برشلونة يلذغ الريال ويتوج بلقب كأس الملك للمرة ال 32 في تاريخه    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    لقجع يظفر بمنصب النائب الأول لرئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم    مراكش… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بإلحاق خسارة مادية بممتلكات خاصة وحيازة سلاح أبيض في ظروف تشكل خطرا على المواطنين.    بنكيران يتجنب التعليق على حرمان وفد "حماس" من "التأشيرة" لحضور مؤتمر حزبه    الدوري الماسي: البقالي يحل ثانيا في سباق 3000 متر موانع خلال ملتقى شيامن بالصين    قتلى في انفجار بميناء جنوب إيران    الرصاص يلعلع في مخيمات تندوف    توقيف أب تلميذ اقتحم إعدادية بساطور    الكرفطي ينتقد مكتب اتحاد طنجة: بدل تصحيح الأخطاء.. لاحقوني بالشكايات!    بنكيران: "العدالة والتنمية" يجمع مساهمات بقيمة مليون درهم في يومين    المباراة الوطنية الخامسة عشر لجودة زيت الزيتون البكر الممتازة للموسم الفلاحي 2024/2025    الكلية متعددة التخصصات بالناظورتحتضن يوما دراسيا حول الذكاء الاصطناعي    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    مناظرة جهوية بأكادير لتشجيع رياضي حضاري    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    العثور على جثة بشاطئ العرائش يُرجح أنها للتلميذ المختفي    بواشنطن.. فتاح تبرز جاذبية المغرب كقطب يربط بين إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    الجامعي: إننا أمام مفترق الطرق بل نسير إلى الوراء ومن الخطير أن يتضمن تغيير النصوص القانونية تراجعات    إطلاق مشروعي المجزرة النموذجية وسوق الجملة الإقليمي بإقليم العرائش    مؤتمر "البيجيدي" ببوزنيقة .. قياديان فلسطينيان يشكران المغرب على الدعم    برهوم: الشعب المغربي أكد أنه لا يباع ولا يشترى وأن ضميره حي ومواقفه ثابتة من القضية الفلسطينية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    بدء مراسم جنازة البابا في الفاتيكان    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    المغرب يرفع الرهان في "كان U20"    المغرب يرسّخ مكانته كمركز صناعي إفريقي ويستعد لبناء أكبر حوض لبناء السفن في القارة    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    هولندا.. تحقيقات حكومية تثير استياء المسلمين بسبب جمع بيانات سرية    شبكات إجرامية تستغل قاصرين مغاربة في بلجيكا عبر تطبيقات مشفرة    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" ببني شيكر.. والدرك يفتح تحقيقات معمقة    من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بالعيد الوطني لبلادها    كرانس مونتانا: كونفدرالية دول الساحل تشيد بالدعم الثابت للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    لقاء يتأمل أشعار الراحل السكتاوي .. التشبث بالأمل يزين الالتزام الجمالي    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    المعرض الدولي للنشر والكتاب يستعرض تجربة محمد بنطلحة الشعرية    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريبورتاج :المغرب يتحول من بلد عبور لاوروبا إلى بلد استقبال للمهاجرين

أراد علي ندياي أن يبحث عن حياة جديدة في أوروبا، لكنه على غرار كثير من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء انتهى به الامر بالبقاء في المغرب لتأمين مصدر رزقه.
ويقول هذا الشاب السنغالي البالغ من العمر 31 عاما "كل الناس لهم الحق في أن يقصدوا بلادا أخرى بحثا عن فرص جديدة.. أوروبا هي هدف الكثيرين، لكن البعض يضطرون للبقاء هنا بحثا عن مصدر رزقهم".
من بين كل عشرة مهاجرين من الغرب الإفريقي، يضطر سبعة للبقاء في القارة السمراء، في واحد من البلدان الواقعة على طريق الهجرة إلى الشمال، بحسب ما جاء في تقرير لمركز الأبحاث المغربي "أو سي بي بوليسي سنتر".
ومنذ ان عدل علي عن مواصلة "الطريق الصعب" للهجرة إلى إسبانيا، صار يمارس أعمالا صغيرة قبل أن يصبح بائعا متجولا في الرباط. وتشكل قصته واحدة من قصص كثيرة صارت تلفت انتباه المسؤولين المغاربة والعاملين في الحقل الإنساني وكذلك الباحثين. فمع الاضطرابات في ليبيا وتشديد الإجراءات على الوافدين في أوروبا، تحو ل المغرب من "بلد عبور" للمهاجرين إلى "بلد استقبال" بحسب المندوبية السامية للتخطيط، وهي المؤسسة الحكومية المغربية المولجة بشؤون الإحصاء.

في ظل تقارب المغرب مع الاتحاد الإفريقي "انتقلت السلطات المغربية من مقاربة تجر م الهجرة غير الشرعية إلى اعتماد خطاب يدعو لدمج المهاجرين"، وفقا للباحث في علم الاجتماع مهدي عليوه الذي يرأس منظمة لمساعدة المهاجرين.
ويقول إن السياسة الحالية القائمة على "إخراج المهاجرين من المناطق الحدودية إلى المدن الكبرى" تشج ع هؤلاء الأشخاص.
لكن العدد المتزايد للمهاجرين يسبب بعض التوترات، ففي الآونة الأخيرة وقعت أعمال عنف بين بعض السكان وبين شباب أفارقة مقيمين في مخيم في الدار البيضاء.
ويقول أوليفييه فوتو، وهو مهاجر من الكونغو في الرابعة والثلاثين "لا يمكن أن ن ستقبل بالترحاب في كل مكان"، منتقدا "من لا يفك رون سوى في أوروبا ولا يريدون أن يندمجوا" في المجتمع المغربي.
ويرى أن المغرب هو البلد الأكثر ترحيبا بالأجانب في إفريقيا، وقد وصله قبل عشر سنوات للدارسة بعدما جذبه المستوى التعليمي وإمكانية الحصول على منحة.
وبعدما أتم دراسته، ظل هناك وصار يتردد على الجوقة الغنائية لكاتدرائية الرباط، ليكون على اتصال مع الجماعة الكاثوليكية الصغيرة في المدينة.
وإلى جانبه في الجوقة الكنسية جان بابتيست داغو غناهو الذي هرب قبل 15 عاما من ساحل العاج وحط ت به أقداره في المغرب صدفة، وهو لا يفك ر حاليا بالعودة إلى بلده.
ومثلهما بابا ديمبا مبايي الذي ترك عمله في التدريس في السنغال قبل سبع سنوات "للمغامرة في المغرب"، بعدما جذبته فرص العمل في مراكز الاتصالات التي تبحث عن ناطقين بالفرنسية. إلا أنه سرعان ما أدرك أن هذه المهنة لا تبني مستقبلا.
وهو الآن يعتاش من تدريس اللغة الفرنسية، وقد أصدر كتابين "حياة السنغاليين في المغرب"، و"سبعة أسباب تجعلني أحب المغرب"، وهو مدافع كبير عن العيش المشترك، ويدير فرقة مسرحية في ضاحية الرباط.
ورغم السياسة الرسمية المتبعة في موضوع الهجرة، والقائمة على دمج المهاجرين في المجتمع، ليس من السهل الحصول على إقامة في هذا البلد.
ويقول باب ديمبا مبايي "سمعت على الإذاعة الملك يقول إنه ينبغي تسهيل هذه الأمور، لكن لدي انطباع بان ذلك لم يلق اصداء".
وتنهي السلطات حاليا عملية تسوية لنحو 25 الف طلب إقامة، بعد موجة سابقة شملت 23 ألف طلب في العام 2014.
ومن الصعب تقدير عدد المهاجرين غير الشرعيين في المغرب. وبحسب الأرقام الرسمية بلغ عدد الحاصلين على إقامة في العام 2014 حوالى 35 الفا، وهو رقم أكبر بقليل من عدد الأوروبيين الآتين إلى المغرب بحثا عن عمل أو عن تقاعد تحت شمس شمال إفريقيا الدافئة.
المغرب يستضيف المؤتمر العالمي للهجرة
اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الأحد، المغرب لاستضافة المؤتمر الدولي للهجرة لسنة 2018، والذي سيتم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.
واعتمدت الجمعية العامة بالإجماع قرارا بشأن طرائق تنظيم هذا الموعد، قررت من خلاله أن "المؤتمر الحكومي الدولي، الذي يطلق عليه +المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة+ سينعقد بالمغرب يومي 10 و11 دجنبر 2018".
وسيستكمل هذا المؤتمر أشغال المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي يتولى المغرب وألمانيا رئاسته المشتركة، والذي ستنعقد قمته ال11 في مراكش في الفترة من 5 إلى 7 دجنبر، أي عشية انعقاد هذا المؤتمر.
وجه القوة الناعمة
صبحت السياسة التي ينهجها المغرب، منذ شتنبر 2013 في مجال اللجوء والهجرة، وجها لامعا من أوجه القوة الناعمة للمملكة، أكسبتها إشعاعا أفريقيا ودوليا بفضل تغليبها البعد الإنساني في التعاطي مع المهاجرين وقضاياهم بالموازاة مع الضرب بيد من حديد على شبكات الاتجار وتهريب البشر.
ولتفعيل هذه السياسة الجديدة، التي انخرط فيها المغرب تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تمت بلورة الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء في دجنبر 2014 والتي ترتكز على المقاربة الإنسانية والشمولية واحترام حقوق الإنسان والانسجام مع القانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف والمسؤولية المشتركة.
وفي هذا الإطار، تم اعتماد برامج تهدف إلى تحقيق اندماج ناجح للمهاجرين واللاجئين بالمغرب وضمان استفادتهم من الخدمات الاجتماعية الأساسية، وذلك بتنسيق مع مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية بقضايا الهجرة، وتضم هذه البرامج التعليم والثقافة والشباب والرياضة والصحة والسكن الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية والتكوين المهني والتشغيل وتدبير تدفقات المهاجرين ومحاربة الاتجار بالبشر والشراكة والتعاون الدولي والإطار التنظيمي والتعاقدي والحكامة والتواصل.
كما أملت هذه الاستراتيجية الجديدة تغيرات دولية وإقليمية جعلت من المملكة بلد استقرار وليس بلد عبور فقط بالنسبة لآلاف المهاجرين الذين يتوافدون عليها من عدة بلدان، ومن تم ما فتىء المغرب يشدد على المسؤولية المشتركة بين دول المصدر والعبور والاستقبال، من أجل تدبير أفضل للحركية الإنسانية.
مقاربة إنسانية تضع حقوق المهاجر في صلب الأولويات
في إطار السياسة الجديدة تم اتخاذ إجراءات إدارية تتعلق بتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين واللاجئين لتمكينهم من الولوج إلى الحقوق الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والسكن والشغل والمواكبة الاجتماعية والقانونية، والمرافق الترفيهية والرياضية إسوة بباقي المغاربة، وهو ما تطلب من المشرع تحيين مجموعة من القوانين، فضلا عن تسوية وضعية واندماج الآلاف من المهاجرين.
ويعد هذا التعاطي الإيجابي مع قضايا الهجرة في المغرب ثمرة لمقاربة تشاركية بين الحكومة والمؤسسات التشريعية والمجتمع المدني في توافق وإجماع لكافة القوى الحية بالمملكة.
ولعل أرقام المستفيدين من هذه السياسة الوطنية الجديدة، التي أرادها جلالة الملك،كافية لتوضيح مدى جدية ومصداقية المغرب تماشيا مع التزاماته الحقوقية الوطنية والدولية. فمنذ إطلاق العملية الأولى لتسوية الوضعية الإدارية للأجانب في وضعية غير قانونية سنة 2014، استفاد 23.096 شخصا.
وعلى غرار العملية الأولى، تطمح العملية الثانية لتسوية أوضاع المهاجرين في وضعية غير قانونية، المستمرة إلى غاية 31 دجنبر الجاري، إلى تحقيق نسبة تسوية تبلغ على الأقل 82 بالمائة من الملفات المعروضة، حيث تشير معطيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أنه تم تجميع أكثر من 25.690 طلبا على مستوى 70 عمالة وإقليما، قدمها 58.32 في المائة من الرجال، و32.95 في المائة من النساء و8.73 في المائة من القاصرين إلى غاية نونبر الماضي.
كما قررت اللجنة الوطنية للطعون، التي يترأسها رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تشكيل لجنة تقنية تتولى فحص الطلبات المتبقية التي رفضتها اللجان المحلية، والتوصية بتسريع عملية اعتماد القوانين المتعلقة على التوالي باللجوء وإصلاح القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
وتأتي قرارات اللجنة الوطنية للطعن تماشيا مع السياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء والتي مكنت من فتح مكتب اللاجئين والنازحين، وتعميم الدوريات التي تتيح لأبناء المهاجرين ولوج المدرسة العمومية (التعليم الرسمي وغير الرسمي) واعتماد القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر.
وإلى غاية الآن نجحت هذه السياسة في إدماج أكثر من 6424 طفل من عائلات مهاجرة مندمجون في النمط المدرسي المغربي، في إطار المنهجية المغربية، كما تم إبرام اتفاقات مع الهلال الأحمر والتعاون الوطني لأخذ وضعية الفئات الهشة وسط المهاجرين، لاسيما النساء والأطفال بعين الاعتبار.
وبالموازاة مع المقاربة الإنسانية الشمولية تجاه المهاجرين، يتبنى المغرب مقاربة أمنية لمحاربة شبكات التهريب والاتجار بالبشر التي تتاجر في معاناة الراغبين في الهجرة واللجوء، إذ تشير أرقام وزارة الداخلية إلى أن المغرب تمكن في سنة 2017 من تفكيك 80 خلية للاتجار في البشر وإحباط 50 ألف محاولة هجرة غير شرعية.
وتواصل المصالح الأمنية المغربية تشديد الخناق على الشبكات الإجرامية التي تنشط في مجال تهريب البشر، حيث تم تفكيك أكثر من 3000 شبكة تنشط في هذا المجال منذ 2004.
وبالإضافة إلى تشديد مراقبة الحدود في إطار مقاربة تشاركية بين دول الشمال والجنوب، يشجع المغرب الرجوع الطوعي للمهاجرين في إطار يحترم حقوق المهاجر ويضمن له الاندماج في محيطه الأصلي. وفي هذا السياق، أشرفت المملكة على العودة الطوعية لما يناهز 22 ألف مهاجر.
نقطة ارتكاز قاري ودولي ...
في الوقت الذي اختارت فيه دول أخرى أن تبقي قضية الهجرة رهينة لحسابات انتخابية ضيقة وضحية لخطابات متطرفة، اعتمدت المملكة، بفضل الرؤية المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، خطوة الإدماج كقيمة مضافة وكفرصة للمستقبل، انسجاما مع التزاماتها الحقوقية وطنيا ودوليا.
ففي عام 2013 دعا المغرب إلى إنشاء تحالف إفريقي للهجرة والتنمية كأداة للحوار بشأن قضايا الهجرة، إيمانا منه بحرية الإنسان في التنقل والتواصل والعيش الكريم. كما انخرط المغرب في العمل المشترك على مختلف الأصعدة، لاعتماد سياسات متجددة ومقاربات تشاركية مندمجة للتدبير الأمثل لظاهرة الهجرة والتنمية، تحث الدول المستقبلة في إطار سياسة التعاون وحسن الحوار والتشاور، على مراعاة خصوصيات المهاجرين ومساعدتهم على اجتياز صعوبات الاندماج والانخراط في المجتمعات المحتضنة، وكذا التصدي لنزوعات الإقصاء والعنصرية والكراهية.
وتبوأ المغرب بفضل سياسته في مجال الهجرة واللجوء ريادة قارية. ففي القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي -الاتحاد الأوروبي، دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة، إلى "صياغة خطة عمل إفريقية بشأن الهجرة"، والتي وضع جلالته لبناتها الأولى في يوليوز 2017.
وفي هذا الصدد، دعا جلالة الملك إلى تصحيح عدة مغالطات بخصوص الهجرة الإفريقية، إذ أنها لاتتم بين القارات في غالب الأحيان مشيرا إلى أنه من أصل 5 أفارقة مهاجرين 4 منهم يبقون في إفريقيا. وذكر جلالته بأن الهجرة غير الشرعية لا تشكل النسبة الكبرى فهي تمثل 20 بالمائة فقط من الحجم الإجمالي للهجرة الدولية، وأن الهجرة لاتسبب الفقر لدول الاستقبال (85 بالمائة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول)، وأخيرا، بأن التمييز بين بلدان الهجرة وبلدان العبور وبلدان الاستقبال لم يعد قائما.
كما أشار جلالة الملك إلى أن الدول الإفريقية مطالبة بالنهوض بمسؤولياتها في ضمان حقوق المهاجرين الأفارقة، وحفظ كرامتهم على أراضيهم، وفقا لالتزاماتها الدولية، وبعيدا عن الممارسات المخجلة واللا إنسانية الموروثة عن حقبة تاريخية عفى عنها الزمن.
ويعمل المغرب أيضا بالمنتديات الدولية من أجل تحقيق تفاعل إيجابي مع قضايا الهجرة كما هو الشأن بالمنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي يترأسه المغرب وألمانيا لسنتي 2017-2018 والذي ستستضيف مدينة مراكش دورته الحادية عشرة في شهر دجنبر 2018.
وما فتىء المغرب يدعم تنسيق الجهود على المستويين الجهوي والقاري من أجل تجاوز المقاربة الأمنية الضيقة في سبيل تبني مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الهجرة في كل أبعادها من خلال المساهمة في إعداد الميثاق العالمي لهجرة آمنة، منظمة ومنتظمة، والذي سيجعل من أولوياته تعزيز البعد التنموي من خلال الأهداف الإنمائية لما بعد 2030، ومناقشة التحديات المرتبطة بالهجرة والتغيرات المناخية.
ونالت جهود المغرب إشادة على أعلى المستويات أفريقيا ودوليا، حيث عبر رئيس جمهورية غينيا، رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، ألفا كوندي، في نونبر الماضي، عن اعتزازه بالتزام المغرب وريادة جلالة الملك محمد السادس في مجال تدبير شؤون الهجرة.
من جانبه نوه ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، السيد جان بول كافاليري، بالمقاربة الإنسانية التي تنهجها المملكة في مجال الهجرة واللجوء، مشيرا إلى أن المفوضية تعمل بشكل وثيق مع السلطات المغربية والمجتمع المدني، من أجل تسجيل الطلبات ومعالجة الملفات لتحديد الأشخاص المؤهلين للحصول على صفة لاجئ، وتقديم المساعدة الإنسانية والقانونية لهذه الفئة عبر دعم تمدرس الأطفال والتكفل الطبي والمساعدة القضائية، وكذا تحقيق الاستقلالية السوسيو -مهنية للاجئين من خلال تمويل أنشطة مدرة للدخل.
وفي أكتوبر الماضي، تمت الإشادة بمدينة إشبيلية (جنوب إسبانيا) بالجهود الملموسة التي يبذلها المغرب في مجال تدبير الهجرة ومحاربة الهجرة غير الشرعية، وذلك خلال اجتماع لمجموعة الستة، التي تضم وزراء الداخلية لكل من إسبانيا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولونيا.
ويشكل مرور أربع سنوات على إطلاق السياسة الجديدة للهجرة واللجوء، التي أقرها جلالة الملك من خلال تسوية أوضاع المهاجرين في المغرب ومعظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، مناسبة لتحصين المكتسبات الحقوقية والمضي قدما في تحقيق كل أهداف هذه المبادرة الفريدة من نوعها، التي لاقت ترحيبا وطنيا وأفريقيا ودوليا وأكدت جدية ومصداقية المغرب في الوفاء بالتزاماته الحقوقية وإبرازا لأهمية إفريقيا وشعوبها بالنسبة للمملكة.
الجزائر رحلت أزيد من 10 آلاف مهاجر
أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائري، نور الدين بدوي، الأحد، أن أزيد من 10 آلاف مهاجر من بلدان افريقيا جنوب الصحراء تم ترحليهم من التراب الجزائري، دون أن يحدد الفترة التي نفذت خلالها موجة الترحيل هذه. وأضاف أن عمليات الترحيل تراجعت في بعض الفترات، غير أنها لم تتوقف قط. وكانت أهمها تلك التي نفذت في غشت الماضي، حيث تم بتعليمات من الحكومة تدمير مخبإ للاجئين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء يقع تحت قنطرة وادي الكرمة، بين بلديتي براقي وبابا علي، بشكل كلي.
وكان هذا المكان غير اللائق يشهد تجمع حوالي 1600 مهاجر كانوا يعيشون فيه. وقد تم نقلهم إلى مركز للاستقبال ببلدة رغاية، شرق الجزائر العاصمة.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية قد صرحت بشكل واضح أن الدولة الجزائرية لا ترغب في وجود مهاجرين سريين فوق أراضيها، وهو ما يفسر عمليات الترحيل هذه. وقد تم الإعلان عن هذه الرغبة من خلال تصريحات صادمة لمسؤولين سامين بالدولة، ومن بينهم أحمد أويحيى، الوزير الأول الحالي، ووزير الشؤون الخارجية.
يذكر أن أويحيى، الذي كان يشغل منصب مدير الديوان الرئاسي، كان قد اعتبر أن المهاجرين المنحدرين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء مصدر للمخدرات والاجرام والعديد من الآفات الأخرى. وهي التصريحات التي وصفها المجتمع المدني وجمعيات الدفاع عن حقوق الانسان وبعض الأحزاب السياسية بأنها عنصرية، وبالفضيحة.
وتتمثل آخر حلقة في هذا الملف الشائك في شريط فيديو تم الترويج له في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تظهر عناصر من الجيش الشعبي الوطني وهم يتسلون بإعطاء أوامر لمهاجرين شباب من بلدان افريقيا جنوب الصحراء بتبادل الصفع. وأمام موجة الاستنكار التي أثارها شريط الفيديو، وعدت وزارة الدفاع بفتح تحقيق.
وكانت العديد من المنظمات غير الحكومية، ومن بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، قد نددت بانتقاء على أساس عرقي في عمليات طرد المهاجرين المنحدرين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء من التراب الجزائري.
وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، "لا شيء يبرر جمع الناس بناء على لون بشرتهم ثم ترحيلهم جماعيا. سلطة الدولة في التحكم بحدودها، ليست رخصة لها لمعاملة الناس كمجرمين أو افتراض أن لا حقوق لهم بسبب عرقهم أو اثنيتهم". وأخذت على السلطات الجزائرية عدم إعطاء هؤلاء المهاجرين إمكانية الطعن في قرار ترحيلهم.
وقالت هذه المنظمات إن من بين الأشخاص المرحلين، هناك من عاش واشتغل طيلة سنوات بالجزائر، وضمنهم نساء حوامل وأسر لها مواليد جدد وأطفال غير مرافقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.