المشترك لاتحاد الناشرين المغاربة واتحاد كتاب المغرب والجمعيات ذات الصلة بالكتاب المغربي، يحتاج إلى وقفة خاصة، ذلك أن إجماع هذه الفعاليات ولأول مرة على بيان مشترك يجعلنا نعتقد بأن الأمر لا يقف عند مطالب أو التزامات لم توف بها وزارة الثقافة بل يتعدى ذلك إلى سوء تفاهم عميق . لدعم الكتاب المغربي الحديث تاريخ يمتد إلى ثلاثة عقود على الأقل، وارتبط فيها بحركية ثقافية موسعة انعكست على نوعيته شكلا ومضمونا، مما حول المغرب من مجرد مستهلك للكتاب الآتي من الشرق أو الآتي من الغرب إلى منتج للكتاب أي منتج للثقافة. انطلق هذا التحول من إرادات فردية أدت إلى اقتناع السلطة الوصية بتنظيم مناظرات وملتقيات وطنية كانت وصيتها الأولى بالإجماع دعم الكتاب المغربي الحديث لضمان استمراره وحضوره داخل المغرب وخارجه . هذا التوازن الطموح بين السلطة العمومية والمبادرة الفردية في المسألة الثقافية لا يختص بالمغرب، لنوسع نظرنا قليلا ، كل الدول تدعم كتابها، إذن فتردد وزارة الثقافة في ظل الوزير الحالي يعكس تشكيكه أو إثارته لعدم شرعية ما تراكم من تجربة الكتاب المغربي، وحتى إذا كانت هناك اختلالات أو ثغرات فإن الأمر لا يستدعي التسويف المضر بوضعية قطاع هش واستراتيجي . المسألة الأخرى تكمن في غياب رؤية واضحة تأخذ بعين الاعتبار ارتباط الكتاب بشيء اسمه الدخول الثقافي. لقد ارتبط الدخول الثقافي المغربي بالمعرض الدولي للكتاب الذي هو مناسبة وطنية ودولية أساسها الاحتفال بالعناوين الجديدة. المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء يدخل دورته الرابعة والعشرين إنه مكسب يفتخر به الناشرون و الكتاب والمثقفون ويعتبر محطة إشعاع للمغرب الثقافي. كيف إذن تتصرف الوزارة في فترة إعداد الناشر للعناوين الجديدة وتتخلى عن التزاماتها بدون أي حرج . اتحاد الناشرين المغاربة قام بمبادرة الاتصال بمصالح الوزارة بدون جدوى ودخل في حركية موسعة لتحسيس الرأي العام وهو يحتفظ بحقه في اتخاذ المواقف الملائمة . تكمن الخطورة في انعكاس هذا الوضع على مناسبة الدخول الثقافي. المسألة الثالثة تكمن في غياب الحوار، و نحن في تجربة ديمقراطية تقوم أساسا على تثمين الحوار، نعتقد أن الوزارة بعيدة عن هذا المبدأ مما يعني أنها منغلقة، و الإقصاء لا يؤدي إلا للتوتر، ولا أحد يعرف رؤية الوزارة للفاعلين في الحقل الثقافي . لكن السلوك الذي أدى إلى صدور البيان المشترك الذي كان محور تعليقنا لا يبشر بخير . وعندما يغيب الحوار لا يصبح انتفاض وتصعيد أربع عشرة هيئة ثقافية في مواجهة الوزير أمرا غريبا، خصوصا وأن الهيئات المنتفضة الممثلة في المؤسسات والجمعيات الثقافية العاملة في مجال صناعة الكتاب والنشر، تعتبر «برنامج الدعم الخاص بقطاع النشر والكتاب»، إضافة إلى برنامج الدعم المخصص للتظاهرات الأدبية لسنتي 2016 و2017، وهي البرامج التي يستفيد منها الكتاب والناشرون ومكتبات البيع والجمعيات والمقاولات الثقافية في شكل طلبات عروض، هي مكاسب وتراكمات ناضلت من أجلها القوى الحية في بلادنا لبناء المجتمع الحديث في أبعاده الفكرية والمعرفية. صحيح أن أي تراكم في المكتسبات يحتاج إلى إصلاح وتقويم ومتابعة، كي لا ينحرف عن توجهاته الكبرى، لكن خلق القطيعة نحو المجهول هو ما أحدث كل ذلك القلق الذي انتاب البيان المشترك، بنية الحفاظ على المكتسبات التي خلقت دينامية في مجال صناعة الكتاب والنشر في المغرب، الشيء الذي يتطلب التسريع بفتح نقاش جاد لحل المشاكل العالقة مع كل الشركاء، وفي مقدمتهم اتحاد كتاب المغرب ورابطة كاتبات المغرب واتحاد الناشرين المغاربة وبيت الشعر في المغرب وشبكة القراءة في المغرب ورابطة أدباء الجنوب وجمعية الفكر التشكيلي بالمغرب وحلقة الفكر المغربي ونادي الهامش القصصي ومركز القصبة للثقافة والفنون وجمعية النجم الأحمر بمشرع بلقصيري والجمعية المغربية للثقافة والفنون وجمعية الشيخ ماء العينين بتزنيت ومؤسسة مقاربات والراصد الوطني للنشر والقراءة. فالرغبة في الحوار حفاظا على المكاسب والتراكمات هي ملخص ما وراء البيان.