يبدو من خلال الأحداث الأخيرة التي عرفتها الغرفة الجهوية للفلاحة بجهة سوس ماسة أن هناك قرائن ومؤشرات تهدف إلى وضع قطاع سلسة إنتاج زيت الأركان بين أيدي حفنة من الأشخاص بغرض إما خدمة أجندة شخصية وفئوية ضيقة أو خدمة مصالح مستثمرين كبار يستغلون المهنيين الحقيقيين من أجل مراكمة أموال طائلة عبر التسويق والتصدير، مع العلم أن سلسلة إنتاج زيت الأركان بالمغرب الممتدة بثلاث جهات جنوبية، وهي جهة مراكشالحوز تانسيفت وجهة سوس ماسة وجهة كَلميم وادنون، قطاع اجتماعي بامتياز، يشغل الآلاف من النساء في الوسط القروي ويضمن لهن،على الأقل، قوت يومهن وينمي الاقتصاد المحلي ويوفر فرصا للشغل شبه موسمية. لكن ومع ذلك فإن هذا القطاع الاقتصادي الناشئ لم يفلت من بروز طفيليات هي عبارة عن لوبيات إدارية ومهنية تحاول التحكم في التعاونيات وتسييسها من خلال إنتاج فيدرالية بين مهنية على المقاس، وهذا ما يتضح من خلال تجييش بعض المهنيين المحسوبين على رؤوس الأصابع من أجل خلق إطار ثان متحكم فيه عن بعد، إما لاستغلاله أوإتاحة الفرصة لكبار المستثمرين للانقضاض عليه. ولذلك فطنت العديد من العائلات المستغلة لمجال غابة الأركان(ذوي الحقوق) والتعاونيات والمقاولات الخاصة سواء من المنتجين للمادة الأولية (سلسة الإنتاج) أوالمحولين المنتجين للزيت(سلسة التثمين) أوالمسوقين والمصدرين(سلسة التسويق والتصدير)، إلى هذا المخطط الاحتكاري للقطاع بالمطالبة بإنجاز مراكز لتجميع المادة الأولية لفواكه الأركَان. وهو مطلب سبق أن تقدمت به في الأصل التعاونيات النسوية والمقاولات العاملة بالقطاع بهدف القضاء،على الأقل،على تدخل الوسطاء المضاربين الذين يستغلون ظروف الفقر والحاجة لدى الفئات العريضة من الساكنة القروية، من أجل التلاعب في أثمنة هذه المادة على حساب التعاونيات والمقاولات العاملة بهذا القطاع من جهة، وعلى حساب العائلات القروية المستغلة لغابة الأركان من جهة ثانية. ومن أجل الحد من خطورة هذه اللوبيات طالب المهنيون الحقيقيون كل السلسلات الثلاث بضرورة إعداد «دفتر تحملات»يخص مراكز التجميع المذكورة قبل البدء في إنجازها، شرط أن يكون الإعداد لهذا الدفتر بشكل تشاركي مع جميع الأطراف المتدخلة. وذلك للحيلولة دون وضع هذه المراكز بين أيدي حفنة من الوسطاء المضاربين أو بين أيدي فئة من الأشخاص يستغلونها لأغراض شخصية أوفئوية، كما شاهدنا ذلك قي عدة قطاعات في العقار والفلاحة والصيد البحري والسياحة والتجارة. إلا أنه ورغم هذه المطالب فإن الإدارة المكلفة بالقطاع ارتأت أن تصم آذانها وأن تبقي الموضوع كله داخل مجال اختصاصها دون أية إرادة في تقاسم المسؤولية مع المهنيين المعنيين. وحسب ما يروج في الكواليس من معلومات مسربة فإن مراكز التجميع المذكورة لن تبقى مهمتها محصورة فقط في حدود تجميع الفواكه الجافة للأركان ووضعها رهن إشارة المحولين من تعاونيات ومقاولات، لكنها ستمتد كذلك لتشمل مهمة التحويل الأولي لهذه الفواكه من خلال تكسيرها سواء بالآلات أو بالعمل اليدوي داخل تعاونيات نسوية جديدة سيتم إنشاؤها بشكل يضمن تبعيتها للجمعيات الإقليمية لفئة منتجي المادة الأولية. ويبقى ما يهدد القطاع حسب معظم المهنيين، هو ما يتم الترويج له إعلاميا حول»مشروع ضخم»غايته تأسيس»ماركة لمواد التجميل»تعتمد على زيت الأركان وهو مشروع في طور الانجاز تترأسه زوجة أحد كبار المسؤولين بالمغرب. واستدلت مصادرنا على ذلك أولا بدخول أحد المستثمرين الخليجيين مؤخرا إلى هذا القطاع، وثانيا تقديم التسهيلات له من قبل الجهات الرسمية مما يؤشر مرة أخرى على محاولة تستهدف الانقضاض على القطاع مما سيترتب عنه مستقبلا إقفال الأبواب أمام التعاونيات النسوية ومنعها من عرض منتوجاتها داخل أروقة بعض الأسواق الممتازة، وذلك في انتظار العمل على توقيف تعاملاتها مع التعاونيات النسوية من أجل إعطاء الامتياز في تسويق منتجات زيت الأركان لفائدة المستثمر الخليجي المذكور. والكارثة التي يحملها المخطط الذي تحاول لوبيات إدارية ومهنية فرضه هي أن هذا المستثمر المعروف سيحاول فرض أثمنة بخسة على التعاونيات، خاصة أنها لا ترقى إلى القيمة الحقيقية للمنتوج، وهو ما يجعل تصرفاته بمثابة استغلال متوحش لظروف التعاونيات في غياب أية آليات للحماية. كما أن المعلومات المسربة إلينا من عدة مصادر مهنية تتحدث عن خلق صندوق استثماري ضخم من طرف جهات اقتصادية معروفة بهدف الاستيلاء على مقدرات قطاع الأركان و المنتوجات المجالية بجهة سوس ماسة. وإذا ما تحقق هذا المخطط الكارثي فإنه سيقضي، لا محالة، ونهائيا على مئات التعاونيات النسوية الحالية وكذا على المقاولات الصغرى التي توفر حاليا فرص شغل لآلاف النساء القرويات في المناطق النائية. إضافة إلى أن تمديد مهمة مراكز التجميع ليشمل تحويل المادة الأولية، من شأنه أن يسهل تدجين هذه المراكز وجعلها تخدم مصالح كبار المستثمرين الذين يتربصون بهذا القطاع الاجتماعي الحيوي.