واضحة وجلية هي مواقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من مشروع القانون المالي للسنة المقبلة .فمداخلة الفريق الاشتراكي التي ألقاها رئيسه أول أمس أثناء المناقشة العامة بمجلس النواب، كانت بحق متضمنة لتصورات الاتحاد وللعديد من محاور برنامجه المجتمعي في مجالات متعددة. نعم هناك وبكل موضوعية إجراءات و تدابير وإصلاحات هامة جاء بها المشروع ، خاصة منها اعتبار دعم القطاعات الاجتماعية ، من تعليم و صحة و تشغيل و تقليص الفوارق المجالية ، أولوية أساسية ضمن أربع أولويات يرتكز عليها. وهي مكتسبات تم إدراجها بالرغم من الظرفية الاقتصادية والسياسية إن على المستوى الوطني أوالدولي . لكن ذلك، لا يجب أن يحجب عنا أوضاعنا الداخلية، وما تقتضيه من تعامل صارم ، مع كل المظاهر التي تُعيق تطور بلادنا، وذلك على صعيد التجاوب مع تطلعات مختلف الفئات، خاصة منها الفئات الشعبية الهشة والضعيفة ، والقضاء على مظاهر الريع ، ومحاربة مظاهر الفساد ، وإنجاز الإصلاحات الكبرى في المجالات الحيوية، لاسيما ورش إصلاح التعليم، وتقوية قدرات الخدمات الصحية، وتوفير الشغل والسكن اللائق ، وتقديم خدمات مرفقية جيدة،وتخليق الحياة العامة… إلى غير ذلك مما نعتبره أساسيا لإعادة الثقة للمواطن المغربي في تدبير الشأن العام. إنها تحديات تتطلب منا جميعا بذل المزيد من الجهد، سواء لرصد الاعتمادات مع الإشارة إلى أن القانون المالي ليس مجرد أرقام ونسب وتدابير تقنية « بل فرصة ، لمناقشة السياسات العمومية في مجال تدبير الاقتصاد الوطني ، ومختلف القطاعات الحكومية ، ومدى ملاءمتها مع البرنامج الحكومي … وبالأخص مدى استجابته لانتظارات البلاد و تطلعات المواطنات و المواطنين» . وإضافة لذلك، فإن الاتحاد الاشتراكي وفريقه البرلماني على وعي عميق، أن أحد أسس البناء الديمقراطي ببلادنا ، يكمن في تفعيل القانون ، و مراقبة أوجه صرف المال العام، واحترام دفاتر التحملات المتعلقة بالصفقات العمومية ، حماية للمالية العمومية …. لذلك تم تقديم مقترحي قانون: الأول يهم إحداث هيئة قضايا الدولة، من أجل ترسيخ الحكامة القانونية الجيدة داخل المرافق العمومية ، لوقايتها من المخاطر والأخطاء القانونية، التي عادة ما تكبد ميزانية الدولة الشيء الكثير….. والثاني يقضي بمنع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة، والمؤسسات الدستورية والإدارية، ترشيدا للنفقات العمومية من جهة، و تخليق الحياة السياسية في إطار الحكامة الجيدة من جهة ثانية. إن مواجهة هذه التحديات، تتطلب كما أكد عليه رئيس الفريق الاشتراكي،عدالة مجالية و اجتماعية، تُقلص الفوارق بين الفئات الاجتماعية المختلفة وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتماد سياسة متكاملة موجهة للشباب،وتقوية وتعميق البعد الاجتماعي لما له من تأثير مباشر على المعيش اليومي للمواطنات والمواطنين، وإبداع نموذج تنموي مُدمج لمختلف الفئات الاجتماعية في صيرورة الاقتصاد الوطني، دون إقصاء أو تهميش ، نموذج مُنتج لمناصب الشغل، وموفر لحماية اجتماعية عادلة موزعة حسب احتياجات الفئات المعنية…. تنويع الشركاء الاقتصاديين، وتعميق البُعد الإفريقي في مختلف علاقاتنا. تلك أبرز أركان التصور المجتمعي للاتحاد، الذي يناضل منذ تأسيسه، وعبر مختلف واجهاته من أجل مغرب الديمقراطية و الكرامة و العدالة الاجتماعية.