كيف يمكن لإفريقيا الاستفادة من أنماط التمويل المبتكرة، للدفع بتنميتها وإحداث التحول المنشود بها؟ يشكل هذا السؤال الاهتمام المحوري للمشاركين في المنتدى التاسع لتنمية إفريقيا الذي افتتحت أشغاله رسميا مساء أمس الاثنين 13 أكتوبر 2014 بمراكش . و يضع المنتدى على مائدة النقاش مجموعة من المحاور المرتبطة بموضوعته المركزية، تهم تعبئة الموارد الوطنية والتدفقات المالية غير المشروعة، والرساميل الخاصة والأشكال الجديدة للشراكة وتمويل التغيرات المناخية . وعكست النقاشات التي عرفتها الورشات الموازية التي انطلقت أول أمس الأحد ، انشغالات بلدان القارة الإفريقية والمشاكل التي تعوق تنميتها، والرهانات الاقتصادية الكبرى التي تستلزم تعبئة مندمجة لكل الموارد قصد تمكين القارة من فرص مستدامة للتنمية. فإفريقيا التي لا تمثل كلا متجانساً، بل فسيفساء من أربع وخمسين دولة وتضم ألف وخمسمائة إثنية ، تواجه سلسلة من المشاكل مرتبطة بحدة الفقر والانفجار السكاني وضعف جودة الحياة وسوء في توزيع الثروة، وهشاشة الاستقرار، والتفاوت في الاستفادة من التنمية، والتدفقات المالية غير المشروعة، وضعف الحكامة الرشيدة، والتهرب الضريبي .. وتجمع تدخلات المشاركين على أن ضعف تعبئة الموارد الداخلية، يشكل عائقا أمام التنمية بإفريقيا. ويرتبط هذا المشكل بضعف نسب الادخار العمومي والخاص بسبب سوء تدبير نسب الفوائد ، وتعقيدات المساطر الإدارية والتهرب الضريبي والرشوة ، والعجز في نمو الأنظمة المالية . وتؤكد على ضرورة استغلال البلدان الإفريقية لمواردها الداخلية للاستجابة لحاجياتها في تمويل التنمية، وذلك عبر توسيع الوعاء الضريبي ، والرفع من مستوى الادخار وتطوير أسواق الرساميل للوصول للاستثمار الخارجي المباشر ، وغيرها .. وتشير نقاشات المنتدى الى أن تهريب الأموال من إفريقيا يشكل عاملا لإحباط مشاريع التنمية بها، وحرمانها من استغلال كامل مواردها، إذ تؤكد المعطيات المتعلقة بهذه الظاهرة أن حجم الأموال المهربة من القارة يتجاوز خلال العقد الأخير خمسين مليار دولار سنويا، وهو رقم يفوق بكثير الدعم العمومي للتنمية الذي تلقته القارة بكاملها . ويشكل تجويد مناخ الاستثمار، أحد أهم الرهانات المرتبطة بتمويل التنمية بالقارة، ويمر ذلك عبر تعزيز قدرات الحكامة الجيدة، بما يفترضه ذلك من إصلاح متكامل للقضاء والإدارة وضمان شفافية أكبر على نُظم المعاملات، وتأهيل النظام البنكي .. وتؤكد أشغال المنتدى التاسع لتنمية إفريقيا أن القارة في حاجة إلى أنماط جديدة من الشراكة، تجعلها في مأمن من تقلبات السوق المالية العالمية في ظل اقتصاد عالمي متحول . إذ على القارة الإفريقية أن تعتمد على شراكات تستفيد فيها من إعادة التوازن لصالح القوى الناهضة وخاصة البرازيل والصين والهند مثلما ينبغي لها أن تعمل على تعميق الاندماج الجهوي للاستجابة لانتظارات القارة . وتمثل التغيرات المناخية أحد المحاور الأساسية التي شغلت المشاركين في المنتدى التاسع للتنمية بإفريقيا . فالمعطيات العلمية تؤكد أن البلدان الإفريقية هي الأكثر تضررا من تبعات التغيرات المناخية ونتائجها . فالقارة ستعرف ارتفاعا لظواهر الجفاف والفيضانات والأعاصير وغيرها من الظواهر المترتبة عن التغيرات المناخية ، التي ستؤثر بشكل كبير على اقتصاديات هذه البلدان وتحد من درجة تنميتها، وهو ما يجعل القارة في حاجة لتمويل مشاريع ترميم تداعيات هذه التغيرات، ودعم إرساء آليات اقتصاد نظيف يحافظ على الموارد الطبيعيةو يحترم التوازنات الإيكولوجية . ويمثل منتدى تنمية إفريقيا الذي ينعقد هذه السنة بمراكش تحت الرعاية السامية لجلالة الملك ، لحظة مهمة لتعميق النقاش في قضايا تمويل التنمية بالقارة الإفريقية . ويعرف مشاركة حوالي 800 شخصية من رؤساء الحكومات والخبراء والأكاديميين ورجال الأعمال و ممثلي المجتمع المدني . علما بأن هذه التظاهرة التي تنظمها اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، تنعقد مرة كل سنتين للتباحث في الاستراتيجيات التي ينبغي بلورتها لضمان آليات لتمويل التنمية بإفريقيا .