الاتحاد - وكالات قال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي للكونجرس يوم الاربعاء الماضي إن التأييد لتنظيم الدولة الاسلامية زاد بعد بدء الضربات الجوية الامريكية في العراق وإن الجماعة المتشددة قد تحتجز مزيدا من الرهائن لمحاولة انتزاع تنازلات من واشنطن. وقال مدير المكتب جيمس كومي إن تنظيم الدولة الاسلامية «ملتزم بزرع الخوف وجذب مجندين» واجتذاب الاهتمام العام كما اتضح من خلال استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي وفي لقطات فيديو نشرها عن ذبح الصحفيين الأمريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. وقال كومي في شهادة امام الكونجرس بشأن التهديدات للأمن الداخلي الامريكي إن «استخدام التنظيم الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي والدعم المتنامي عبر الانترنت تزايد عقب بدء الضربات الجوية الامريكية في العراق.» وحذر من أن تنظيم الدولة الاسلامية وغيره من الجماعات «قد يواصلون محاولة احتجاز رهائن امريكيين سعيا لاجبار الحكومة والشعب الامريكي على تقديم تنازلات لن تؤدي الا لتعزيز تنظيم الدولة الاسلامية وزيادة عملياته الارهابية.» وقال مات اولسن مدير المركز الوطني لمكافحة الارهاب إن تنظيم الدولة الاسلامية يجمع حوالي مليون دولار يوميا من بيع النفط في السوق السوداء والتهريب والسرقات ومدفوعات الفدية للافراج عن الرهائن. ولا تدفع الولاياتالمتحدة ولا المملكة المتحدة فدية للافراج عن الرهائن على عكس بعض الدول الاوروبية. وقال مسؤولون عن الامن الداخلي للجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب إن قدرة الجماعة على تنفيذ هجمات داخل الولاياتالمتحدة تعتمد جزئيا على استخدامها الواسع والمتطور لوسائل التواصل الاجتماعي لدفع امريكيين الى التطرف. وقال اولسن إن الجماعة تستخدم تلك الادوات فيما تجتذب مجندين من بين أكثر من 15 الف مقاتل اجنبي في سوريا وقد يعودون لبلادهم «وقد صقلتهم المعارك وتطرفوا وعقدوا العزم على مهاجمتنا.» كيف يجند المقاتلين في اوروبا ؟ إلى ذلك، يقدم الناشطون الاوروبيون في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية على الانترنت قتالهم في سورياوالعراق على انه الجنة الموعودة على الارض, فيستخدمون كل التقنيات المتقدمة لجذب مواطنيهم الى ساحة المعارك في هذين البلدين, ما بات يقلق بشكل جدي سلطات الدول الاوروبية. والصور التي توزع على الانترنت عن مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية هؤلاء تظهرهم مبتسمون يتشاركون الصور بهواتفهم النقالة, او يتقاسمون البيتزا في احد البيوت الفخمة المصادرة, من دون التركيز بالضرورة على ايديولوجيتهم الاسلامية الصارمة. ويستخدم الشبان الاوروبيون في تنظيم الدولة الاسلامية كل وسائل الاتصال المتطورة عبر الانترنت لمخاطبة اقرانهم في الدول الاوروبية خاصة. واستخدام لغاتهم يساعد كثيرا على الوصول الى عدد اكبر من المجندين المحتملين من الشبان الاوروبيين للانضواء تحت لواء هذا التنظيم المتطرف الذي بات يسيطر على اجزاء واسعة من سورياوالعراق. يبدو الفرنسي الشاب الوسيم ابو عبدالله حسب شرائط الفيديو الموزعة له محاطا باطفال يلعبون وهو يؤكد العمل على «مساعدة العائلات الفقيرة». وتتناقض هذه الصورة تماما مع صور الرؤوس المقطوعة المرفوعة على الحراب او الرجال المصلوبين على اعمدة الكهرباء التي كان ينشرها من قبل على موقع فيسبوك حيث جمعت صفحته نحو اربعة الاف «صديق» عند مقتله في يوليوز. وتفيد المعلومات ان هذا الفرنسي انتقل الى بريطانيا ومنها الى اسبانيا قبل ان يتوجه الى سوريا للمشاركة في القتال الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية. وتحاول دنيا بوزار مديرة مركز الوقاية من التطرف الديني المرتبط بالاسلام في فرنسا شرح هذه الظاهرة, فاعتبرت في تصريح لوكالة فرانس برس ان الانتقال الى التشدد «ينتج من لقاء بين شاب مرتبك يطرح الكثير من الاسئلة عن المظالم التي يشاهدها, وبين خطاب يحوله الى منقذ للبشرية. والتعبئة الايديولوجية تبدأ في اكثر الاحيان عبر الانترنت». ويقول مصدر في الشرطة الفرنسية ان «ثلثي الاشخاص الذين غرقوا في ايديولوجيات التشدد الاسلامية عبر الانترنت لم يكونوا معروفين لدى اجهزة الاستخبارات, وهذه الظاهرة في ازدياد سريع, وبدأت تطاول اكثر فاكثر الاناث». وتابع هذا المصدر ان «التربية الدينية لم تعد ضرورية. والدليل على ذلك اننا نشاهد احيانا تعليقات من هؤلاء الشبان من نوع (انا آخر همي الاسلام, انني اقوم بجهادي الشخصي). وهكذا يتم التسويق لتنظيم الدولة الاسلامية على انه الجنة المنتظرة حيث الاموال متوافرة بكثرة». وتقدم شبكات التواصل الاجتماعي الكثير من النصائح العملية للتمكن من التوجه الى سورياوالعراق من دون اثارة شكوك العائلات والسلطات. وبالنسبة لغالبية الاوروبيين فان الاتصال الاول المباشر بين المجند الاوروبي واحد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية لا يتم الا في منطقة العبور بين الحدود التركية والاراضي السورية, اي قبل الانتقال مباشرة الى سوريا. لذلك تقف اجهزة الشرطة في غالبية الاحيان عاجزة عن تعقب هؤلاء الشبان الذين لا سجل لهم لدى القضاء ويبدون كانهم من السياح العاديين. وعندما تم انشاء جهاز «المديرية العامة للامن الداخلي» الجديد في فرنسا كان الهدف منه توظيف مهندسي كومبيوتر قادرين على تحسين قدرات كشف المجندين المحتملين للقتال في سوريا على شبكة الانترنت. وتقوم مواقع التواصل الاجتماعي عادة باغلاق الحسابات التي تتعارض مع شروط الاستخدام مثل تمجيد العنف بعد الابلاغ عنها. الا ان صاحب الحساب يعود الى فتحه تحت اسم آخر ليغلق مجددا بعد فترة، حسب التبليغات الصادرة ضده. ومن المقرر ان يعقد مجلس الامن اجتماعا في الرابع والعشرين من شتنبر على مستوى القمة لمناقشة المخاطر التي يمثلها وجود مجندين اجانب في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في العراقوسوريا. وستسعى الولاياتالمتحدة خلال هذا الاجتماع الى اصدار قرار ملزم «يحدد اطارا شرعيا» للحد من وصول المجندين الاجانب الى هذين البلدين. واقرت المانيا الجمعة قوانين جديدة تحظر نقل اي صور او نصوص او تسجيلات صوتية لها علاقة بتنظيم الدولة الاسلامية. ويناقش حاليا في فرنسا قانون يبيح حجب اي موقع يمجد الارهاب بهدف الحد من تجنيد الاوروبيين للقتال في سوريا جدل جديد حول «الارهاب» وفي السياق ذاته ، يعود مصطلح «الارهاب» الى الواجهة مجددا مع تشكيل ائتلاف لمحاربته في سورياوالعراق بقيادة اميركية, الا ان الكلمة تحمل معاني مختلفة بحسب مستخدميها, وبحسب الدولة التي تنطلق منها. ويقول الخبير السابق في وكالة الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه) مارك ساجمان، واضع كتب عدة عن موضوع الارهاب، ان الكلمة «تستخدم على نطاق واسع الى درجة انها باتت اليوم ترمز الى -العدو-» . ويضيف «كل يرى الامور من وجهة نظره: ما يعتبره احدهم مقاتلا من اجل الحرية يصنفه الآخر ارهابيا». في هذا الاطار, تعتبر دمشق انها يجب ان تكون جزءا من الجهود الدولية لمواجهة المقاتلين الاسلاميين المتطرفين, لانها «ضحية الارهاب منذ اربع سنوات»، تاريخ بدء الانتفاضة السلمية ضد نظام الرئيس بشار الاسد التي تم قمعها بالقوة, قبل ان تتحول الى نزاع عسكري دام. ولا تقر دمشق بوجود معارضة ضدها, بل تصنف كل الفصائل المقاتلة المعارضة على انها «مجموعات ارهابية» سواء المعتدلة منها ام المتطرفة. وسبق لوزير الخارجية وليد المعلم ان اعلن في مؤتمر صحافي ان «كل من حمل السلاح ضد الدولة هو ارهابي». في المقابل، تتهم المعارضة السورية نظام الرئيس بشار الاسد بانه «نظام ارهابي»، مشيرة الى انه يمارس كل انواع القتل والقمع, ويقف وراء نشأة التنظيمات المتطرفة في سوريا بعد ان اخرج قيادييها من السجون. وتحارب المعارضة المسلحة تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي تعتبره بدورها «ارهابيا»، لكنها تقاتل النظام جنبا الى جنب مع «جبهة النصرة» المتطرفة. واوضح وزير الخارجية الاميركي جون كيري اخيرا ان بلاده لا تشن حربا على تنظيم «الدولة الاسلامية» فحسب, بل تقوم «بعمل واسع ضد الارهاب». وتحدث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال المؤتمر الذي عقد في باريس الاثنين من اجل التنسيق في «مكافحة الارهاب»، عن «تهديد ارهابي كبير» يمثله تنظيم «داعش»، مشددا على وجوب دعم «الجهات القادرة على التفاوض والقيام بالتسويات الضرورية حفاظا على مستقبل سوريا» محددا هذه القوى ب«المعارضة الديموقراطية». في طهران التي لا تشكل جزءا من الائتلاف الغربي ضد الارهاب, اعتبر نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان ان «الطريقة الفضلى» لمكافحة الارهاب «تكمن في مساندة الحكومتين العراقية والسورية اللتين تحاربان الارهاب»، الا ان واشنطن ترفض حتى مجرد التنسيق مع دمشق في الموضوع, معتبرة ان نظام الاسد «فاقد للشرعية». وتقول الاستاذة المحاضرة سارة مارسدن من مركز هاندا لدراسة الارهاب التابع لجامعة سانت اندروز في اسكتلندا, ان «كلمة ارهاب لم تعد كلمة موضوعية. ان تكون الاممالمتحدة امضت عشرات السنين من اجل محاولة التوصل الى تحديد، يدل على الطبيعة المثيرة للجدل لمفهوم الارهاب». ومنذ ،1972 تحاول الاممالمتحدة ايجاد تحديد للكلمة من دون ان تنجح في ذلك. وقد اعتمدت 13 معاهدة لمكافحة الارهاب منذ 1996 من دون ان تتوصل الى معاهدة شاملة بسبب الخلافات حول المسالة. وولدت كلمة «الارهاب» في فرنسا في 1790 في فترة الثورة الفرنسية, وكانت تطلق على ماكسيميليان روبسبيار الذي كان يرسل اعداءه الى المقصلة. ولطالما كانت تحمل في طياتها معنى سلبيا. وحدها مجموعة الفوضويين التي اغتالت القيصر الروسي الكسندر الثاني في 1881 قدمت نفسها بفخر على انها «ارهابية». وبقي استخدام الكلمة محصورا على نطاق ضيق على مدى عقود طويلة من الزمن. ودخلت كلمة «ارهاب» في القاموس الصحافي الفرنسي خلال «معركة الجزائر» في 1957 وبعدها صارت تستخدم للاشارة الى «منظمة الجيش السري» المؤيد لان تكون الجزائر ارضا فرنسية. وتقول سارة مارسدن, ان كلمة «ارهابي» فرضت نفسها على نطاق دولي بعد اعتداءات 11 شتنبر 2001 في الولاياتالمتحدة. بعد ذلك, «استخدمها رجال السياسة بشكل مكثف، وباتت كلمة عامة تستخدم للدلالة على الاعداء مهما كانوا». على الاثر، استخدمت العبارة في افغانستان للحديث عن «حركة طالبان» و«تنظيم القاعدة». واستخدمتها حكومة كييف للاشارة الى الانفصاليين الاوكرانيين. كما تستخدمها اسرائيل على نطاق واسع للدلالة الى «حركة حماس» وفصائل فلسطينية اخرى. في مارس ,2014 وضعت المملكة العربية السعودية اول لائحة لمنظمات ارهابية أدرجت ضمنها حركة الاخوان المسلمين وحزب الله في السعودية وتنظيم القاعدة وفروعه في جزيرة العرب واليمن والعراق والدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة والحوثيين في اليمن. وشهدت السعودية بين 2003 و2006 موجة من اعمال العنف ارتكبها تنظيم القاعدة وكانت السعودية تشير اليه حينها ب«الفئة الضالة». ويرى استاذ القانون جينس ديفيد اولين من معهد كورنويل للقانون في ولاية نيويورك, ان من مصلحة زعماء العالم التوصل الى تحديد واضح ومشترك لكلمة «ارهاب». ويقول «يفترض ان تتنبه الولاياتالمتحدة الى عدم تحديد النزاع الحالي على انه ضد الاسلام او حتى ضد الاسلام الراديكالي. لان هذا من شأنه ان يثير تحفظ الكثيرين في العالم. من الافضل تحديد العدو بالاسم مثل القاعدة او الدولة الاسلامية».