تزايد عدد المتحدثين باسم الدين الإسلامي، من مرشدين وفقهاء ومنشطي برامج إذاعية، بعضهم يُروّج مضامين لا علاقة لها بالعقل والعلم، بل منها ما يدخل في خانة الشعوذة، ومنها ما يعتبر تضليلاً وافتراء خطيراً قد تكون نتائجه وخيمة على الناس، مثل ذلك الشخص الذي يقدم نفسه مرشدًا في إحدى المحطات الإذاعية، والذي اعتبر مرض السرطان عقوبةً إلهية. ويمكن القول إن تطور هذا التوجه المتخلف، واستحواذه على الفضاءات بشكل متواصل، ينذر بتفشي ظواهر الشعوذة والفتاوى الظلامية وغيرها من الفظاعات التي تستند إلى ثقافة خرافية، تُكرِّس الجهل والمعتقدات اللاعقلانية، المستمدة من تراث مغرق في الانغلاق على العلم والتقدم الذي عرفه الفكر الإنساني، في مختلف المجالات. ولا تخفى هنا خطورة ثقافة هؤلاء المشعوذين، الخرافية والمتخلفة، على وعي الناس، خاصة وأنهم يدعون الاستناد إلى التراث الديني، مما يجعل تأثيرهم كبيرا ونفوذهم قويا، خصوصا لدى بعض الفئات الشعبية، كما أن هذه الخطورة تمتد كذلك إلى الأطفال والشباب، الذين من المفترض فيهم الانخراط الفاعل في التقدم العلمي والتخلص من الفكر الخرافي، الذي يشكل سقفاً حديدياً، يٓحُدّ كثيراً من قدرات التعلم والفهم. لذلك، لا يحق للدولة ولكل الفاعلين السياسيين والعاملين في مجالات التربية والإعلام والمجتمع المدني والقيّمين على الشأن الديني، تجاهل ما يحصل وكأن الأمر هامشي ولا فاعلية له، لأن التسامح مع الشعوذة والدعوات الخرافية، قد يجعلها تتطور وتمتد وتنتشر بكل تأثيراتها السلبية، وخطورتها الفعلية على وعي وممارسة الناس. هناك العديد من الأدوات التي يمكن استعمالها للحد من انتشار هذه الظواهر، في الفضاءات العامة، منها القانوني، ومنها أيضا تحمل المسؤولية من طرف المحطات الإذاعية، التي تفتح أبوبها للشعوذة، بهدف الربح التجاري، وكذا كل الفاعلين الآخرين، الذين لا يمكنهم تجاهل خطورة انتشار مثل هذا الفكر، في الوقت الذي يعاني مجتمعنا من مشاكل الجهل والأمية وضعف الثقافة والقراءة والتكوين، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على النموذج التنموي، بكل أبعاده التربوية والاقتصادية والاجتماعية.