جعل المغرب، على الدوام، من سياسة تقاسم تجربته ونقل خبرته أساس وقاعدة سياسته الإفريقية، حيث يعمل بلا كلل ولا ملل، ودون ادخار أي موارد أو جهود من أجل تعزيز التزامه بالعمل من أجل ضمان تنمية مستدامة ومنصفة بالقارة. وتعد مشاركة المملكة في أشغال القمة الأولى لقادة ورؤساء دول وحكومات لجنة المناخ لحوض الكونغو والصندوق الأزرق لحوض الكونغو، دليلا إضافيا وجديدا على التزام المغرب بالعمل من أجل نهوض قارة إفريقية تتوفر على رؤية واضحة لمستقبلها وقادرة على التحكم في مصيرها. وكان جلالة الملك محمد السادس، الذي سبق أن أكد في خطابه أمام القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي (31 يناير 2017 بأديس أبابا)، «إن منظورنا للتعاون جنوب-جنوب واضح وثابت : فبلدي يتقاسم ما لديه، دون مباهاة أو تفاخر»، قد أعلن في خطاب افتتاح «قمة العمل الإفريقية» التي انعقدت في نونبر 2016 بمراكش على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22) أن المغرب « سيشرف على شبكة إفريقية للخبرات المناخية، انطلاقا من مركز الكفاءات للتغير المناخي الذي يحتضنه المغرب». وحرصا منها على تحويل الأقوال إلى أفعال، التزمت المملكة المغربية بمواكبة تفعيل الصندوق الأزرق لحوض الكونغو من خلال مركز الكفاءات للتغير المناخي، وذلك تنفيذا للقرارات التي أقرها وزراء البيئة والمالية للمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الوسطى ومجموعة دول شرق إفريقيا في ختام مؤتمرهم المنعقد في أكتوبر الماضي بجمهورية الكونغو (برازافيل). ويراهن المغرب، الذي يسعى إلى أن يغذو نموذجا يحتذى في مجال مكافحة التغيرات المناخية على مستوى القارة الإفريقية، على تمكين البلدان المنخرطة في مبادرة إحداث الصندوق الأزرق من الخبرة التي راكمها مركز الكفاءات للتغير المناخي التي يتولى أيضا تنسيق الدعم التقني. وتعد قمة قادة دول ورؤساء حكومات بلدان لجنة المناخ لحوض الكونغو، والصندوق الأزرق لحوض الكونغو مناسبة لاستعراض حصيلة أنشطة اللجنة والصندوق وإتاحة المجال أمام القادة المشاركين من أجل تحديد وتعزيز الوسائل والآليات الضرورية لتسريع وتيرة تفعيلهما في ارتباط مع تطلعات الدول والقطاع الخاص والسكان والشركاء التقنيين والماليين. وتعكس هذه القمة الرفيعة المستوى إرادة الدول الأعضاء بلجنة المناخ لحوض الكونغو في العمل بشكل جماعي وتضامني من أجل ضمان قدرة القارة الإفريقية على مواجهة التغيرات المناخية التي ترهن مستقبلها، وذلك من خلال مقاربات إقليمية وجهوية. كما تؤكد هذه القمة الانخراط الكامل للمملكة المغربية وتجندها، إلى جانب الدول الإفريقية، من أجل التصدي للتحديات الكبرى التي تواجه القارة، وتعزيز قدرات هذه المنطقة من العالم في مواجهة التهديدات الناجمة عن التغيرات المناخية، وهو ما تشهد عليه بوضوح مبادرة «تكيف الفلاحة في إفريقيا مع التغيرات المناخية» التي تعرف باسم «تريبل أ». وتشكل هذه المبادرة، التي أطلقها المغرب خلال الدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22 )، جوابا مبتكرا وعمليا للغاية إزاء التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي بالقارة الإفريقية. وتروم مبادرة (تريبل.أ)، التي حظيت فور الإعلان عنها بدعم وتأييد نحو ثلاثين دولة، جمع التمويل اللازم لفائدة تأقلم وتكيف صغار الفلاحين الأفارقة مع التغيرات المناخية، إلى جانب مواكبة الهيكلة وتسريع إنجاز مشاريع فلاحية، اعتمادا على أربع برامج تهم التدبير العقلاني للتربة والتحكم المستدام في ماء الري وتدبير المخاطر المناخية، فضلا عن التمويل المتضامن لفائدة حاملي المشاريع الصغرى. وسواء تعلق الأمر بمبادرة (تريبل أ)، أو اللجان التي تم إحداثها بمناسبة انعقاد «قمة العمل الإفريقية» التي انعقدت في نونبر 2016 بمراكش على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22)، وهي لجنة منطقة الساحل ولجنة حوض الكونغو ولجنة الدول الجزرية، فإنها تشترك جميعا في السعي نحو تحقيق هدف أسمى واحد يتمثل في بناء أسس مستقبل متضامن وأكيد من طرف الأفارقة ولفائدة الأفارقة.