بعد أشهر من التردد، تم في فبراير الماضي بالرباط تنصيب أول دفعة لمراقبي البيئة، مؤلفة من نحو 40 مراقبا، تشكل نواة هذا الجهاز الذي سيسهم في تعزيز دور الوزارة المكلفة بالبيئة في مجال الوقاية والمراقبة البيئية. ووفقا للمرسوم رقم 2-14-782 المتعلق بتنظيم وكيفيات عمل الشرطة البيئية، فإن هذه الهيئة تضطلع بمهام المراقبة والتفتيش والبحث والتحري ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر في شأنها، المنصوص عليها في المقتضيات القانونية المتعلقة بالبيئة. ومن المقرر أن تتم عمليات المراقبة بناء على الطلبات المقدمة من طرف السكان. وسوف تشتغل الشرطة البيئية في إطار التعاون مع مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي ووزارة العدل والحريات لرصد مختلف المخالفات البيئية، وخصوصا منها المخالفات التقنية المتصلة بتلوث الهواء ودراسات الأثر قبل إنجاز المشاريع. ويمكن أن يكون «مسرح الجريمة»معملا أو مقاولة أو مطرحا عموميا أو غابة أو مجرى مياه ملوثا … أي كل مكان يمكن أن تعبث فيه يد الإنسان. وتشمل قائمة العقوبات، التي يرتقب تطبيقها، إجراءات إدارية قد تنطوي على توجيه تنبيه أو إغلاق الوحدة الصناعية المعنية، وفرض عقوبات مالية تصل إلى مبلغ مليوني درهم في حالة سوء تدبير النفايات الخطرة والعود، والحرمان من الحرية بالسجن لمدة تصل إلى سنة واحدة. إلا أن من الواضح أن الشرطة «الخضراء»، التي تم تعيين نصف عدد عناصرها في مندوبيات الوزارة ال 12، لن تكون قادرة على الحضور على جميع الجبهات من أجل رصد المخالفين ومعاقبتهم، بالنظر إلى تعدد مهامها ومحدودية عدد أفرادها. ويطرح هذا المعطى بقوة رهان التكوين في سبيل تزويد المغرب بشرطة بيئية فعالة وقادرة على مواجهة التحديات الهائلة في مجال المناخ. ويزيد تعدد المتدخلين بدوره من تعقد مهام هذه الهيئة الشرطية الفريدة من نوعها. ولتجنب التداخل، يتعين القيام بجهود في مجال التنسيق مع الدرك الملكي ووزارة العدل ومفتشي الوزارة المكلفة بالبيئة. وعلى المستوى القانوني والتنظيمي، تواجه مهمة المفتشين البيئيين فراغا صارخا. ففي غياب معايير خاصة بالشرطة البيئية وفي غياب توصيف قانوني واضح للجنحة أو الجريمة البيئية في القانون المغربي، يصبح من شبه المستحيل متابعة الأشخاص أو الأطراف المعنية. وعلى المستوى القضائي أيضا، هناك حاجة إلى قضاة متخصصين مدربين تدريبا جيدا وقادرين على تأويل وتطبيق التشريعات المتصلة بالبيئة والتنمية المستدامة. وبعد أن رأت الشرطة البيئية النور، هل يمكن أن نتوقع محاكم خاصة وقضاة متخصصين في مجال البيئة؟ (ومع)