لم تتدخل الجهات المعنية لإنصاف اللغة والثقافة الأمازيغيتين وتحريرها من فكر أباطرة التهميش والإقصاء»، على حد تعبير الجمعية. وتساءلت الجمعية: عن أية حقوق إنسانية يتحدث المغرب مادامت اللغة الأم للشعب المغربي تعاني الأمرين؟ حيث أقدمت العقول المتحجرة لبعض نواب وزارة التربية الوطنية بالتراجع السافر عن التخصص في تدريس اللغة الأمازيغية، غير مبالين بالمذكرات الوزارية الصادرة في شأن إسنادها لأستاذ متخصص وقار في البنية التربوية بعد التصريح الأخير اللامسؤول لوزير التربية الوطنية، أليس من العبث كذلك إسناد مواد أخرى لبعض خريجي مراكز التربية والتكوين تخصص أمازيغية؟ تقول الجمعية التي لم تستثن النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بخنيفرة من انتقاداتها لإقصائه، حسب قولها، اللغة الأمازيغية بأغلب المؤسسات التعليمية التي درست بها لمدة سنتين بصيغة الأستاذ المتخصص، وهو ما تضمنته رسالة موجهة للنائب الإقليمي من طرف الجمعيات الثلاث التي نظمت وقفة احتجاجية في الموضوع في ذكرى خطاب أجدير. جمعيات وفعاليات ذات الاهتمام المشترك، لم تتخلف عن موجة الشجب والاستنكار، والإجماع على أن تدريس الأمازيغية هو بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا تقل عن جمعية ماسينيسا بطنجة، الجمعية الثقافية و الاجتماعية بقلعة مكونة وغيرها.