الحذاء البالي المتروك في عربة قطار تحت إحدى الحاويات يؤكد أن راكبا تسلل خلسة واختبأ هنا، بحسب ما أوضحت الشرطة الألمانية، المكلفة في بافاريا بمطاردة المهاجرين الذين يسافرون خلسة في قطارات الشحن. تنتشر الشرطة الفدرالية الألمانية في محطة راوبلينغ الصغيرة للقطارات في بافاريا، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع النمسا، لتفتيش عربات قطارات الشحن التي تمر بهذه المحطة. وأشار المتحدث باسم الشرطة راينر شارف إلى أن «المهاجر قد يكون قفز من القطار لتجنب عبور نقطة التفتيش في النمسا ولم يكن لديه الوقت لانتعال حذائه». تحت حاوية أخرى، ثمة زجاجات بلاستيكية مسحوقة وأغلفة علب بسكويت ممزقة تثبت أن مهاجرا واحدا على الأقل تسلل خلسة إلى هنا أيضا. لم يعد هذا النوع من الاكتشافات يفاجئ الشرطيين، فالمهاجرون يستغلون دائما قطارات الشحن للوصول إلى ألمانيا وشمال أوروبا قادمين من ايطاليا. ومنذ عام 2014، وصل نحو 600 ألف شخص إلى ايطاليا بعد عبورهم البحر المتوسط في رحلة بالغة الخطورة تسببت بموت 14 ألف مهاجر آخرين. ويسعى عدد كبير منهم لايجاد وسيلة توصلهم الى إسكندينافيا أو ألمانيا اللتين يعرف عنهما أنهما أغنى وأكثر ترحيبا باللاجئين ومع اعادة نقاط التفتيش على الحدود في أعقاب أزمة الهجرة عام 2015، باتت الرحلة أكثر تعقيدا وفرضت القطارات نفسها كحل للوصول الى شمال أوروبا. أكد شارف أن عندما تعثر الشرطة على هؤلاء المهاجرين، «غالبا ما يقولون للمترجمين إنهم ليسوا مرتاحين في ايطاليا ويريدون كسب المال والقيام بتدريب. وفي بعض الأحيان، يريدون للانضمام إلى أفراد من عائلاتهم وصلوا قبلهم الى إحدى المدن الألمانية». وأشار الى أن الأمر «بالغ الخطورة». فمن أجل السفر من دون أن يلاحظهم أحد، يتمدد المهاجرون القادمين بمعظمهم من افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في مساحة ضيقة بين حاوية وعربة قطار، على أن يبقوا من دون حركة لساعات. وشرحت شرطية متمرسة في اجراءات التفتيش «يكفي أن يقوموا بحركة خرقاء ليسقطوا على السكك الحديد فيما القطار يسير بأقصى سرعة. كما أن القطارات تمر في الجبال حيث البرد شديد حتى في فصل الصيف». ويضيف شارف أن مهاجرين آخرين عثرت عليهم الشرطة «كانوا يعانون من الاجتفاف وانخفاض حرارة الجسم ويحتاجون الى رعاية طارئة». وفي هذا الاطار، قررت الشرطة منذ يونيو تكثيف اجراءات التفتيش في راوبلينغ حيث يقوم حوالى 30 موظفا عدة مرات في الشهر بعملية تفتيش دقيقة لمحطة القطارات، تشمل كل المخابئ المحتملة، مستخدمين في ذلك السلالم والمرايا ومصابيح اليد. وعندما تكون الأحوال الجوية مؤاتية، تقوم مروحيات مزودة بكاميرات حرارية، بتفتيش كل القطارات بحثا عن مهاجرين بواسطة أجهزة رصد حرارة جسمهم. وتقول كوهر زيمرمان المقيمة في روبلينع وعمرها 72 عاما، «قبل بضعة أيام، كنت على رصيف محطة القطارات عندما أخرجت الشرطة مهاجرين اثنين كانا يختبئان في قطار» مضيفة «حالتهما صدمتني: كانا يرتديان معطفين سميكين لكنهما كانا يرتجفان». واعتاد سكان هذه المدينة البافارية التي تعد حوالى 11 ألف نسمة، على تأخر موعد قطارات الركاب بشكل منتظم، بسبب عمليات التفتيش المتكررة لقطارات الشحن. وقالت بريجيت نوبر، وهي من سكان روبلينغ تنتظر قطارا للذهاب الى مهرجان البيرة الشهير في ميونخ، «الايطاليون يدعون المهاجرين يمرون، وكذلك النمساويون، فيصلون إلى هنا». ويؤكد شارف أن النمسا أيضا تقوم بعمليات تفتيش، بالتعاون مع ألمانيا «نعمل مع الشرطة في النمسا. اذا فتشت قطارا، لا نفتشه هنا من جديد».