في التقرير السنوي لهذا العام الذي أصدره مركز «وومان ميديا» (الإعلام النسائي) في نيويورك، تفاؤل بسبب زيادة عدد الصحافيات، بالمقارنة مع عدد الصحافيين، وفي نفس الوقت، قلق حول المشاكل الخاصة التي تواجه الصحافيات، كنساء. هذا هو المركز الرئيسي الذي يجمع الصحافيات الأمريكيات، وكانت أسسته، قبل تسع سنوات، غلوريا ستاينام، من قادة حركة تحرير المرأة الأميركية في سبعينات القرن الماضي، وجين فوندا، الممثلة التي قادت المظاهرات ضد التدخل العسكري في فيتنام في ذلك الوقت أيضا. ويهدف المركز إلى «ضمان أن صوت المرأة يسمع، وأن قصصها تنشر». حسب تقرير هذا العام، ثلثا الأخبار في أهم عشرين صحيفة ومحطة تلفزيون في الولاياتالمتحدة في العام الماضي كتبتها، أو قدمتها، صحافية. هذه زيادة مائة في المائة خلال ثلاثين سنة. غير أن الخبر الأهم ربما هو زيادة عدد الصحافيات الأميركيات اللائي يغطين الحروب والاشتباكات الدموية. وخاصة في الشرق الأوسط. وخاصة في سوريا. ليست جديدة ظاهرة صحافيات أمريكيات يغطين الحروب. في منتصف القرن التاسع عشر، أرسلت صحيفة «نيويورك تربيون» هوريس غريلي لتغطية الثورة الإيطالية (التي وحدت ولايات إيطاليا). وغطت صحافيات أمريكيات الحربين العالميتين الأولي والثانية. وأيضا، حرب فيتنام. لكن، صارت حرب تحرير الكويت، ثم غزو واحتلال العراق، نقطة تحول. وفي الوقت الحاضر، حسب إحصائية المركز، يوجد عدد كبير من الصحافيات الأمريكيات يغطين الحرب في سوريا، إن ليس من داخلها، فمن دول مجاورة. مثلا: ليز سلاي، مراسلة صحيفة «واشنطن بوست» (حاليا، تكتب من بيروت). قالت: «في بيروت، كلما أذهب إلى مناسبة صحافية، أجد عددا كبيرا من الصحافيات». وقالت: «في الماضي، كان رؤساء التحرير يترددون في إرسال صحافية إلى ساحة حرب. لكن، نحن برهنا على قدراتنا، مع مرور الزمن». وقالت لوريدز نافارو، مراسلة إذاعة «إن بي أر» في البرازيل، بأنها غطت غزو العراق. وأن الجنود الأميركيين كانوا يستغربون ذلك. وكانوا يقولون لها: «أيتها الصغيرة، ألا تعتقدين أن هذه حرب أكبر منك؟». لكن، بسبب الاختلافات الثقافية بين الأمريكيين والمسلمين، وخاصة في العلاقات بين الرجال والنساء، تواجه الصحافيات مشاكل كثيرة. مثل: أولا: تردد بعض الرجال في الحديث مع صحافيات. ثانيا: معاكسات بعض الرجال لهن. خاصة عندما تصل هذه إلى مرحلة الاعتداء الجنسي، أو حتى الاغتصاب. عن الموضوع الثاني، في العام الماضي، أصدرت مؤسسة النساء الإعلاميات العالمية (إي دبليو إم إف) في واشنطن تقريرا عن نتائج استفتاء أكثر من ألف صحافية. جاء فيه أن 14 في المائة من الصحافيات كن ضحايا «العنف الجنسي» خلال عملهم، منهن صحافيتان اغتصبتا. ربما واحدة منهن هي لارا لوغان، مراسلة تلفزيون «سي بي إس» التي اغتصبت اغتصابا جماعيا في ميدان التحرير في القاهرة ليلة استقالة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. وصار اغتصابها مشهورا لأنها، بعد أن عادت إلى أميركا، تحدثت عنه في نفس قناتها التلفزيونية. مما قالت: «أحسست بأيد تجول في أنحاء جسدي. لم يكن شخصا واحدا. توالت الأيدي. اعتقدت أن صراخي سيجعلهم يتوقفون من تلقاء أنفسهم لأنهم يرتكبون خطأ. لكن، حدث العكس. كلما صرخت، زادوا هيجانا. وقال واحد منهم: (جاسوسة يهودية). هذا غير صحيح. لكن، كان أحد الأسباب لإثارتهم أكثر». وأضافت: «عندما مزقوا ملابسي، نظرت إلى أعلى، ورأيت بعضهم يلتقطون صورا بتليفوناتهم». وعندما سألها مقدّم البرنامج: «اغتصاب بالأيدي؟»، أجابت: «نعم، لم يتوقفوا طوال هذه المدة». ومن المفارقات أن لوغان كادت أن تفصل من «سي بي إس» بعد حادث القاهرة بعام تقريبا. وذلك لسببين: أولا: بسبب أخطاء في تقرير أرسلته من ليبيا عن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي. ثانيا: بسبب خطاب ألقته في ندوة انتقدت فيه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وقالت: إن الحكومة الأمريكية تضخم قوة منظمة القاعدة. في الحالة الثانية، كتب إليها رئيسها خطابا جاء فيه: «يوجد تناقض بين نقد الحكومة وتغطية أخبارها في حياد ونزاهة». وفي كل الحالات، أثبتت لوغان أن الصحافيات صرن لا يقل عددهن عن الصحافيين في مواجهة الأخطار والأخطاء. وهناك مشكلة ثقافية أخرى، هي العلاقات بين الصحافيات الأميركيات والرجال المسلمين. عن هذا كتبت ليلى فاضل، أميركية لبنانية، ومراسلة إذاعة »إن بي أر« في القاهرة (كانت مراسلة صحيفة «واشنطن بوست» هناك). كتبت تقريرا عن الصحافيات الأميركيات في الشرق الأوسط في آخر عدد من دورية »كولومبيا جورناليزم ريفيو« (دورية الصحافة التي تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولمبيا، في نيويورك). كتبت: «في المجتمعات المسلمة المحافظة جدا، يرفض رجال، أحيانا، التحدث مباشرة مع صحافية. ويمكن أن يجعل هذا المقابلات صعبة». وأضافت: «في ليبيا، مثلا، قضيت يومين لترتيب مقابلة مع قادة الميليشيات المتطرفة من جماعة (أنصار الشريعة). في البداية رفضوا، وقالوا: إنه من غير الملائم بالنسبة لهم التحدث إلى امرأة. واقترحوا أن تكون المقابلة بالتليفون. وأخيرا أقنعهم أن تكون المقابلة مباشرة. لكن، اضطررت لأن أرتدي غطاء أسود غطى وجهي، وقفازات سوداء، وجوارب سوداء». وأضافت: «رغم كل ذلك، لم يتحدث الرجلان نحوي، ولكن نحو مساعد ليبي كان يعمل معي. وعندما أتحدث أنا، كانا يديران كرسييهما لتجنب النظر في وجهي، رغم أن كل شبر مني مغطى بالسواد».