بوركينا فاسو تُثني على القيادة المغربية في مجلس السلم والأمن الإفريقي وتدعم دوره في تعزيز الاستقرار القاري    تركيا.. تعليق مهام رئيس بلدية إسطنبول عقب إيداعه السجن (وزارة الداخلية)    تبون من التصعيد إلى الاستنجاد.. كيف أصبح ماكرون "المرجع الوحيد" لحل الأزمة الجزائرية الفرنسية؟    إصابات في تدخل للسلطة لمنع مسيرة تضامنية مع غزة والجبهة تستنكر    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يتعادل وديا مع نظيره الأمريكي (2-2)    5 مواجهات حاسمة بتصفيات المونديال    التونسي منير شبيل مدربا جديدا لأولمبيك خريبكة    حاتم البطيوي أمينا عاما لمؤسسة منتدى أصيلة    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس الباكستاني بالعيد الوطني لبلاده    استئناف التوزيع المنتظم لدواء الميثادون بالمراكز الصحية المتخصصة بالمملكة    نسبة ملء السدود تصل 37 في المائة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    المسجد الحرام يستوعب أزيد من مليوني مصل بعد التوسعة السعودية الثالثة    ارتفاع حصيلة حرب غزة إلى 50021 قتيلا    فيلا سعيد الناصيري تعرض للبيع في مزاد علني بعد توقيفه في قضية إسكوبار الصحراء    السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب    الدرك يضبط مروج مخدرات مع فتاتين    فتح تدعو حماس إلى "مغادرة المشهد الحكومي" لأن المعركة تهدف "لإنهاء الوجود الفلسطيني"    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    حامي الدين: "الإبراهيمية" محاولة لاختلاق دين جديد لأغراض سياسية    حزب الاستقلال بطنجة ينظم ندوة علمية    الجامعة تعلن عن برنامج سدس عشر نهائي كأس العرش    معالم شهيرة حول العالم تغرق في الظلام للتضامن مع كوكب الأرض    الائتلاف المدني يدين التحامل على الإعلام الوطني.. ويحذر: المس بوحدة المغرب وسيادته خط أحمر    المديرية العامة للأمن الوطني تكشف عن تعيينات جديدة    نقابة "البيجيدي" تدعو الحكومة إلى حوار اجتماعي متعدد الأطراف لإيقاف "نزيف" القدرة الشرائية    الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال في إفريقيا: ملتقى علمي يجمع المغرب وموريتانيا    مربو الدواجن بالمغرب يطالبون بتدخل عاجل لوقف التلاعب بالأسعار وحماية حقوق المستهلكين    مصدر أمني: توقيف سويدي مطلوب دوليًا بميناء طنجة    المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بطنجة ينظم أول إفطار رمضاني لتعزيز الروابط بين القضاة    أطفال يتنافسون بالقرآن في خريبكة    هدمٌ ليلي لبنايات قديمة بالمحمدية    من "الأبارتهايد" إلى الإبادة.. "أمنستي المغرب" تناقش حقوق الإنسان بفلسطين    البطيوي أمينًا عامًّا لمنتدى أصيلة    أدوار "نظرية اللعبة" في تحليل الصراعات الدولية وتصرفات صناع القرار    البواري يتفقّد تقدم الموسم الفلاحي    الناخب الوطني يستدعي يوسف بلعمري لمواجهة تنزانيا لتصفيات مونديال 2026    فريق موظفو السجن المحلي آيت ملول 1 يواصل تألقه وطنياً بإنجازات رياضية    نتائج مثيرة في الدورة 18 من القسم الثاني هواة شطر الصحراء    تصريحات تبون.. وعود وهمية في سوق الخبز والحليب والمزايدات الفلاحية    أكثر من 90 ألف متظاهر في فرنسا ضد العنصرية يرفعون شعارات داعمة لغزة    اليمين المتطرف في إسبانيا يعارض الاتفاق المغربي-الإسباني لتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في مدارس الأندلس    'دمليج زهيرو' وتمغربيت في أبهى حللها    محاولات فرنسا لاحتكار سوق زيت الأركان: مغاربة يدافعون عن حقهم في ثرواتهم الطبيعية    دراجات نارية .. الرباط تحتضن الدورة الثانية من استعراض الأصدقاء    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    شراكة تعزّز الوعي بصحة الفم بالمغرب    انطلاق فعاليات "زهرية مراكش"    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    من أجل فلسفة جذرية    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المغرب، من الجائز أن تموت غبياً !

القراءة تمُوت، لقد ماتت أو تكاد. إنّها تحتضرُ و تنتفي. الكتب ضجرت، لم يعد أحد يفتحها، لم يعد أحد يفترسُها. إنّها ( الكتب ) مرهقة من معاملتها كأشياء عديمة الأهمية. لقد فقدت مكانتها، دورها، وجودها. لقد صارت شفّافة. لا يهمّ إن كانت موجودة أم لا، هذا ليس بالأمر الجديد. يا للأسف، الطفل الذي لا يرى أبداً والديه وهما في غمرة القراءة، لهُ فرص ضئيلة في أن يُصاب بما كان يسمّيه فاليري لاربو » الرذيلة التي لا عقاب لها «. لاحظوا المنازل المغربية، خصوصاً تلك الخاصة بالأشخاص الميسورين، إنّ بناء حوض السباحة يكتسي أهمية أكثر من تكوين مكتبة. أسوأ من هذا أنّه لا يوجدُ أيّ تحسّب لتكديس الكتب، لكن هل من الضرورة أن تُشترى الكتب أو أن تُقرأ حتّى تُرصد لها الرفوف لكي يتم ترتيبها ؟
كثيراً ما سمعت، في المغرب، أشخاصاً يلفتون نظري إلى أن الكتب تكلّف غالياً. إن الأمر صحيحٌ بالنسبة للمجلدات العلمية و الجامعية، لأنها غالباً ما تكُون مستوردة. لكن في ما يخُصّ الأدب، فطبعة الجيب متوفرة، إنها في متناول الجميع، المسألة لا تتعلّق بالمال. مكتبات الإعارة موجودة لكن من النادر أن يتمّ التردد إليها. كتاب الجيب يكلّف علبتين من سجائر المارلبورو، أو شراب في مطعم . ما يكلّف كثيراً، ليس الكتاب كشيء، بل هي الرغبة في القراءة، شغف القراءة. حين تختفي هذه الرغبة، من الصعب بما كان القبضُ عليها .
من أين يأتينا هذا الحرمان، هذا الهجر ؟ إنّه أكثر فضاعة من الأمية. إنّنا البلد العربي الذي يقرأ أقل. قراءة الجرائد و المواقع لن تعوّض أبداً الغوص في مؤلَّف أدبي كلاسيكي أو معاصر. كلّ مرة أمنح فيها مثلاً » دون كيشوط « لأحدهم، أقولُ له : » إنّي أُرَغّبُك في اكتشاف هذا الكتاب الرائع «. في الوقت نفسه، يمكن أن نمضي حياةً بكاملها دون أن تعترينا الرغبة في فتح كتاب ما ومباشرة السفر في تخييل الكاتب، غير أنّ القدماء نبّهونا : » ساعة من القراءة، يقول مونتسكيو، هي أسمى علاج ضد منغّصات الحياة «، كما لم يتردد مارسيل بروست على التأكيد أنّ » ذوق القراءة يتقاطعُ مع الذكاء «. قطعاً لا، يمكن أن نكون أذكياء ونحن لم نقرأ إلاّ النزر القليل، لكن ربّما القدرة على الفهم السريع ستتطوّر لو أننا قرأنا كثيراً .
إن الأمر مرتبطٌ بالتعليم، ذلك أن المدرسة معنية به أكثر من العائلة. أن تصير القراءة طقساً لابد منه قبل النوم هو أمرٌ موفّق كبداية، بعد ذلك يصبح ذلك لذة في حد ذاتها ولا تعودُ للمكان أو الزمان أهمية. هذه اللذة تصير صداقة، سفر، اكتشاف، غبطة شديدة . إيسلندا هي البلد الذي يقرأ أكثر في العالم، متبوعة بالدول الشمالية، فرنسا و اليابان. بلادُنا العزيزة، ويا حسرتاه، تقبعُ في الذيل!
المنافسة اليوم خشنة؛ الكتاب تمّ " سحقُه " من قِبل التكنولوجيات المتقدّمة. الإدمان على الفايسبوك، ألعاب الفيديو، و الهواتف الذكية، بالإضافة إلى الوسائط الأخرى، يحُول دون أن يلقي الطفل مجرد نظرة على الكتاب، الذي تحوّل إلى عنصر بائد لا هوية له. هذا الأمرُ يشمل أقطاب العالم كافة، و المغرب لم يفلت منه، فما العمل ؟
حتّى النصوص المبرمجة في المقرّر الدراسي صارت عبئاً على المراهق. لقد قال لي شاب في أحد الأيام : » مدام بوفاري، لكنّها طويلة جدا، إنها عذاب، كل هذا من أجل قصة عن الخيانة...«. إنّ هذا هو ما تمّ فقدانه. الأدب، ممارسة الكتابة ورصّ كلمات التخييل. كل ذلك يبدو بلا أهمية لأن الزمن غيّر من وتيرته. إنها حقبة الجشع، العنف، و الظفر بالمال سواء الافتراضي أو الحسّي. إنه زمنُ البساطة و السرعة الغبية التي لا هدف لها .
الكتاب كالشجرة، عندما كنتُ في المدرسة الابتدائية، كانوا يصحبُوننا، مرة كل سنة، لنزرع شجرة. المدرّسة كانت تقول لنا : » هذه الشجرة مثلُها مثل الكتاب، لاحقا سوف تنعمُون بثمارها «. هذا ما يلخّصه جيل رونار أيضاً: » كل واحدة من قراءاتنا تترُك بذرة سوف تثمر «. بعد "مسيرة خضراء" ضد الفساد، و أخرى ضد جرائم الطرق، دعونا نفكّر في انتفاضة بسيطة تعيدُ التذكير بأهمية القراءة. إنّ مجتمعاً لا يقرأ هو مجتمعٌ منذور للتدنّي و الخُمول .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.