أتابع منذ فترة، وباهتمام بالغ أنشطة مركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة، وما لاحظته أنها أنشطة وبرامج لها أهمية بمكان، تسترعي الانتباه ، وتجعلنا نعيد التفكير في أهمية سياسة الصناعة الثقافية، التي لابد منها كشرط أساسي لحصاد ثمار المردودية المعنوية، التي هي رأسمالنا الرمزي. وفي الآونة الأخيرة استرعت انتباهي أكثر، أنشطة هذا المركز، الذي يحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء على أنشطته الراقية، باعتبارها أملا منشودا في الثقافة المغربية التي تعاني منذ سنوات من عدم تجاوب الجمهور معها لاعتبارات كثيرة. وما يلفت الانتباه أيضا أن برامج مركز أجيال 21 ليست مشروع حبر على ورق، إنها مشروع مجسد على أرض الواقع بثقة وعزيمة. فالمتتبع سيلاحظ عن قرب تجسيد روح التفاني بهذا المركز في استعادة روح التواصل بين المثقفين مع قرائهم، في تحد تام لواقع ثقافي بئيس، يعد من مخلفات سنوات ما بعد زراعة اليأس في الساحة الثقافية. باختصار مركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة، يعيدنا إلى الزمن الجميل(سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي) في استحضار للخصوصية المغربية الثقافية، وفي طرح مشروع ثقافي مجتمعي، يعطي الثمار الناضجة، في تربة الأرض المحلية التي غرست فيها أشجار المعرفة. أما الحدث البارز الذي يشتغل عليه حاليا هذا المركز فهو أنه من المرتقب أن ينظم خلال صيف هذه السنة بمدينة المحمدية المغربية، «ملتقى السرد العربي» بمشاركة أدباء عرب مرموقين. بالتوفيق للمثقف والأديب عبدالغني عارف، المسؤول عن إدارة هذا المركز الذي خلق أسلوبا جديدا في استقطاب جمهور متعطش للثقافة والفكر والإبداع، وكذلك في ابتكار نموذج ثقافي مغاير يراهن على التغيير والتجديد. إن المسؤولين عن الثقافة بالحكومات المغاربية والعربية، أمام رهان وتحد صعب بسبب مخلفات سياسية، موروثة، تنعت دائما بالنخبوية والتعالي أمام صمتها وعجزها عن استقطاب جمهور في المستوى المطلوب، لذا لابد أن تتطور وتنفتح أكثر على محيطها وتوفر الشروط المادية والمعنوية لدعم المؤسسات والمراكز الثقافية الجادة كشرط للجودة والإبداع الفني. ولعل أهم شيء يحسب لهذا المركز عنايته بالخصوصية المغربية، والعربية، وتكريمه للمبدعين في إطار ثقافة الاعتراف، وأيضا حرصه على تلبية أذواق الجمهور الثقافي الذي يتطلع للإنتاج المغربي الخالص الجيد. ولهذا يمكن أن نصف مركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة الذي ينشط بمدينة الزهور فضالة المحمدية حاليا، رئة نتنفس منها هواء معافى من شرفة أطلسية، ببرامج ثقافية تشتغل في إطار عمل ثقافي مدروس بعناية ويؤمن بالاختلاف والتنوع، وينتصر لقيم الحداثة، ويحترم أذواق الجمهور والمتلقي. وتتميز طريقة اشتغال هذا المركز في مشروعه الثقافي التنويري، بانفتاحه على جميع الأجناس التعبيرية حيث صار يستقطب الجمهور العريض من مختلف المدن المغربية، وبذوق رفيع يحرص على استضافة شخصيات مرموقة من عالم الفكر والأدب والفن يشاركون في تأطير ندواته وفقراته المتنوعة. عبدالحق بن رحمون