- بندير الرگادة : في النبع الوسنان «كانت عذاراي الخفرات الغريرات يلهبن المشاعر، ويلهمن القرائح، فتصدح بالأشعار والأغاني التي غدت مع توالي الأيام ذات إيقاع خاص سماه أصحاب المنطقة «الرگادي» أو «الرگادة» حتى عرف بهذا الاسم في أطراف البلاد، شرقها وغربها ». الركادة رقصة حربية تنتمي إلى الريف (بني يزناسن) والمنطقة الشرقية برمتها. وهي عدة أشكال من الرقص : يطلق على نوع ومنه الإسم الأمازيغي إمديازن (الذي يحكي الشعر وينشده) ويطلق على ممارسيه العرفة وهم عائلة عريقة من الشيوخ في الريف قاطبة. رقص العرفة رمز للمحاربين وتجسيدا للنصر وفي أيديهم البندقية (وقد تعوض بالعصى) ويضربون الأرض بأرجلهم كعلامة على الانتماء للأرض ويحركون أكتافهم وفق عمليات حسابية وحركية كضبوطة بمساعدة المزمار المزين بقرون الثور. النوع الآخر يسمى الكصبة يشير إليه بول بولز في كتابه« أياديهم الزرقاء» ويعتمد هذا النوع على الكلال والحجون والغايطة والطامجا. الركادة ضرب من أضرب الموسيقى العريقة. وأقدمها «كاع كاع أزبيدة» وهي أغنية حسب البعض تتغنى بملكة أسطورية هي الكاهنة السالفة الذكر من هذه الأشعار نذكر: ألبنات اللي سْگاو م الرگادة سگاو قلبي ما سگاو ألما. أو قوله : يا للي تتسوقو بركان فوتو الرگادة تشوفو لحمام أو قوله :آرگادة يا خليفة باري عيونك اللي شاغلة بالي. هكذا انتظم زجلُ عميم وغناء شجي حول «الرگادة». »وكان العمال ، ذكورا وإناثا ، محشورين في الشاحنة أو المقطورة يهزجون بالأناشيد والأغاني المرحة العفة والشجية خاصة أغاني «الرگادة » ... (*). (نفسه ص 31). ولا وجود في بني زناسن لمن يسمين «بالشيخات» كما هو الشأن في بعض القبائل ، فولائمهم وإن كان يجتمع فيها النساء والرجال في صفين متقابلين وفي أيدي الرجال مكاحل البارود ، فإنه بمجرد انقضاء أيام العرس ترجع كل فتاة أو سيدة إلى منزلها. لأن في بني زناسن لا يمتهن غناء ولا رقصا. 5-لالة خضرة النائمة (الرگادة) : تتفق الأسطورة والتاريخ على كون منطقة جراوة ونبع الرگادة تسكنها روح امرأة ورعة أو كاهنة، مدنية مسالمة أو عسكرية مقاتلة. هذه المرأة ارتبطت باللون الأخضر إشارة إلى الخضر والاخضرار والماء الوافر والزرع والضرع أو باللون الأسود إشارة إلى الكاهنة والسحر الأسود. فالخصوبة والعزة صفتان متقابلتان للمرأتين واستمرارهما يستمر حاضرا في الذاكرة وفي الحكاية والسرد وفي التاريخ والأحداث.. العديد من الإشارات تدل على الحضور الدائم للالة خضرة حضور في شموخ اللقلاق وعلوه وفي أطياف الطيور العديدة التي تهاجر إلى المكان بحثا عن سور القصبة التاريخية التي يبدو أن المعمر الفرنسوي قد أطمرها وراء ضيعته.. وبحثا عن النبع وفجائيته و كما تبدو في عقل المجاذيب الذين تؤهلهم جذبتهم أو بلاهتهم ليتكلموا لسان للالة خضرة أو في أقوال وتحسر العجائز وابتلاهن المبكر بالشؤم أو غيره..« فبعض بسطاء الناس يعتقدون في حرمة التعرض لهذه الطيور ومسها بأي أذى، ويقولون إنها «مرابطة» أي شريفة كاللقلاق والخطاطيف.. وينكرون أن تكون مؤذية وإقامتها بالمنطقة إقامة عابرة...»(*). - » آباؤنا يقولون إنهم رأوا بعيونهم حائطا عاليا هدمه «بورو» المعمر لما حل بالرگادة ولعل السور المحيط بالضيعة الآن بعضٌ منه...»(*). « صاح مجذوب الرگادة : - ويعذبكم به ! - الرگادة فاقت الرگادة فاقت. (أي أفاقت)»(*). لالة خضرة هي الوجه الآخر النّضر للكاهنة ديهيا بنت ماتية بن تيفان. *- عبد المالك المومني، ص 182. *- نفسه، ص 180. *- ص 174.