شهدت مدينة تطوان أيام27، 28 ، 29 و 30 يونيو 2017 فعاليات الملتقى المتوسطي الثاني للتعبير وفنون القول تحت شعار» أصوات من الضفتين لترسيخ قيم التسامح وحوار الحضارات «، المنظم من طرف جمعية الشعلة للتربية والثقافة فرع تطوان بشراكة مع جمعية أجيال21 ، بالمركز الثقافي للمدينة بمشاركة نخبة من الفنانين والمبدعين من إسبانيا ، مصر ، إيطاليا والمغرب. وكان الملتقى فرصة لتعميق النقاش حول آفاق ترجمة التراث الإنساني كمسلك لإنتاج حوار حضاري يقرب الرؤى بين مثقفي الضفتين ومبدعيها والإطلاع على ثقافة المتوسط، وكذلك الوقوف على تطور فنون القول ، ووضع قاعدة للتشاور والحوار الهادف مع مختلف الشركاء والمساهمين وفعاليات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الثقافي على المستوى المحلي، الجهوي والوطني بغية استقراء آراءهم وتصوراتهم في مجال الإبداع لتوحيد الرؤيا حول الحوار الحضاري الأمثل لترسيخ قيم التسامح عبر الفن والثقافة .وقد تم التأكيد من خلال هذا الملتقى على أن الثقافة تختزل روح الإنسانية في أبعد صورها وتجلياتها، هي التجربة والصدق والقدرة على سبر أغوار القلب الإنساني والتعرف على أدق خلجاته وإمكاناته ، مستقبله ومصيره ، وكل ما يعد مقوما من مقومات السعادة على الأرض ، فهي ليست شأن المتخصصين فحسب ولا قضية الحكومات لوحدها بل شأن الشعوب ، أولائك الذين نسجت كلماتهم وأشعارهم روابط روحية بين الضفتين لم يتمكن الزمن من محوها . وفي إطار هذه الفعاليات كان الشعر حاضرا من خلال قصائد موجهة ، امتدت لعمق الشاعر (ة) ، خاطبت هدوءه ، تأمله ،صدقه وإنسانيته بحيث امتزج الفكر بالوجدان في تناغم تام ومنسجم ، وجمعت الكلمة بين الرقة والحزن فانبثقت من خلال ثقافات أشعار أخرجت الإنسان من القول الضحل الفاني إلى القول العميق الخالد وفي هذا الإطار كان حضور الشعراء قويا ،مميزا وغنيا وأخص بالذكر كل من كوستافو فيكا ، باتريسيا تيفانلي، هشام فياض، تونيا باصولا، دونا أماتي ، عزيز زكار ، سعاد كريفطي ، عبد الغني عارف ، سناء الركراكي ودليلة حياوي. الموسيقى أيضا عرفت حضورا متميزا خلال الدورة سحرها جذب المدعوين وأهداهم بطاقة سفر للتحليق بخفة في سماء الإبداع، وذلك من خلال فنانين مميزين كأنجيلو دورتشيا ، كلوديو رجينيلي وسعيدة املال صاحبة الصوت العذب والنقي، بالإضافة إلى براعم «شقائق النعمان» الذين كانوا في مستوى اللحظة وقدموا صورة للأغنية العربية الملتزمة الجادة والنموذج الحي للتربية الفنية والثقافية برئاسة المايسترو عمر بوعزيز المربي الفاضل. وكان الإبداع الراقي والهادف من خلال المسرح حاضرا بقوة إذ استمتع الجمهور بمسرحية «سفر» للمؤلف والمخرج المسرحي عزيز زكار التي خاطبت القلوب والضمائر ووضعت الكل أمام مجموعة من التساؤلات والانتظارات حتى لا ننسى في ظل التعتيم طفولة فلسطين والقضية الفلسطينية. واختتم الملتقى بدعوة كل المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي لترسيخ قيم التسامح بين الضفتين وخلق حوار حضاري بناء وجاد ، وجعل الثقافة بمفهومها الواسع وفي أبعد صورها هي الميراث الحقيقي لأطفالنا .