نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوم الثلاثاء 4 يوليوز 2017 بمكناس ، حفلا تأبينيا إحياء للذكرى الأربعينية لوفاة المرحومة فاطمة بنت الحبيب الفيلالي، أرملة المقاوم المرحوم محمد الحريكة بطاقة مقاوم رقم 505926، وقد حضر هذا الحفل الذي احتضنه بيت ابنتها الأستاذة فوزية الحريكة، المحامية بهيئة مكناس، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري، و محمد محب عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وثلة من رجال الفكر والثقافة والسياسة والإعلام، من أصدقاء عائلة المرحومة، وأسرة المقاومة وجيش التحرير، وممثلين للسلطة المحلية بمكناس، حيث فاق عدد الحضور 350 شخصا. ويأتي هذا الحفل التأبيني في إطار المبادرات الموصولة التي تنهجها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من أجل توطيد ثقافة الوفاء والبرور والاعتراف بالفضل وحسن الصنيع لنساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، لما تميزوا به من خصال حميدة ومقاصد نضالية وأخلاقية وقيم وطنية نبيلة، ولما أسدوه من خدمات جلى ومن مواقف بطولية وتضحيات جسام في مسيرة الكفاح الوطني. فبعد افتتاح الحفل التأبيني بآيات بينات من الذكر الحكيم، ألقى مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كلمة نوه فيها بالرصيد التاريخي النضالي الذي خلفته المرحومة فاطمة بنت الحبيب الفيلالي بوقوفها إلى جانب زوجها المرحوم محمد الحريكة، حيث كانت رحمها الله الزوجة المخلصة والمناضلة الصادقة، كما كان بيتها قبلة للجرحى من المقاومين، الذين كان يتم إسعافهم سريا ليعودوا من جديد إلى المقاومة، وكانت تتولى تحضير الطعام وتقديم المساعدات للجرحى بمعية شريكتها فاطمة النية وإخوان زوجها المرحوم، وتقوم بنشر الوعي والمبادئ الوطنية في صفوف النساء الوافدات على بيتها. كما تطرق المندوب السامي في كلمته إلى الأدوار الطلائعية التي اضطلع بها زوجها المقاوم المرحوم محمد الحريكة الذي انخرط منذ 1946 في حزب الاستقلال، ثم انضم إلى صفوف المنظمة السرية وكانت له عدة اتصالات بخلايا المقاومة والفداء بعدة مدن مغربية، ثم إلى أدواره المتعددة داخل صفوف جيش التحرير، حيث شارك في عدة عمليات مسلحة استهدفت مراكز القوات الفرنسية وقام بنقل الجرحى من المقاومين لتلقي العلاجات الضرورية، كما كان له دور فعال في تهريب الجنود المغاربة بالجيش الفرنسي وتسليمهم إلى مركز القيادة بدار القائد التهامي بإقليم الخميسات، وكلف بجلب الأسلحة والعتاد من قيادة المرحوم محمد ولد علي المكناسي ببني زروال إلى المجاهدين، ونتيجة نشاطه الوطني أصيب بعدة جروح في جسده. وقد تم تكريمه وإطلاق اسمه من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، على أحد شوارع مدينة مكناس برورا واعترافا بما قدمه من أياد بيضاء خدمة لهذا البلد الأمين. وفي متم كلمته، اعتبر المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن المرأة المغربية تعتبر قوة نافذة وشريكة وازنة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، والتاريخ شاهد على ذلك، إذ تبوأت وتتبوأ مكانة مرموقة في مراكز القرار على مختلف الأصعدة والمستويات، مذكرا في هذا الشأن بالإحاطة المولوية السامية لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ومباركتهما طيب الله ثراهما للمرأة المغربية، من خلال تكريمها والحرص على تعليمها وتثقيفها، وقد واصل جلالة الملك محمد السادس نصره الله عنايته المولوية بها، إذ أصبحت تتقلد المناصب العليا وتتبوأ مكانة متميزة في مختلف مناحي الحياة المجتمعية. بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ محمد محب عن المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ذكر بمناقب المرحومة خلال فترات الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال إلى جانب زوجها المرحوم محمد الحريكة ، وبنشاطه السياسي والنقابي ومواقفه السياسية الثابتة داخل الحزب، حيث كان مناضلا حرا وسياسيا محنكا يتميز بغيرة وطنية عالية، إذ ظل طوال حياته مدافعا عن وحدة واستقلال البلاد وعن نموذجه الديمقراطي والتنموي. كما تناول الدكتور عبد الرحمان البوكيلي كلمة باسم أصدقاء عائلة المرحومة، تطرق من خلالها للجانب الروحي والديني في شخصية المرحومة، التي كانت امرأة مؤمنة متعبدة، دفعها إيمانها بعدالة القضية الوطنية إلى التضحية بالغالي والنفيس إلى جانب زوجها، وهو المبدأ الذي ربت عليه أبناءها، وبقيت ثابتة عليه إلى أن لبت نداء ربها محتسبة الأجر والثواب عند خالقها. وفي ختام هذه المداخلات ألقت الأستاذة فوزية الحريكة، ابنة المرحومة فاطمة بنت الحبيب الفيلالي كلمة باسم عائلة المرحومة شكرت من خلالها المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على عنايته الموصولة بأسرة المقاومة وجيش التحرير وذوي حقوقهم، والمكتب السياسي، ومختلف الحضور من مسؤولين حزبيين وممثلي الأحزاب الوطنية والمقاومين، كما شكرت مختلف الفعاليات التي حضرت هذا الحفل التأبيني. وقد تم خلال هذا الحفل عرض ملخص شريط وثائقي عن المرحوم محمد الحريكة، بعنوان "الحاج محمد الحريكة : من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، من إنتاج شركة هديل للإعلام، وإخراج الأستاذ عبد العالي السباعي، تناول شهادات حية لمجموعة من الفعاليات السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية، أمثال عبد الواحد الراضي، وإدريس لشكر، و النائب الجهوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمكناس، الذين أشادوا بمناقب المرحوم وخصاله الحميدة وبأدواره البطولية، سواء إبان فترة الكفاح الوطني، أو من خلال نضاله النقابي ودفاعه عن العمال، ومواقفه السياسية الثابتة في دفاعه عن قضيته الوطنية التي ظل متشبثا بها إلى أن توفي رحمه الله بتاريخ 11 غشت 1995. هذا، وقد اختتم هذا الحفل التأبيني بتلاوة الفاتحة والترحم على روح الفقيدة وأرواح الشهداء وشرفاء الوطن الغر الميامين، وعلى الروحين الطاهرتين للمغفور لهما الملكين المجاهدين محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما، والدعاء بالنصر والتمكين لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.