شرعت الحافلات الكهربائية في تقديم خدماتها لساكنة مراكش عبر محو ربدايته من مرجان المسيرة بطريق أكادير و نهايته بباب دكالة. و بدأت تقل الركاب من خلال رحلات متقاربة لأسطول يتكون من عشر حافلات"صديقة للبيئة"، يقول المسؤولون أن اقتناءها يندرج في إطار السياسة الوطنية لمكافحة التغيرات المناخية، و ذلك بتبني خطة للمحافظة على البيئة. الأيام الخمسة الأولى من مشوار هذه الحالات، لم تسجل إقبالا كبيرا من قبل الركاب، رغم أن محورها (شارع الحسن الثاني) يمر بمحاذاة عدد من الأحياء بكثافة سكانية كبيرة كأحياء المسيرة و أزلي و دوار إزيكي و عين المزوار و جليز. لكن مازال عدد كبير من الركاب الذين يلجأون إلى خدمات النقل الجماعي يفضلون الاعتماد على العرض الذي تقدمه حافلات ألزا و الطاكسيات الكبيرة، علما أن الحفالات الكهربائية تقدم شروطا أكثر جودة للنقل، و ظروفا أكثر راحة للركاب و بوثيرة لا تتجاوز ست دقائق ساعات الذروة و 12 دقيقة في الأوقات العادية. و يربط عدد من الركاب هذا الضعف المسجل في الإقبال على هذه الحافلات في الأيام الأولى من االعمل الرسمي بها، إلى عاملين اثنين؛ الأول يتعلق بمسارها الذي يهم محورا طرقيا واحدا، في الوقت الذي تخترق فيه حافلات ألزا و الطاكسيات الكبيرة الأحياء المتواجدة على ضفتي المسار الخاص بالحافلات الكهربائية، مما يجعلها توفر خدمة تراعي معيار القرب بالنسبة لحاجيات السكان. و العامل الثاني يتعلق بخلل لوحظ في بداية العمل بالحافلات عالية الجودة، و يهم قلة محطات الانتظار و الوقوف التي تمكن الركاب من استعمال هذه الحافلات حسب حاجياتهم. و رغم أنه من الصعب الحكم انطلاقا من هذه الفترة الوجيزة ، على أداء هذه الحافلات التي تشكل إضافة نوعية طال انتظارها سواء بالنظر إلى احترامها للبيئة، أو بالنظر لتوفيرها شروطا محترمة لإنسانية الركاب و موفرة لظروف أكثر راحة، فإن الحاجة تدعو الشركة المعنية بتدبير هذا المرفق، إلى التفكير بجدية إلى حل مشكل محطات الوقوف لخلق تحفيز أكبر للمواطنين لاستعمالها هذه المواصلات النظيفة ، التي ستتعزز حسب مسؤولي البلدية بخط ثان بمحور المحاميد، على أن تشمل المحاور الكبرى للمدينة مع بداية العقد الثالث من القرن الحالي. و من ناحية أخرى، يفرض انطلاق العمل بالحافلات الكهربائية على المجلس الجماعي الانكباب بجدية على الفوضى الجانبية التي أحدثها تخطيط المسار بهذه الحافلات، و الذي حول أداءها من عامل للتخفيف من حدة الاكتظاظ و الضغط على الطرق بالتخيف من حدة الازدحام، و التقليص من حوادث السير، وإضفاء طابع أكثر نظامية على حركة السير، إلى عامل لمضاعفة اختناق الطريق، و استفحال الفوضى و خاصة ببعض مقاطع شارع الحسن الثاني. إذ لا ينبغي أن ننسى أن خلفية التفكير في إحداث وسائل نقل جماعية عالية الجودة، و التي انطلقت عمليا في فترة العمدة عمر الجزولي اعتمادا على دراسة أنجزها مكتب دولي للدرسات بسويسرا، و هي التي تضمنت التصميم المعتمد حاليا لتخطيط طريق خاص لحافلات " الترام بيس"، كانت بغرض إنجاز المهمة الآتية: الخيف من حدة الازدحام بشوارع و طرق مراكش، عبر خلق وسائل نقل مريحة تشجع مستعملي الطريق من الاستغناء وسائل النقل الفردية، مثلما تشجع الأسر على تفضيل التنقل على متنها عوض التنقل عبر الأسر، و ذلك من خلال توفير أسطول من الحافلات عالي الجودة يتحرك بوثيرة أسرع تقلص مدة الانتظار. و هذا يعني أن الغاية الكبرى من إحداث هذه المسارات الخاصة بالحافلات العالية الجودة هي بالدرجة التخفيف من الاكتظاظ بطرق مراكش. و هي الغاية التي يظهر أن لا أحد يستطيع أن يدافع في ظل الشروط الحالية عن تحققها على أرض الواقع. هذا الوضع دفع الكثير من المتتبعين للشأن المحلي بمراكش، يلاحظون أن البطء الشديد الذي أنجز به هذا المشروع، و تجزيء تحقيقه على أرض الواقع، سيضعف قدرته على تحقيق النتائج المرجوة منه، و تفعيل الغايات الكبرى التي أنفقت من أجلها العشرات من الملايير ابتداء من الميزانية التي خصصت للدراسة الأولى المنجزة من قبل المكتب السويسرى و انتهاء باقتناء الحافلات الصينية و توفير المعدات اللوجستيكية المرتبطة بها. إذ أن المشروع على أهميته التي لا يجادل أحد فيها، و قيمته البيئية التي لا يجرؤ أحد على وضعها في محك التشكيك، سيظل في حاجة إلى رؤية متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار التوفير المتزامن للحلول التي طرحها العمل بهذه الحافلات، في ممرات السيارات و إضعاف المجالات المحمية المخصصة للدراجات العادية بالدرجة الأولى. و بعيدا عن المنطق الدعائي الذي صاحب الانطلاق الرسمي للحافلات الكهربائية، الذي يركز بشكل غريب على ريادة مراكش في هذا النوع من المواصلات، يبقى المشروع في حد ذاته مقدمة لتكريس الحضور الملموس لإدماج المقاربة البيئية في معالجة مشاكل الخدمات الأساسية المقدمة من قبل البلدية في مدينة مراكش التي تتعمق فيها مظاهر الفوضى التي تضرب في العمق حق المواطن في العيش في شروط أكثر جودة.