يطرح استعمال الحبوب المنومة في بلادنا عدة مشاكل، خاصة مع ارتفاع أعدادالأشخاص المستخدمين لهذه الأدوية، وذلك نظرا للنقص الحاصل في الثقافة الدوائية عندنا، وكذلك نتيجة للنقص في التأطير والمتابعة والمراقبة من طرف الجهات المعنية والمسؤولة. فالطبيب المعالج عندما يصف دواء حبوب النوم لشخص يعاني من اضطرابات نومية، فهو يحدد الجرعة المناسبة ومدة العلاج، مع تحفيزه على التوقف التدريجي وليس الفجائي للعلاج إذا كانت المدة تفوق ثلاثة أسابيع من العلاج. والحديث عن الحبوب المنومة يطرح نفسه أيضا حين يتم تناول موضوع آخر وهو المتعلق بحوادث السير سيما في ظل ارتفاع أعدادها وتداعياتها السلبية المتعددة الأبعاد، وارتباط هذه الحوادث بالعنصر البشري، إذ يحضر النقاش حول المحفزات التي تقلص اليقظة، كالمخدرات، الكحول، وكذلك حبوب النوم. وفي هذا الإطار ندرج دراسة حديثة لإدارة وكالة الأغذية والعقاقير، التي تشير إلى تأثيرات سلبية على مهارات السياقة خلال اليوم الموالي بعد تناول حبوب النوم ليلا، والتي ينجم عنها وقوع مخاطر جد مرتفعة في القيادة مع نقص في حالة التأهب الكافية للقيام بذلك على الوجه المطلوب، مما جعلها "إدارة وكالة الأغذية والعقاقير" تدعو شركات إنتاج حبوب النوم إلى تخفيض الجرعة الموصي بها، إذ أنه من المرجح أن جرعات أعلى يمكن أن تضعف القيادة وغيرها من الأنشطة التي تتطلب اليقظة في صباح اليوم التالي. وقد بنيت توصيات إدارة الأغذية والعقاقير حول حبوب النوم على معطيات دراسة همت 91 من البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 40 سنة بالمقارنة مع أشخاص يتناولون دواء وهميا. وكشفت الدراسة على أن الأشخاص الذين يتناولون 3 مليغرام من دواء منوم يعانون في اليوم من حركية شديدة وضعف في الذاكرة...، ووجدت ذات الدراسة كذلك على أنه حتى الأشخاص الذين يتناولون الجرعة الموصى بها يمكن أن يعانون من ضعف مهارات القيادة والذاكرة و التنسيق بعد 11 ساعة من تناول الدواء... وأوضحت إدارة الأغذية والعقاقير بأنها ستواصل دراسة المخاطر على اليقظة العقلية على جميع أدوية النوم، لتشمل حتى تلك التي تباع دون وصفة طبية، إذ يمكن من خلال ذلك اتخاذ إجراءات أوسع في المستقبل. إضافة إلى ما سبق فقد حذرت الوكالة أيضا من حبوب النوم التي تحتوي على "الزولبيديم"، وهي مادة تستخدم على نطاق واسع في للمساعدة على النوم، بحيث أظهرت الدراسات المختبرية على أنه بعد انصرام مدة ثماني ساعات على تناول الدواء، فإن حوالي 15 في المئة من النساء و 3 في المئة من الرجال يكون لديهم ما يكفي من الدواء في أنظمتهم لإضعاف قدرتهم على القيادة الجيدة والتحكم في وسيلة النقل التي يسوقونها مع ما يعني ذلك من ارتفاع نسب وقوع حادث سير، فضلا عن تسجيل نقص في اليقظة العقلية عند الصباح بعد الاستيقاظ من النوم وذلك بفعل استخدام منتجات "الزولبيديم". وفي السياق ذاته فقد قالت إدارة الأغذية والعقاقير انه سيتطلب من الشركات المصنعة للأدوية التقليص من الجرعات الموصى بها للنساء بمقدار النصف، أي من 10 ملليغرام إلى 5 ملليغرام بالنسبة لمنتجات الإفراج الفوري، و من 12.5 ملليغرام إلى 6.25 ملليغرام لمنتجات تمديد الإفراج. كما ينبغي أن تصف على عبوات منتجاتها الآثار الصباحية المحتملة خلال اليوم الموالي لتناول الدواء والتي تترتب عن مادة "الزولبيديم". وفي الختام يجب التأكيد على أنه يتعين على المهنيين الصحيين في بلادنا الرفع من مستوى الوعي عند الأشخاص المعالجين بأدوية حبوب النوم، مع تنبيههم بمخاطر السياقة في الصباح بعد تناول هذه الأدوية في الليل، وهو الأمر الذي يجب أن يندرج في إطار ثقافة صحية ودوائية توعوية شاملة للقطع حتى مع بعض الممارسات الشخصية الخاصة للمواطنين/المرضى الذين تؤدي بعض مسلكياتهم إلى تعريضهم للمزيد من التداعيات والمخاطر السلبية. كما يجب التذكير على أن الحبوب المنومة ليست حلا للأرق المزمن إذ تفقد الجرعة فعاليتها مع الوقت ونتيجة لذلك يحتاج المريض إلى جرعات اكبر، فضلا على أن التوقف المفاجئ عن تناول الحبوب المنومة يسبب عودة شديدة للأرق، بالإضافة إلى النقص في التركيز وبعض الآثار السلبية الأخرى، كما نشدد على ضرورة عدم الإفراط في تناول الأدوية المنومة لتفادي التعود عليها ومن ثمة السقوط ضحية لإدمانها.