أضحى الموظف المنخرط في تعاضدية «أومفام»، التابعة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي «كنوبس»، محروما من حقه في اختيار الطبيب المعالج، الذي هو حق كوني قبل أن يكون دستوريا، بل ومهددا في الدخول، نتيجة لمجموعة من العراقيل، في مواجهة مع طبيبه، مفتوحة على كل الاحتمالات، والتي قد لاتقف تفاصيلها عندهما معا، بل قد تتطور إلى مقاضاة التعاضدية نفسها، وغيرها من البدائل الأخرى، مادامت هذه الأخيرة تتعامل بمزاجية مع آلاف الملفات التي تخص علاجات الفم والأسنان، ترفض السواد الأعظم منها، وتقلّص من المصاريف التي يتم تعويضها في ملفات أخرى، وتجمّد أخرى دون النظر فيها، وغيرها من الممارسات، التي تدعو ضمنيا باقي المنخرطين إن هم أرادوا الخضوع لعلاجات على مستوى الفم والأسنان أن يتوجهوا إلى «عيادتها» والقبول بنوعية الخدمات المقدمة كيفما كانت جودتها مادامت هي معفية من المراقبة، خلافا للملفات التي تمت مباشرتها من طرف الأطباء الخواص، أو أن يُفرض عليهم معايشة أمراضهم وتتبع تداعياتها على صحتهم يوما عن يوم في صمت واستسلام؟ وضعية دفعت ممثلي ومندوبي الموظفين خلال آخر جمع عام احتضنته وجدة إلى توقيع عريضة احتجاجية، فضلا عن التدخلات التي بسطت تفاصيل الاحتقان الذي تتسبب فيه طبيبة مكلّفة بمراقبة الملفات، التي أنيطت بها هذه المهمة منذ مطلع السنة الجارية 2017، هذه «المسؤولة» التي تحظى بعناية خاصة، وفقا لما يؤكده مسارها الوظيفي، واستعرضوا معاناة الموظفين، الذين منهم من نقل احتجاجه بشكل شخصي إلى ردهات مقر التعاضدية بالدارالبيضاء، أمام مسؤولي التعاضدية الذين تعهدوا بفك أسر الملفات المحتجزة بكيفية غير قانونية، رغم انصرام الآجال القانونية المحددة، ورغم توفرها على كافة الوثائق المطلوبة التي يبينها الموقع الإلكتروني الرسمي للتعاضدية نفسه، كما هو الحال بالنسبة لصور الأشعة، في تناقض تام مع مايتم اشتراطه على أرض الواقع، ومع ذلك تتواصل فصول الأزمة، التي يبدو أنها موجّهة من جهة ما، لتأجيج الاحتقان بين الأطباء والمرضى وضرب الثقة بين الجانبين، والتأسيس لخطوات لها صلة بما يناقش داخل البرلمان وما يتم تداوله عبر أشرطة مصورة، من إحياء لمشروع لم يكتب له أن يرى النور، تكون فيه التعاضدية سيدة العلاجات دون منازع، أو هي فقط نزعة فردانية أملتها ميولات أو ضغوط ما؟ شكايات تتقاطر على التعاضدية، واحتجاجات فردية وجماعية، لم تكن كافية لحث مسؤولي التعاضدية على التدخل لنزع فتيل الاحتقان المفتوحة أبوابه على كل الاحتمالات، بل إن بعضهم اكتفى برمي اللائمة على إدارة «كنوبس»، تارة بالإدعاء أن الطبيبة المكلفة بمراقبة الملفات هي متعاقدة معها بشكل مباشر، وبأنها هي التي تمنحها خارطة الطريق التي تريدها للاشتغال عليها، وبين من يرمي بلائمة التأخير أو التجميد أو الرفض على «الكنوبس» بشكل مباشر تارة أخرى، والحال أن الإشكال برمته لايتجاوز بناية التعاضدية بمرس السلطان، بناء على ما أكدته اتصالات مباشرة لأطباء ومتضررين مع هذه الإدارة، وبالموازاة مع ذلك تتناسل الأسئلة عريضة عن سر «حصانة» الطبيبة التي كانت تمارس مهنة طب الأسنان بعيادة تابعة لمطار محمد الخامس، التي تم إغلاقها في وقت سابق، إعلانا بفشل تدبيرها، ثم انتقلت إلى عين الشق، وبعدها حطّت الرحال بمقر التعاضدية، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ بل إنه تم إحداث وتجهيز عيادة لها على المقاس على مستوى مدارة «الشهدية» بتراب الألفة بمقاطعة الحي الحسني للمراقبة، وتشمل الأسئلة تدبير لجنة المقتنيات، وتدبير الصفقات، هذه الطبيبة التي توضع رهن إشارتها كل الآليات التي تحقق لها الرغبات و»الأمنيات»، في حين هي تترك المؤمّنين عرضة للمواجهات وتهمل الملفات! إن إطلالة بسيطة على أعداد الملفات التي تعالج، منذ أن تم منح الطبيبة المذكورة هذه الصلاحية، مقابل تلك التي ترفض، والأخرى المجمّدة، تعطي فكرة واضحة عن المنهجية المتبعة في تدبير هذا الموضوع، وحجم الاختلال الذي يرخي بتبعاته على يوميات المنخرطين، في ظل غياب حكامة فعلية، واعتماد المزاجية، وتقاعس المسؤولين المباشرين عن التدخل، مع ما قد يترتب عن ذلك من احتقان وأضرار تختلف تبعاتها من شخص لآخر، والتي يمكن ألا تظل فردية، بل قد تتطور إلى أشكال احتجاجية جماعية، من المنخرطين ومن المهنيين على حد سواء، قد يصعب التعاطي معها في وقت آخر، إذا لم يتم حلّها آنيا باعتماد مقاربة شمولية وبشكل مستعجل؟