ما هي أنواع التدخلات الطبية والجراحية التي تخص أمراض الأنف والأذن والحنجرة؟ أمراض الأنف والأذن والحنجرة هي تمتاز بالازدواجية كما أشرتم في سؤالكم، فيها شق طبي وآخر جراحي. بالنسبة للشق الطبي فهو يشمل كل ما يتعلّق بالتهابات أو تعفّنات الجيوب الأنفية، الأذن والحنجرة. أما الشق الثاني الجراحي، فيهمّ التدخلات الجراحية على مستوى اللوزتين، الجيوب الأنفية، ثقب طبل الأذن، الأورام السرطانية، فضلا عن الجراحة على مستوى الغدة الدرقية، والصمم … وتخصصنا الطبي هذا نشترك فيه مع مجموعة تخصصات طبية أخرى، كما هو الشأن بالنسبة للطب العام والطب الباطني. ما هي أبرز الأمراض التي تندرج ضمن خانة الشق الطبي؟ هي كثيرة ومتعددة، من بينها حساسية الأنف، التهاب اللوزتين خاصة عند الأطفال، وكذا الصمم الطبي عند هذه الفئة، التي يعاني كثير منها من اضطراب الكلام. إلى جانب ذلك هناك التهابات الحنجرة التي تعاني منها فئات بعينها كالأساتذة، المغنّين والفقهاء، نتيجة للرفع المتكرر لأصواتهم. ويجب أن نعرف بأن نسبة 60 في المئة من الفحوصات التي يتم إجرائها بالعيادات الطبية هي تخص الشق الطبي حيث يتم الاكتفاء بالأدوية للعلاج، في حين أن نسبة 40 في المئة هي تهم الشق الجراحي. هل تتسبب هذه الأمراض في أية تبعات صحية؟ بالفعل هناك العديد من التداعيات التي لا تكون هيّنة، فمثلا التهاب اللوزتين وإن حدث مرة أو مرتين، فإنه يقع انتفاخ فيهما وبالتالي حتى لو لم تكونا مريضتين بعد ذلك فإنهما تتسببان في صعوبة التنفس، وعسر السمع، والشخير والاختناق، بالنظر إلى أنهما تتواجدان فيما يمكن تسميته بمفترق الطرق على مستوى البلعوم، ونحو الأنف والأذن، ويترتّب عن ذلك انقطاع النوم. وهنا أريد أن أستدل بمثال موجّه للآباء والأمهات وحتى المربّين، إذ أن هناك أطفالا ما بين سن 3 و 5 سنوات، هذه المرحلة التي تسمى بعمر بداية الكلام، تعترض العلاقة بين الأطفال والآباء عددا من الإشكالات، فهناك من الوالدين من يقول بأنه يتحدث مع ابنه لكنه لا يسمعه ولا يتفاعل مع كلامه، أو في وضعية أخرى يركز على شفاه المتكلم، والحال أن الطفل في هذه الحالات هو ليس بمتجاهل الكلام الموجّه له عن قصد، وإنما هو يعاني صعوبة في السمع أو ما يعرف بالصمم الطبي، مما يستوجب عرضه على طبيب مختص. ما الذي يمكن قوله عن أمراض الشق الجراحي؟ تحتل جراحة اللوزتين المرتبة الأولى ضمن قائمة التدخلات الجراحية بالنسبة لتخصص أمراض الأنف الأذن والحنجرة، متبوعة بجراحة الغدة الدرقية، وهنا يمكن أن نستدل بمثال كون ساكنة بعض المناطق الجبلية هم يشربون مياها من المنبع لا تكون مشبعة باليود عكس المناطق الساحلية، وهو ما يؤدي إلى إصابتهم بنسبة أكبر باضطرابات في الغدة الدرقية، خاصة العنصر النسوي، فيكون هناك انتفاخ في العنق يؤثر على التنفس والبلعوم. إلى جانب ذلك هناك تدخلات جراحية تهم أورام سرطانية لها علاقة بالتدخين وذلك على مستوى الشفاه، اللسان والبلعوم، لأنه كما أن هناك سرطانات الرئة فهناك سرطانات الجيوب الأنفية والحنجرة، وهي تصيب الأشخاص بعد الأربعينات، خاصة في ظل وجود عامل التدخين وتعاطي الكحول. تدخل آخر جراحي أيضا يشمل الغدد اللمفاوية التي تكون في العنق، إذ يتبيّن بعد إجراء الفحوصات الطبية والإشعاعية المطلوبة على أن الأمر يتعلق بسل الغدد اللمفاوية، وهذا النوع من السل يعرف انتشارا ويتواصل حضوره وذلك نتيجة لطبيعة الأكل ونمط العيش وغياب التعقيم والبسترة، وهو يطال الجنسين من جميع الأعمار لكن خاصة الذين يوجدون في مقتبل العمر. تقدمون خدمات علاجية للمهاجرين الأفارقة ما هي دوافع إقدامكم على هذه الخطوة؟ بالفعل شرعت في القيام بهذا العمل الخيري منذ حوالي سنة ونصف بعد أن اتصلت بي إحدى عضوات المجلس الوطني لحقوق الإنسان مقترحة علي المساهمة في هذا العمل الإنساني الذي يقوم به أطباء آخرون في تخصصات أخرى، بالنظر إلى أن طنجة هي مدينة للعبور، وتعرف تواجد أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، سواء منهم الراغبين في العبور إلى الضفة الأخرى أو المستقرين، وبالتالي خصصت زوال يوم الجمعة للقيام بفحوصات وتدخلات جراحية لمن هم في حاجة إليها، وذلك بتنسيق مع جمعيات للمجتمع المدني وعدد من المتدخلين الذين يعملون على توفير مجموعة من الإمكانيات، كالأدوية وغيرها للقيام بتلك التدخلات، ويكون تدخلي تطوعيا بدون أي مقابل مادي. ماهي أبرز الأمراض التي تقفون عليها عند هذه الفئة من الأشخاص؟ أغلب الأفارقة الذين أستقبلهم تكون لها احتياجات طبية أكثر منها جراحية، وإن كان عدد منهم يعانون من حالات صمم، أو لهم مشاكل على مستوى الغدة الدرقية، وفي حالات وبناء على معطيات إبديميولوجية، وعلى ما نقف عليه في الفحص من وجود غدد لمفاوية مريضة، اضطراب في الأكل، حرارة مزمنة، تعفن حنجرة مشكوك فيه، نكون أمام حالات لأشخاص مصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، وبالتالي يتم توجيههم صوب المؤسسات المختصة. رسالتكم للقراء بخصوص التعامل مع أمراض الأنف والأذن والحنجرة؟ يجب التأكيد على أنه كل ما كان التشخيص مبكرا كان العلاج ناجحا ويسيرا، إذ يمكن الاكتفاء بالعلاج الدوائي عوض الانتقال إلى التدخلات الجراحية، فالتشخيص المبكر يعني دواء مبكرا، وعلاجا مبكرا، وأدعو زملائي إلى منح المريض الفسحة الزمنية الكافية من اجل تشخيص مرضه تشخيصا دقيقا وفقا للقواعد الطبية السليمة حتى يفضي إلى النتائج المرجوة. اختصاصي جراحة الأنف، الأذن والحنجرة بطنجة.