التنبيه إلى خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتضامن مع الجماهير الشعبية في احتجاجاتها السلمية والمشروعة إن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المُنعقد بتاريخ 3 فبراير 2018 بالرباط، وبعد مناقشته لتقرير المكتب السياسي، ولمجمل التقارير الأخرى، وكذا لمشروعي القانون الأساسي والنظام الداخلي، وميثاق خاص بالتنظيم المالي ومشروع الميزانية، وبعد كل الإسهامات الغنية والعميقة التي قدمتها عضواته وأعضاؤه، حول تشخيص الوضع السياسي وآفاق العمل الحزبي، من أجل جعل 2018 سنة تجديد التنظيم، فإنه يستحضر ما يلي: أولا، نتائج المؤتمر العاشر المتمثّلة في مقرراته والوثائق السياسية والتنظيمية المصادق عليها وكذا بيانه العام. ثانياً، البلاغات الصادرة عن المكتب السياسي، حول مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ثالثا، التراكم الفكري والسياسي، للحزب، الذي يشكل تراثا تاريخيا، والذي جاء كثمرة لاجتهادات جماعية ولمساهمات القيادات الوطنية والمحلية، وشكل أهم مرجعيات الخطاب الديمقراطي الحداثي، في بلادنا. رابعاً، الصيرورة النضالية الميدانية للحزب، على كافة الأصعدة، الوطنية والمحلية والقطاعية. انطلاقا من هذه الأسس، فإن المجلس الوطني، يؤكد: 1 – تثمين التماسك والتوازن والوضوح، الذي طبع مسار حزبنا، منذ المؤتمر الوطني العاشر، في ظرفية سياسية تميزت بضبابية في مواقف ومواقع العديد من التشكيلات، واهتزازات في أوضاعها التنظيمية، مما كان له بالغ الأثر على المشهد السياسي، وبما ترتب عن ذلك من تعميم صورة سلبية عن النخب السياسية لدى المجتمع، ومصداقية خطابها وجديتها في التعامل مع الأوضاع العامة. 2 – رفض الخطاب الشعبوي، الذي تروجه بعض المنابر الإعلامية، حول العمل السياسي، من منطلق أن الهيئات الحزبية والنقابية والجمعوية، لا تقوم بدور كافٍ في الوساطة. ويعتبر المجلس الوطني أن الدور الأساسي لهذه الهيئات هو تمثيل أعضائها، والنضال من أجل تحقيق مطالبها والمساهمة في الشأن العام، سواء من موقع الأغلبية أو المعارضة أو المجتمع، مما يستدعي من المؤسسات التنفيذية والتشريعية القيام بدورها الذي يخوله لها الدستور، فهي المسؤولة عن تنفيذ السياسات العمومية، ومراقبتها وتقييمها، بشراكة مع هيئات التشاور. 3 – اعتزاز الحزب، بأداء ودور الفريق البرلماني بمجلسي النواب والمستشارين، وكذا بوزرائه في الحكومة، في القطاعات التي يشرفون عليها، واحترام الحزب لاتفاقاته داخل الأغلبية الحكومية، بناء على تقديره لجدوى المشاركة من أجل الإصلاح من داخل المؤسسات، والمساهمة، بكل إخلاص ونزاهة، في تجاوز الهدر السياسي، الذي طبع السنوات الأخيرة، والذي كاد أن يجهز على كل المكتسبات التي جاء بها الدستور الجديد، من قبيل الإصلاح الديمقراطي والحقوقي والاجتماعي والثقافي وعلى مستوى المشاركة السياسية والحكامة والمساواة... في وقت كان سقف الانتظارات والتطلعات، عالياً، حتى تتجاوز بلادنا مظاهر الحيف والتهميش والتخلف، ويؤكد حزبنا على ضرورة تعميق التنسيق داخل الأغلبية الحكومية، حول مختلف المشاريع والمقترحات. 4 – التنويه بالمبادرات التي تم اتخاذها في مجال تكريس المساواة بين الجنسين، كان آخرها السماح للمرأة بتولي مهنة العدول، بكل ما تحمله هذه المسؤولية من حمولة ثقافية، في مجتمعنا المغربي، ونعتبر أن التفعيل الديمقراطي للدستور، في مجال المساواة، يحتم على كل المؤسسات الرسمية والشعبية، العمل على توفير كل الأدوات والوسائل وتغيير العقليات، لإنصاف النساء ورفع كل أشكال الحيف والتمييز ضدهن. 5 – الدعوة إلى تعميق التأويل الديمقراطي والحداثي للدستور، خاصة في ما يتعلق بالحريات الجماعية والفردية، وحقوق الإنسان، والتصدي لكل محاولات إعادة إنتاج النماذج الثقافية المتخلفة، التي تسعى إلى النكوص والانغلاق، بدل التحرر من قيود الفكر الرجعي، والسير في طريق التنوير والانفتاح على الحضارات الإنسانية المتقدمة وعلى سيادة العقلانية والعلم والفكر النقدي. ويجدد الحزب انخراطه في معركة التحديث، إلى جانب كل المؤسسات والهيئات التي تسعى إلى ذلك، في إطار تحالفات واضحة الأهداف والغايات، لمقاومة تيارات الغلو والإيديولوجيات الظلامية. 6 – التأكيد على أهمية الإصلاحات السياسية، خاصة ما يتعلق بالمنظومة الانتخابية، التي أثبتت التجربة الملموسة أنها لم تعد صالحة، بل إنها أصبحت من أسباب إنتاج الرداءة في أداء المؤسسات المنتخبة، وفي إعطاء صورة سلبية عن النخب، وترويج قيم الفساد والرشوة والزبونية، سواء بأشكال مباشرة عن طريق شراء الأصوات أو غير مباشرة عبر شبكات الإحسان المغشوش، لذا فإن الحزب يُلِحّ على ضرورة فتح هذا الورش بشكل مبكّر، قصد معالجة الاختلالات التي تعتريه. 7 – العمل على إجراءات فعلية في أرض الواقع، عبر تعميق سياسات وإجراءات الشفافية، وتخليق الحياة العامة ونشر قيم النزاهة عبر التربية والتكوين والإعلام، والربط الحقيقي للمسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الريع والزبونية، ومواصلة العمل على تحويل مكافحة الفساد إلى تدابير فعلية، وتفعيل قيم النزاهة في المرفق العام، ويأمل الحزب أن تساهم التدابير التي اتخذتها الحكومة في شأن مكافحة الفساد في التخفيف من آثاره المدمرة للاقتصاد والمجتمع. 8 – التنبيه إلى خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، الذي تظهر ملامحه بجلاء في حياة العديد من الفئات الفقيرة وحتى المتوسطة، حيث اتسعت مظاهر التهميش، وتعمقت الفوارق الطبقية والمجالية، في غياب استراتيجية ناجعة للتخفيف من هذه الأوضاع، مما أدى إلى خروج المواطنات والمواطنين للاحتجاج، في الحسيمة وزاكورة وأوطاط الحاج وجرادة، في السنوات الأخيرة. 9 – التضامن مع الجماهير الشعبية، في احتجاجاتها السلمية والمشروعة، والمطالبة بإحداث تغييرات جذرية، في المجالات الاجتماعية من تعليم وصحة وتشغيل، وفي النموذج التنموي، الذي أصبح الجميع يعترف بضرورة مراجعته، غير أَن هذا الاعتراف لا ينبغي أن يتحول إلى شعار للاستهلاك، أو مبرر لبعض الحلول الترقيعية، بل يجب أن يكون مناسبة للقيام بتقييم شامل للهياكل الاقتصادية والاستثمارات وتوزيع الميزانيات، وكذا الأنظمة الضريبية وآليات الحماية الاجتماعية، واحترام التوازن بين المناطق والجهات والحد من التفاوتات المجالية بهدف إنصاف الفئات الفقيرة والوسطى والمناطق المهمشة. 10 – توجيه السياسات العمومية نحو الإصلاحات الاجتماعية العميقة، التي تؤسس للتنمية الحقيقية، والرفع من مداخيل المواطنين والمساهمة في حماية قدرتهم الشرائية، مع تعزيز المكانة المركزية للدولة في المجهود الوطني للتنمية البشرية، وترسيخ دورها الأساسي في تجويد الخدمات العمومية، لمواجهة الخصاص الكبير والهشاشة الحاضرة بقوة لدى العديد من الفئات الاجتماعية. ويجب أن تكون هذه المراجعة، مناسبة للقيام بتقييم شامل للهياكل الاقتصادية والاستثمارات وتوزيع الميزانيات، وكذا الأنظمة الضريبية، وآليات الحماية الاجتماعية، واحترام التوازن بين المناطق والجهات، والحد من التفاوتات المجالية، بهدف إنصاف الفئات الفقيرة والمتوسطة والمناطق المهمشة. وفي هذا الإطار فإن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لا يمكنه أن يزكي أية سياسات أو إجراءات تسير في اتجاه تملص الدولة من واجباتها، أو المس بمجانية التعليم العمومي، لأن البدائل التي تحفظ كرامة المواطنين وتصون حقوقهم وأوضاعهم، ممكنة، وتحتاج لجرأة سياسية وشجاعة لتغيير النموذج التنموي، الحالي، في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، والذي كان وراء تكريس الأوضاع الراهنة.