تم أول أمس الاثنين بالرباط، تسليم أرشيف هيئة التحكيم المستقلة المكلفة بتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي لمؤسسة أرشيف المغرب، في خطوة لبدء مسار سيشمل هيئات أخرى للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان. وشكل نقل الأرشيف موضوع اتفاقية تعاون تم التوقيع عليها بالمناسبة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأرشيف المغرب، تهم على الخصوص تنظيم الأرشيف المشكل في إطار مسار العدالة الانتقالية وتسليمها لمؤسسة أرشيف المغرب، وتثمين هذا الأرشيف. كما تروم الاتفاقية تشجيع البحث العلمي في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتطوير نظام للأرشفة داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتفعيل مشروع لإحداث الأرشيف الدولي حول حقوق الإنسان. وتندرج هذه العملية، التي تهدف أيضا إلى المساهمة في حفظ الذاكرة الجماعية الوطنية من جهة، وإرساء أسس الكتابة العلمية لتاريخ المغرب، في إطار تفعيل مقتضيات القانون 99-69 المتعلق بالأرشيف، المؤرخ في 19 ذي القعدة 1428 (30 نونبر2007)، والذي تم وضعه تفعيلا لتوصية هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة. ويهم هذا القانون، أساسا، تعريف وتدبير الأرشيف، وإتاحة الأرشيف العمومي للمرتفقين، وتنظيم مؤسسة أرشيف المغرب. وقد تم إطلاق ورش أرشفة ملفات العدالة الانتقالية في فبراير 2017، وتمت معالجة ملفات الهيئة المستقلة للتحكيم في مرحلة أولى، على أن ينصب العمل على معالجة أرصدة هيئة الإنصاف والمصالحة في مرحلة ثانية. وقد مكنت المرحلة الأولى من تدقيق ومعالجة وتنظيم 5400 ملف تابع لهيئة التحكيم المستقلة، صنفت في 600 علبة خاصة بالأرشفة والحفظ، ومن المرتقب أن يتم تسليم الملفات الخاصة بهيئة الإنصاف والمصالحة لمؤسسة أرشيف المغرب قبل نهاية السنة الجارية. وفي كلمة بالمناسبة، أبرز رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ادريس اليزمي أن هذه العملية تطبع مرحلة جديدة في مسار العدالة الانتقالية الذي أطلقته المملكة بثبات وعزم وصرامة منذ عشر سنوات. وأشار إلى أن هذه العملية تعد الأولى التي تهم الأرشيف وتم إجراؤها بينها بين هيئة عمومية ومؤسسة أرشيف المغرب، مسجلا أن هذا المسار سيتم تتبعه في دجنبر المقبل من خلال تسليم أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة، ثم سلسلة من أرشيف المجلس الاستشارية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأشاد بكون هذه العملية تعد، وإلى جانب الحفاظ على الأرشيف العمومي والذاكرة الوطنية، وسيلة لتثمين عمل الهيئة المستقلة للتحكيم التي أرست أسس العدالة الانتقالية. من جهته، قال مدير مؤسسة أرشيف المغرب، جامع بيضا، إن هذه العملية تشكل مرحلة كبرى ضمن مسار العدالة الانتقالية بالمغرب، مسجلا أن طبيعة الملفات المعنية تطرح تحديا مزدوجا على مستوى تحقيق التوازن بين المعالجة المعمقة والعلمية لمجموع الملفات والحق في الولوج إلى المعلومة من جهة، وحماية الحياة الخاصة للأفراد من جهة ثانية. وأوضح أن جمع الأرشيف التاريخي يتم وفق طريقتين، ويتعلق الأمر إما بتسليم الأرشيف العام بعد انتهاء فائدته الإدارية، أو باقتناء الأرشيف الخاص ذي المنفعة العامة، إذ يخضع الأرشيف لمعالجة علمية بهدف الحفاظ على أصالته وتكامله وموثوقيته واستغلاليته. يذكر أن مهمة هيئة التحكيم المستقلة، التي كانت قد بدأت ولايتها بتاريخ 16 غشت 1999، بعد موافقة جلالة الملك محمد السادس على رأي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والتي ضمت في عضويتها تسعة أعضاء من رجال القانون والشخصيات البارزة، تمثلت في تعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي. وقد قدمت الهيئة تقريرها في 30 نونبر 2003، بعد أن أنهت النظر في الملفات المعروضة عليها والتي بلغ عددها 5127 ملفا وبعد أن توصلت ب 6500 طلب خارج الأجل المحدد.