انتهى مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الدنماركي، وهي المحطة التي كانت فرصة للدبلوماسية الحزبية المغربية، الذي يعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رائدا لها، من أجل تعميق النقاش مع أكبر عدد من الاشتراكيين الديمقراطيين، سواء بالدنمارك أو بكل الدول الاسكندنافية، وهي الدول التي أصبح للدبلوماسية الرسمية خلال السنوات الأخيرة حضور كبير فيها، مستعينة في ذلك بمجهودات الفعاليات المدنية من المهاجرين المغاربة هناك، وكل هذا بهدف التعريف بالقضية الوطنية في سياقها التاريخي الحقيقي، خصوصا أن حجم التزوير الذي يبدع و يتفنن فيه خصوم الوحدة الوطنية كبير، بل إن كل أطروحتهم تتأسس على التزوير والكذب وكثير من الانتهازية و المظلومية. وكالعادة لم يفوت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هذه الفرصة، حيث لبى دعوة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الدنماركي، بخصوص حضور أشغال مؤتمرهم، وتكلف المهدي مزواري، عضو المكتب السياسي، بمهمة دحض الادعاءات الانفصالية، التي نعلم جيدا من داخل الاتحاد الاشتراكي، أنها تملأ كل الهوامش المتاحة، وتنطلق من تزوير التاريخ، لتتلوها عملية تزوير الوقائع بعد انتهاء أي محطة كان فيها النقاش حول قضية الصحراء، مستغلين آليات إعلامية مأجورة. وبطبيعة الحال، المهمة لم تكن سهلة، فأعداء الوحدة الوطنية، لا شاغل و لا شغل لهم غير الترويج لأطروحتهم، المؤسسة ليس فقط على خطاب يغيب الحقائق، بل يستهدف بالخصوص عواطف غير الملمين بتفاصيل القضية، لكن هذا لم يمنع المهدي المزواري، من مواجهة كل المحاولات الانفصالية، التي كانت تبغي جعل القضية الوطنية، نقطة معزولة على طاولة مؤتمر اشتراكيي الدنمارك، والتي كان يهدف من ورائها دعاة الانفصال، استصدار توصية لصالح أطروحتهم من المؤتمر، وهو ما لم يكن، وما يعتبر ربحا سياسيا مهما. مجهودات المهدي مزواري، الذي عقد عدة لقاءات مع عمداء المدن الدنماركية، ومع مجموعة من المسؤولين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الدنماركي، وخصوصا مع المسؤول الأول و المسؤول عن العلاقات الخارجية في قطاعه الشبيبي، وهي المنظمة الشبيبية التي كانت تدعم بشكل غير مشروط طرح الانفصال في الصحراء المغربية، توجت بتحول جذري في مواقفها تجاه القضية، ذلك بعد وقوفها على حقيقة الوضع هناك واضطلاعها على تفاصيل الأطروحة المغربية الوحدوية في شموليتها، لتعلن تبنيها للطرح الدولي القاضي بإيجاد حل سياسي واقعي. وفي مقابل فضح ادعاءات البوليزاريو وحاضنتها الجزائر، تمكن المهدي المزواري، مسنودا بتوجيهات القيادة السياسية للاتحاد الاشتراكي بالمغرب، والتي تابعت أشغال المؤتمر بكل تفاصيله وحيثياته، من فتح أفق جديد مع عدد من الأحزاب الاشتراكية بالدول الإسكندنافية، وخصوصا الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالدنمارك، حيث تم تسطير جدول أعمال سيؤسس لمرحلة جديدة مضمونها التعاون الثنائي بين الحزبين، إذ اتفق على تسطير برنامج عمل بين الإطارين، ومسلسل للتنسيق بين شبيبتي الحزبين، وهو ما لم يعجب دعاة الانفصال، الذين حاولوا أكثر من مرة، وطيلة أيام المؤتمر، استفزاز المهدي مزواري، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، ذلك لأن الاتحاديين خبروا هذه الممارسات ومراميها، نظرا لكثرة الاحتكاك معهم في العديد من اللقاءات و الأنشطة الدولية. لكن يبدو أن ممارساتهم وتكتيكاتهم لم تتغير، فبعد فشلهم في مهمتهم بالدانمارك، انخرطوا بعد المؤتمر، في مسلسل للتضليل الإعلامي، مستغلين صورا عادية، أخذها ممثلوهم إلى جانب قيادات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الدنماركي، يعرف كل من خبر أجواء المؤتمرات الحزبية، بأن أسهل ما يمكن أن يحظى به كل من حضرها، هو صورة مع قيادات تلك الأحزاب، بل تمادوا في كذبهم، إلى الترويج لمعطى أن البرلمان الدنماركي سيضع قضية الصحراء المغربية، كنقطة للتدارس على جدول أعماله في دورته نهاية هذا الشهر، في حين أن المسألة، لا تتعلق إلا بإجراء مسطري روتيني، يندرج في إطار الملتمسات التي يقدمها النواب، والذي لا يبغي إلا الوقوف على معرفة تفاصيل القضية، معرفة علمية، وهذا بالضبط ما أرادته الدبلوماسية المغربية، الرسمية والمدنية، وذلك ليقف البرلمان الدنماركي على حقيقة الوضع بالصحراء، وعلى طبيعة المقترح المغربي، بشكل خال من الشوائب التي تلصقها به الجزائر وصنيعتها.