يمثل المخرج الكوري الجنوبي كِيم كِي- كُود ظاهرة سينمائية ومدرسة قائمة الذات في السينما المستقلة بكوريا الجنوبية. أهمية المخرج تأتي من طبيعة أفلامه التي تمتح من الواقع برؤية ابداعية وجمالية وفلسفية. المخرج كيم كي- كُود من مواليد (1960 في بونغوا، احدى المدن الحدودية بين كوريا الشمالية والجنوبية). انخرط في البحرية لمدة خمس سنوات وبعد انتهائه اشتغل في التشكيل في احدى الكنائس. تم سافر إلى فرنسا كفنان تشكيلي واشتغل كمساعد مخرج في ثلاث أفلام بعدها عاد إلى كوريا الجنوبية. بدأ في اخراج أفلامه الأولى " تمساح " (1996) الذي سمح له بالمشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية وبنيل قسطٍ من الشهرة . بعدها أخرج فيلم " حيوانات متوحشة " تم " قفص الخراف "، ليأتي فيلمه الذي نال صيتا عالميا " الجزيرة " (2000) والذي تضمن مشاهد جنسية وعنفاً غير مسبوقين. تم فيلم " الرجل السيء " (2001)، تم فيلمه الاستثنائي والرائع " ربيع، صيف، خريف، شتاء، ربيع " (2003) ، تم فيلم "الفتاة سماريا " (2004)، تم " حديد 3″ ، " وقت "(2006) ،"القوس " ( 2006)، " تنفس " (2007)، " صناعة فيلم " (2011)، بعد توقف دام ثلاث سنوات جراء حادث غرق ممثلة في فيلم " أحلام " (2008) كاد يودي بحياتها وأثرت هذا الحادث المأساوي فيه بشكل كبير. عاد لإخراج فيلم " أمين " (2011) تم فيلم " رحمة "(2012)، " موربيوس " (2013)، " واحد بواحد " (2014). أثناء التصوير يكون المخرج ديكاتوراً ويختار طاقم التصوير الذي يغيره في كل فيلم، ويختار ممثلين ووجوه غير معروفة ليسهل التعامل معهم كما يشاء. كما تمتاز سينما المخرج بالصمت وباختصار الحوار وحضور الصورة وتعبيراتها بقوة. كما يعتبر المخرج سيناريست والكاتب الأصلي لكل أعماله السينمائية. حظي المخرج باهتمام دولي ومواكبة اعلامية ونال جائزة أحسن مخرج بمهرجان. برلين عن فيلمه " الفتاة سماريا" (2004)، تم نفس الجائزة في مهرجان فالنسيا عن فيلم " حديد 3 ". في فيلمه " ربيع، صيف …" نجد روعة التصوير السينمائي حيث استغرق المخرج عاماً كاملاً في التصوير ليضفي على الفيلم حلة الفصول الأربع كما هي في الطبيعة. كما الحكاية في سينما المخرج الكوري كيم كي كود، كما الحياة في قاع المجتمع وخباياه، وعوالمه السفلى حيث يعج بكل التناقضات والقبح والعنف ما يكفي لطرح سؤال من أين يتأتى هذا العنف بهذه الدرجة والقسوة؟!! يمكن ابداء ملاحظة بسيطة أن السينما العربية تبقى بعيدة عن هذه التجارب السينمائية ذات الأبعاد التجريبية والإبداعية الخلاقة.
الإبحار في سينما الانتحار هل هي صدفة أن تحضر في سينما المخرج كيم كي كود موضوعة الانتحار بقوة كموضوعة أساسية بتجليات مختلفة ؟!! هل الانتحار قدرُ أبطال المخرج ؟ وهل الانتحار اختيار شخصي أم حيلة وأسلوب يلتجئ له المخرج لاضفاء مصير مهيب ومحزن لنهاية شخصياته الفيلمية؟ أم أن الواقع المرير والعنف المسلط والانتماء للعوالم السفلى يدفع أبطاله للانتحار؟!! في المشهد الأول من فيلم " تمساح " (1996)، يقدف شخص نفسه في نهر " هاو" بمدينة سيول، ويعمد بطل الفيلم الملقب بالتمساح، وهو شاب قوي وعنيف جداً، يعيش بجوار النهر رفقة عاهرة وعجوز وطفل صغير إلى الغطس وسرقة المنتحر دون الاكثرات لحياته. في المشهد الأخير من الفيلم تعمد العاهرة بعد ممارسة الجنس بنوع من الإشباع رفقة " تمساح " إلى الارتماء في النهر انتحاراً ولا يجد عشيقها "تمساح" من أن ينتحر بدوره ويجلسا في كرسي مربوطين جنبا إلى جنب في قاع النهر. البطل تمساح يعاني من اكتئاب حاد و لاشيء يعجبه في هذه الحياة، وبعدما يعشق عاهرته التي أكال لها من الضرب والعنف الشيء الكثير ينتحر إلى جوارها. في فيلم " الجزيرة" وفي المشهد الأخير من الفيلم وبعد هروب البطلة رفقة عشيقها الذي تطارده العدالة، تظهر ميتة، ملقاة، ومنزوعة الملابس وعارية في مركب صغير. في الفيلم الجميل والرائع " ربيع، صيف، خريف، شتاء ، ربيع" والذي يمكن ترجمة مضمونه للغة العربية إلى " دوام الفصول" ينتحر الكاهن في مركب صغير بطريقة عجيبة بعدما يضع حطبا كثيرا على ظهر المركب ويربط نفسه ويشعل النار فيه. دلالة الانتحار هنا التكفير عن الخطايا التي ارتكبها في حياته وخطايا الطفل الذي تبناه وارتكب جرم الزنا والهروب من المعبد وجريمة قتل في حق زوجته. في فيلمه " الفتاة سماريا" تنتحر طفلة لم تبلغ اثنى عشرة سنة تُلْقِي بنفسها من الطابق الثالث بعدما وجدها رجال الشرطة تُمارس الدعارة مع رجل يفوق الأربعين من العمر بإحدى الشقق، ويعمد أستاذ جامعي مارس الجنس مع نفس الصغيرة إلى الانتحار من شقته في الطابق الرابع ويرمي نفسه بعدما تم توجيه اللوم له أمام زوجته وطفلته وابنه الصغير وحماته. في فيلم " القوس" (2006) يعمد العجوز الذي يعشق فتاة قاصرة لم تكمل خمسة عشر عاماً إلى الإنتحار بعدما عشقها حد الجنون. طريقة الانتحار : يرمي بنفسه في البحر متخليا عن المركب والفتاة التي قبلت بالزواج منه رغم فارق السن بينهما. في فيلم "تنفس" (2007) يعمد السجين إلى محاولة الإنتحار مرتين داخل السجن بعد قصة حب عجيبة، ويتم قتله من طرف رفاقه الثلاثة داخل الزنزانة. في فيلم "رحمة " (2011)، والذي يعتبر أكثر الأفلام تراجيدية وعنفاً وتصل فيه الانتحارات إلى أوجهها، يبتدئ الفيلم بانتحار شاب على كرسي للمعاقين، وينتهي الفيلم بانتحار البطلة التي ترمي بنفسها من احدى العمارات المهجورة والتي لم يكمل البناء فيها، ويعمد بطل الفيلم بعد توسل لحبيبته ألا تنتحر بربط نفسه من رجليه وساقيه بسلسلة طويلة من الحديد وتجره السيارة التي تقودها شابة اعتدى عليها بشكل همجي وأهناها وحط من إنسانيتها وكرامتها. وكذلك نرى البطل كيف عمد على ارغام الكثيرين تغطرساً بالقفز من نفس العمارة المهجورة. انتحار بطل الفيلم هو تكفير عن السيئات والأعمال المشينة التي ارتكبها في حق زملائه في العمل الذين اشتغل معهم لمدة طويلة وعمد إلى الإنتقام معهم لتغطية ضعفه الجنسي. يأخذ الانتحار في سينما كيم كي كود، طابع القسوة والعنف بمظاهر مختلفة وبطرق تستدعي تطرح سؤال هل هذا العنف المتأصل لدى أبطال المخرج هو حالة طبيعية في ظل مجتمع يعيش تحولات عميقة؟!! الانتحار بواسطة الغرق في البحر، الرمي من الشقق، الشنق بواسطة الحبال والسلاسل الجر بواسطة سلسلة مربوطة بسيارة: هي بطبيعة الحال أشكال عنف مجتمعي تجد نهايتها في دروب الانتحارات القاسية والمريرة للذات الانسانية التي تعاني في صمت وحيرة. الانتحار و الجنس برؤية أخرى الجنس اللامتخيل هو ما يمكن أن نطلق عليه في سينما المخرج كيم كي كود، جنس بطرق غرائبية تشبه انتحارات أبطاله، في فيلم " تمساح " يعمد بطل الفيلم إلى ممارسة الجنس مع شابة أنقدها من الإنتحار بعنف وقسوة لاتضاهي. وطيلة الفيلم ينتعتها بالعاهرة و" النتنة" ولايرغب في نطق اسمها. كما يمارس الجنس مع عاهرة داخل سيارة بشكل عنيف، أثناء ممارسته الجنس مع الشابة أمام العجوز وأمام الطفل الصغير بلا حياء، وفي وضعيات مختلفة وبعنف وإرغام كبيرين. ويقوم بالاستمناء، ففي العوالم السفلى كل شيء جائز. في فيلم " الجزيرة" وهي عبارة عن جزيرة صغيرة تؤدي فيها البطلة دور سائقة لمركب صغير توصل فيه بائعات الهوى والهاربين من العدالة إلى بيوت صغيرة على شكل مراكب بألوان مختلفة صفراء، حمراء، زمردية… وتٌمارس السائقة نفسها الدعارة مع أشخاص تكتري لهم تلك البيوت، وفي احدى المشاهد بعدما تُمارس الجنس مع أحد الأشخاص يرمي _ لها بنقود ورقية في الماء فتلتقطها وتجفهها بالجريدة _ استخفافاً منها وَمِمَّا تقوم بها ويحط من كرامتها. الفيلم يعري بشكل مكشوف تفشي ظاهرة الدعارة بشكل كبير. في فيلمه " ربيع، صيف خريف، شتاء، ربيع " يأخذ الجنس منحى الخطيئة، حيث يمارس الشاب الجنس في المعبد والذي يتدرب على أن يكون كاهنا مع مراهقة تستهويه وهو مراهق . تم يقوم بممارسة الجنس معها على ظهر صخرة قرب البحيرة وفي المعبد. هنا الشابة المراهقة تُمارس الغواية على الشاب ويرتكب الخطيئة ووجب عليه الطرد من المعبد والسفر بحثاً عنها بعدما قدمت للبحث عن العلاج لأول مرة. في فيلم " الفتاة سماريا" يعالج المخرج ظاهرة متفشية في المجتمع الكوري، ظاهرة دعارة الطالبات، فتعمد الطالبة الأولى لممارسة الجنس مع أشخاص كبار في العمر وهي لاتبلغ الثالثة عشرة من العمر بمقابل مالي، وتمد ما تجنيه إلى صديقتها، وبعد انتحارها ، تعمد صديقتها للتكفير عن خطيئتها بممارسة الجنس مع نفس سلسلة الرجال الذين مارست معهم صديقتها الأولى وتُعِيدُ لهم أموالهم وتشكرهم في استغراب دون فهم الرجال ما تقوم به الفتاة الصغيرة وهي ذات 12 ربيعاً في حيرة من والدها الذي يحاول كشف هذا اللغز الكبير. في فيلم " حديد3″ تقوم سيدة بخيانة زوجها والتعلق بشاب والهرب معه وممارسة الجنس معه، وبعد سجن الشاب تتماهى معه وهي تقوم بتقبيل زوجها وعناقه على أن من تقوم بمضاجعته ومجالسته هو الشاب وليس زوجها. مشكل الخيانة يطرحه المخرج بحدة في فيلمه " تنفس " حيث البطلة فنانة لفن النحت، تعمد وهي مصابة بالإكتئاب بعد انتحار أحد أصدقائها إلى زيارة سجين تراه على شاشة التلفزة وتتابع أخباره وتزوره بالسجن. وتمارس معه الجنس بشكل جنوني حيث تعمد إلى إغلاق أنفه بأصابعها وبقبلةٍ حارةٍ وطويلةٍ تعضه في نهاية المطاف لولا تدخل حارس السجن.. في نفس الفيلم نرى السجناء الأربعة كيف يقومون بالاستمناء وممارسة الجنس مع بعضهم البعض في إشارة إلى الكبت الذي يغلف المجتمع الكوري. في فيلم " رحمة" يقوم البطل بعد ضبط سيدة تشتغل في محل للحديد بممارسة الجنس مع رفيق لها بالعمل بممارسة الجنس من الدبر بشكل عنيف ، فيعمل بطل الفيلم بعدما ينزعُ ملابسها إلى معاقبتها بعنف وضربها على ظهرها بثيابها الداخلية. في هذا الفيلم العنيف يعمد البطل الى الإستمناء أكثر من مرة على الرغم أن امرأة كانت تأوي بجانبه في الفراش. و تعمد بعد إلى إكمال نشوته بيدها وبعد ذلك تهجره. يغدو الجنس هنا رغم الرغبة القوية التي تبديها البطلة بالإمتناع من طرف البطل بدون رحمة لكونه عاجز جنسياًعن ذلك. العجز كذلك نراه بعدما يعمد الطفل الصغير في فيلم " تمساح " إلى محاولة قطع العضو التناسلي لبطل الفيلم تمساح، ويعمد العجوز إلى خيط العضو التناسلي ويطمئنه أنه على ما على ما يرام. في فيلم مشهد مؤثر تقوم بطلة الفيلم الصغيرة والتي تأتيها الرغبة القوية بفض بكارتها بواسطة الرمح وتظهر وتستفيق البطلة وهي ملطخة بالدم. نفس مظاهر الدم تظهر في مشهد عنيف يتسم بالعنف وبالقسوة وبالغرابة حيث تعمد بطلة الفيلم إلى وضع خمس صنارات في فرجها وتنزعها من خلال خيط الصنارة بقوة في صرخة مؤذية ومدوية بعدما هم عشيقها بالرحيل. مشهد مؤثر جعل الفيلم يحظى بشهرة عالمية وبرواج تجاري للفيلم وباستحقاقات فنية وجوائز عالمية. يمكن القول أن الجنس يوظف من قبل المخرج في تتابع سردي ويبرز شيزوفرنية المجتمع الكوري ومظاهر الكبت فيه وتعاطيه مع الجنس بطرق غريبة وغير عادية. الانتحار و العائلة ، المدينة، العنف والماء تبدو العائلة في سينما المخرج كيم كي كود مفتتة، تخترقها الخيانات من كل جانب فبطلة فيلم " تنفُس " تخون زوجها. والزوجة في فيلم " حديد3 " تخون زوجها على مرآى منه. والفتاة اليافعة في فيلم " الفتاة ساماريا" تُمارس الجنس مع سلسلة من الرجال وكذلك حال صديقتها وتكذب على والدها. تبدو العائلة وأواصرها وروابطها مفككة. وتضيق المدينة بسكانها جراء تفشي الفساد و الدعارة وبفساد السلطة، فيظهر مفتش شرطة لِواطياً يعتدي ظلما على بطل فيلم " تمساح " بعدما رفض ممارسة الجنس معه، ونرى بطل فيلم " حديد 3″ ينال قسطا كبيراً من الضرب والتعنيف من قبل الشرطة لجريمة لم يرتكبها سواء داخل ردهات التحقيق أو داخل الزنزانة حيث يتم الإعتداء عليه بشكل قوي جداً. في هذه الأفلام " رحمة "، " تمساح "، " حديد3 " تبدو المدينة ممزقة تلفظ أنفاسها جراء القتل والعنف المستديم والمستشري بقوة داخل المجتمع مع ما يصاحبها من فساد وكبت ودعارة… يعاني أبطال سينما المخرج كيم كي كود، عزلة ووحدة قاتلة وانفصالاً حاداً عن حاضرهم وماضيهم، لايكثرتون بماضيهم ويعانون في صمت رهيب. هائمون على وجوههم لايحلمون بمستقبل ولا بأي شيء. سينما تعمد للقسوة المبالغ فيها حيث تبدو الطفولة وبراءتها مغيبة في هذه الأفلام ، فنجد اللقطاء يرمى بهم في المعبد في فيلم " دوام الفصول ". ونفس الطفل الذي يتعلم التعاليم البوذية يمارس العنف على الحيوانات بدوره. الطفل المتسكع في فيلم " تمساح " مجهول الهوية يلزمه الشاب العنيف تمساح بالاشتغال وبالمتاجرة في المخدرات والسرقة لحسابه. تبدو المرأة داخل دوامة هذا المجتمع مضطهدة ويمارس عليها العنف والقهر، عاهرة قابلة لممارسة الجنس في كل الوضعيات، خائنة لزوجها وهائمة على وجهها. تحضر تيمة الماء بشكل قوي في أفلام المخرج كِيم كِي- كُود، ففي فيلم "تمساح " كل أحداث الفيلم تدور حول نهر" هاو" يخترق مدينة سيول، وفيه ينتحر بطلا الفيلم غرقا. وفي فيلم " الجزيرة" كل مشاهد الفيلم تتم وسط جزيرة صغيرة كما هو عنوان الفيلم وسط بيوت على شكل مراكب صغيرة. وفي فيلم" ربيع، صيف، خريف ، شتاء، ربيع" كل أحداث الفيلم تمر في بحيرة جميلة محاطة بالجبال ومغطاة بالأشجار خلال تعاقب فصول السنة بدءاً بفصل الربيع. وفي فيلم " القوس" يعيش العجوز والفتاة الصغيرة في مركب، وينتهي الفيلم بانتحار العجوز في البحر. وفي فيلم "الفتاة سماريا" يسافر الأب رفقة الفتاة الصغيرة بعيداً حتى يصل به المطاف إلى أحد الأنهار وهناك يتركها في جو ماطرٍ، وفي مكان موحل، حتى تستطيع بنفسها التعلم كيف تخرج من الوحل / الدعارة التي وضعت نفسها فيها. رمزية الماء في هذه السينما تشير إلى الإغتسال والطهرانية من الخطايا. كما لايمكن أن ننسى أن المخرج اشتغل لمدة طويلة بالبحرية الكورية وتولدت له تلك العلاقة الحميمية مع الماء، وبتعلقه بالتعاليم البوذية. تبدو العلاقات الإنسانية هشة في سينما المخرج كِيم، نفسها الصداقات تنمحي وتدوب في لجة الانتحار. وتأخذ العلاقات العاطفية في سينما المخرج منحى النفور والتصادم والمواجهة وتنتهي في غالبيتها بالفراق أو الموت أو الإنتحار. سينما الشياطين والملائكة في فيلم " أرغيغانو " أو " صناعة فيلم " (2011)، وهو فيلم وثائقي عن عمل المخرج وكيفية اخراج أفلامه يصرح المخرج أن " في تعابير الممثلين عن أحاسيسهم هناك أشياء للأسلوب. يوجد اختلاف بين أدوار الملائكة الذين يقومون بأدوار خيرة، وأدوار الشياطين الذين يقومون بأدوار سيئة (شريرة)، وعلى الممثل أن يؤدي أدوراً شيطانية. حقيقة تستهوي الممثلين أدوراً قاسية ومتفجرة ". يظهر المخرج في هذا الفيلم الوثائقي بأقدام مشقوقة يصاحبه في منزله الجبلي قط ويتناول الثوم واليقطين. لهذا ينزع المخرج إلى انتقاء أدوار متفجرة تملؤها الخطيئة ومحفوفة بالخطر والشر والمساوئ. في سنة 2008 وأثناء التصوير كادت احدى بطلات أفلامه تموت غرقاً وهي تؤدي مشهداً خطيراً لتنجو من موت محقق. هذه الحادثة أثرت بشكل كبير في حياته. فسعى في عام 2011، إلى اخراج فيلم وثائقي عن شخصيته وأعماله السينمائية، فأجهش بحالة من البكاء لم يستطع التغلب عليها وهو يشاهد مشهداً من فيلم " ربيع، صيف … " لبطله وهو يصعد الجبل جاراً وراء ظهره صخرة مربوطة. يعتقد المخرج كِيم جازماً أن السينما مزيج متعدد " لدي فكرة مهووسة بها، مهووس بالسينما كمزيج من التوتر، من الأزمة، من السلام، من السخرية والدمار. بالنسبة لي السينما هي كل هذا في نفس الوقت ". في سينما المخرج كيم كي كود، سينما الشياطين والسيئات والقبح لإبراز الجوانب الإنسانية للكائن الإنساني في عزلته وصمته وفردانيته القاتلة والموحشة وهو يواجه مصيره المحتوم ويطرح على نفسه سؤال ما المآل؟!!!