بقلوب ملؤها الخشوع والإجلال، وأفئدة مكلومة من أثر المصاب الجلل والرزء الفادح، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاومة المرحومة غيثة علوش، أرملة الشهيد عباس لمساعدي، أحد قادة جيش التحرير المغربي، التي لبت داعي ربها راضية مرضية يوم الاثنين 22 شوال 1438 الموافق ل 17 يوليوز 2017 بمدينة الدارالبيضاء. ازدادت المقاومة المرحومة غيثة علوش سنة 1937 بمدينة فاس، ونشأت في بيت علم وتقوى وورع، فنهلت من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومن منابع الوطنية والاعتزاز بالانتماء الوطني. انخرطت مبكرا في العمل الوطني وفي حركة المقاومة والفداء حيث شاركت في عدة عمليات فدائية بمسقط رأسها. عقدت قرانها مع أحد قادة المقاومة وجيش التحرير الشهيد عباس لمساعدي الذي ناضلت بجانبه وعضدته. كانت تنقل السلاح من مكان لآخر قبل أن تلتحق رفقة زوجها بشمال الوطن لتكوين جيش التحرير، وأشرفت على مركز خزن السلاح بالناظور. شهد لها وزكى أدوارها التحريرية قادة جيش التحرير وفي طليعتهم المرحومان عبد الله الصنهاجي وميمون غوردو. والمقاومة المرحومة غيثة علوش من نساء المغرب المخلصات والغيورات على الوطن والمتشبعات بالمبادئ والقناعات الوطنية والنضالية، ظلت طيلة مسيرتها العطرة حاملة لقيم الالتزام والوفاء والبذل والعطاء والتضحية والإيثار ونكران الذات، ثابتة على المبادئ، مسترخصة للنفس والنفيس في سبيل الحرية والاستقلال، بروح وطنية عالية وعزيمة صادقة. كما سخرت ووهبت زهرة شبابها للإسهام في مسيرة النضال التحريري، بروح وطنية عالية وعزيمة فولاذية صلبة، وتحمل لقساوة الأهوال والشدائد، مخلفة لأجيال الوطن، جيلا عن جيل، سجلا طافحا بالمكرمات والمبرات والبطولات، تنهل منها وتقتدي بها في مسيرات الحاضر والمستقبل، وبشهادة كل من عايشوها وجايلوها على درب المقاومة والتحرير. إنها واحدة من الوطنيات الغيورات ومن النساء الماجدات اللواتي ضحين بالغالي والنفيس، وأبلين البلاء الحسن من أجل الحرية والاستقلال وعودة الملك الشرعي جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحيهما من المنفى إلى أرض الوطن. وعربون برور وإشادة بمسيرتها الوطنية والاخلاقية والإنسانية والقيمية، حظيت بالإنعام المولوي السامي عليها بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للمرأة يوم 8 مارس 2005، كما تم تكريمها من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وصفوة من المقاومات بمدينة الرباط المجاهدات المجيدات في 5 مارس2004، عرفانا وتقديرا للخدمات الجلى التي قدمتها للوطن. وباقتراح من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، نالت المقاومة المرحومة غيثة علوش شرف التكريم المغربي والعربي الذي خول لها صفة الأم العربية المثالية، في أعقاب الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب المنعقد في الفترة الممتدة من 16 إلى 19 مارس 2015 بمراكش. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة إلى عائلة الفقيدة الصغيرة وعائلتها الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الراحلة العزيزة بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب، وأن ينزلها منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق الله العظيم.