الأخطار اللي يواجهها الممرض لاتقف عند حدود الأمراض التي يمكن أن يكون عرضة لها، ويصاب بها بسبب عدوى، قد تنتقل إليه من المرضى الذين يقدّم لهم العلاجات، ولاتقتصر على الاعتداءات اللفظية و الجسدية اللي يتعرض لها من طرف بعض مرتفقي المؤسسات الصحية، ولكن هناك أخطار أخرى يمكن أن يتعرض لها الممرض والممرضة في الطريق أثناء مرافقة المرضى، أو أثناء توجههم إلى المناطق المعزولة لتقديم العلاجات للمواطنين الذين لايستطيعون الوصول إلى المؤسسات الصحية. إيمان أوبلوش، ممرضة شابة، تبلغ من العمر 27 سنة، لقيت حتفها عندما كانت ترافق طفلة مريضة في سيارة إسعاف، شأنها في ذلك شأن عدد ممن تعرضوا لحوادث وهم في طريقهم لفك العزلة وتقديم خدمات صحية لساكنة فمنطقة صعبة. لم تفكر إيمان، رحمة الله عليها، في طبيعة المسالك الصعبة التي ستقطعها، لم تهتم بالحالة المزرية لسيارة المصلحة التي ستقلّها، فكّرت في أداء واجبها، كما يفكر زملائها دوما فقط في المواطنين المعزولين في هذه المنطقة أو تلك، في الأطفال الصغار، والمسنين والنساء الحوامل، الذين هم في حاجة لتلك الخدمة الصحية لتي ستقدّم لهم، إلى أن انقلبت سيارة الإسعاف بها بوادي وينفكيك في الطريق الرابطة بين أسا والزاك، ففارقت الحياة على إثر ذلك. إيمان أوبلوش واحدة من طابور طويل لشهداء الواجب، منهم من هم تحت التراب، ومنهم من يزال عاجزا في سرير المرض. عندما يتم الحديث عن الممرض، عدد من المواطنين لايتذكرون سوى ذلك الذي تلقى رشوة لتقديم خدمة هي حق للمواطن، أو الذي لم يبتسم في وجه مريض وقطّب جبينه وهو ينظر إليه، والممرض الذي قد يكون باع الدواء لمواطن، لكن الجميع لايستحضر الممرضين وهم كثر، الذين قضوا الليل بأكمله إلى جانب مريض يراقبون وضعه الصحي، ويتناسون الممرضين الذين يصادفون مواطنين ومرضى تائهين لايعرفون أي وجهة يتخذون فيأخذونهم من أيديهم ويرافقونهم إلى المصلحة المختصة، وآخرون يساهمون ذاتيا حتى يكمل المريض علاجه، كل هؤلاء لايتذكرهم أحد، ومن بينهم إيمان أوبلوش. في المناطق المعزولة والحدودية فالمغرب نجد العلم الوطني يحميه جندي أولا، ويرفعه ممرض فوق مركز صحي. رحم الله إيمان وغفر لها، وتقبّل منها حسناتها، وتجاوز عن سيئاتها، واللهم ألحقنا بها مؤمنين. اللهم ارزق والديها عظيم الصبر ونحن معهما. حارسة المصالح الصحية بمستشفى الأميرة لالة حسناء باليوسفية.