توجد على مكتب الحكومة نسخة محينة من مشروع تعديل النظام المحدد لكيفية تأسيس وتسيير صندوق الضمان التكميلي عند الوفاة. وهو مشروع، بتلخيص الكلام، يتعلق بالتعويضات التي تقدمها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية للمتوفين من منخرطيها. وقصة هذا المشروع بدأت منذ 7 سنوات، وبالضبط في مراكش 2011،عندما قرر الجمع العام الرفع من نسبة ووعاء اشتراكات المنخرطين مقابل تحسين جودة الخدمات المسداة إليهم.... هذا القرار تم رفعه إلى الحكومة السابقة وصادق عليه وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، بشكل مشترك. غير أن التشكيل الجديد لحكومة العثماني اقتضى، في «جيمناستيك» غريبة نوعا ما، تحيين توقيع وزير التشغيل، ما دام وزير المالية ظل هو بوسعيد نفسه.. هذا التحيين ما زال لحد كتابة هذه السطور لم يتم، والحكومة عمليا في نصف ولايتها. واستوجب التذكير توجيه خطابات عديدة، منها واحد إلى رئيس الحكومة في نونبر من السنة الحالية، وأخرى للوزير المعني، وزير التشغيل والإدماج المهني، تتضمن لائحة لتوقيعات المجلس الإداري. وهذا بحد ذاته يثير الاستغراب، أن يطلب من التعاضدية توقيعات مجلسها الإداري، كما لو أن هناك مراهنة على ألا يحصل ذلك أو يكون الموضوع مثار خلاف قد يعصف بوحدة التعاضدية، وفي هذه الحالة يكون الغرض بعيدا عن التدبير الإداري أو المقتضيات القانونية بقدر ما يكون دق الإسفين ...بين مكونات التعاضدية وهذه قصة أخرى ليس مجال ذكرها الآن.. سيل من الرسائل سبق هذه الخطابات الموجهة إلى الحكومة، وما زال العاطي يعطي ولاشك؟ السؤال في النازلة ليس مسطريا بقدر ما هو وظيفي: لماذا هذا التأخر، هل يعود سببه إلى شك في مصلحة المنخرطين؟ أم شك في قدرة التعاضدية على تبرير الزيادات المتوقعة لفائدتهم؟ هل هي رقابة بعدية على توقيعات وزراء آخرين؟ بالنسبة لمصلحة المنخرطين يمكن الجواب عنها بتلخيص سريع: -1 يقترح التعديل الجديد الاستفادة من تعويضات الوفاة لصالح المنخرط بعد 5 سنوات عوض 10 سنوات نص عليها القانون الأصلي الذي تم تعديله . -2 الرفع من التعويضات من 6500 درهم، تم إقرارها منذ ربع قرن، إلى 30 ألف درهم في التعديل الجديد..كتعويض عن التقاعد، ثم من 19 ألف درهم عند الوفاة إلى 50 ألف درهم. -3 أي تعطيل لهذا التعديل نتيجته حرمان أزيد من جيلين من الموظفين. -4 توفير الشروط لإبقاء الصندوق تحت طائلة الإفلاس .. -5إحداث تعويض سنوي دائم قدره 500 درهم للأبناء تحت الكفالة ذوي الحاجات الخاصة المصرح بهم لدى التعاضدية العامة .... وللإفلاس هنا قصة تُحكى، «ففي 2009 أجمعت تقارير المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات ومندوب الحسابات ودراسات الخبراء الداخليين والخارجيين على أن حالة الإفلاس مستقرة فيه.. ولا بد من إنقاذه، وهنا جاءت فكرة التموينات من جديد لضمان استمرار خدمة التقاعد، والرفع من المدخرات للابتعاد عن شبح الإفلاس. وتم إقرار كل هذه الهيئات على ضرورة تحسين الجودة والرفع من قيمة الاستفادة، لكي يتفاعل المنخرطون مع الرفع من قيمة مشاركتهم، أو وعاء الاشتراكات بلغة أهل التعاضد، بمبالغ تتراوح ما بين الحد الأدنى 50 درهما وحد أقصى 150 درهما بالنسبة للمنخرطين النشيطين، و15 درهما إلى 75 درهما بالنسبة للمتقاعدين.. لعل المثير في الملف، الذي نتابع «نيرانه الصديقة» عبر الإعلام هنا وهناك، منسجم ومتكامل مع وظيفة أية تعاضدية، لهذا يكون السؤال مشروعا عندما نستفهم:أية مبررات تعطل استكمال الإدارة لدورتها، وما هي الموجبات التي تجعل الإدارة لا تضمن استمرار توقيعها الذي سبق أن قام به وزير التشغيل ووزير المالية؟ سؤال، لا بد من أن يجد جوابه داخل أروقة المجلس الحكومي، كي لا يبحث المتقاعدون في التعاضدية عن تفاسير تهويلية من خارج منطق الإدارة، المحكوم بالاستمرارية. الواضح، أن الحكومة، في شخص وزارتها المعنية بالتوقيع اختارت «يد الميت»، كما يقول المغاربة للتعبير عن حالة الشلل، في ملف الوفاة!