يعتبر تعاقب الفصول، واختلاف الليل والنهار، آية من آيات الله، ونعمة إلهية، يجب أن يحمد الله عليها، واستغلالها للرفع من الأعمال الصالحة والأقوال الطيبة. وتشكل بداية فصل الصيف فترة يتغير خلالها نمط الحياة الأسرية، حيث يستفيد الأطفال من العطلة السنوية، والآباء من الإجازة السنوية، والاستعداد لتلبية رغبات أطفالهم، والعمل على أخذ قسط من الراحة والترفيه، مع تخصيص وقت أكبر للرياضة البدنية وللقراءة، في الوضع الطبيعي السليم. كما تشكل عطلة الصيف، فرصة لتحسين الصحة العامة، حيث ينخفض الضغط النفسي ويكون المزاج أكثر قابلية للفرح والاستمتاع، وترتكز التوصيات الطبية التي يجب اتباعها في فصل الصيف على ضرورة الحرص على اجتناب الاجتفاف، خاصة عند الأشخاص المسنين، وذلك بشرب كميات مهمة من الماء، عدم التعرض لأشعة الشمس لمدة زمنية طويلة، اجتناب الأمراض الجلدية التي ترتفع نسبتها مع ارتفاع درجات الحرارة والعرق، الرفع من معدلات تناول الخضراوات والفواكه وشرب الماء، مع التقليص من نسبة السكريات والملح، كما أن الأشخاص المصابين بارتفاع في الضغط الدموي يتحتم عليهم في فصل الصيف الحرص أكثر على تناول الأدوية المخفضة للضغط في أوقاتها المعتادة، مع التقليص من الحصة اليومية للملح مقابل الرفع من تناول السوائل والمشروبات المائية، إلى جانب ذلك فإن الأشخاص المصابين بداء السكري يجب عليهم الحرص أكثر على نظافة القدم ، مع عدم انتعال البلغة، قص الأظافر بشكل مستقيم، تناول الأدوية في أوقاتها المعتادة، مع مراقبة السكري في الدم قبل وبعد حقنة الأنسولين، خاصة الأشخاص المعالجين بالأنسولين، وذلك لتفادي الهبوط الحاد للسكري في الدم. النساء الحوامل بدورهن يتعين عليهن التقيد بعدد من الخطوات خلال فصل الصيف، فبالإضافة للمراقبة الطبية العادية للحمل، يجب عليهن عدم الإفراط في الجهد، عدم التعرض، هن أيضا، لأشعة الشمس لمدة زمنية طويلة، توزيع الوجبات الغذائية خلال اليوم والقيام بحصة يومية من المشي، تفادي الاقتراب من القطط، طهي اللحم لمدة زمنية أكثر، ومراقبة نسب الضغط الدموي والسكري. إلى جانب ذلك يتعين على المرضى المصابين بالصرع متابعة علاجاتهم الدوائية في الوقت المحدد من طرف الطبيب، وعدم الإفراط في الجهد الجسماني والنفسي، أما بالنسبة لمرضى الربو فيجب أن يكونوا على علم بأنه في فصل الصيف تنخفض نسبة الأزمات الربوية ومع ذلك يجب تناول الأدوية المعتادة، والعلاجات الأساسية لمرض الربو مع ضرورة تجنب التدخين غير الإرادي. أما بالنسبة للأطفال فيجب على الأمهات الانتباه إليهم حتى لايفرطون في التعرض لأشعة الشمس، مع الحرص على التغذية السليمة الغنية بالخضراوات والفواكه، الابتعاد او على الأقل التقليل من شرب المشروبات الغازية الغنية بالسكريات، ومحاولة تخطيط برنامج يومي يشتمل على القراءة اليومية للمجلات والصحف والقصص، ممارسة التمارين الرياضية، اللعب مع الأصدقاء بكيفية سليمة، وعدم الإفراط في استعمال الهواتف الذكية في اللعب والإدمان على استعمال الحاسوب. كما يتعين كذلك الحرص قبل السفر على مراجعة جدول التلقيحات، وأخذ الأدوية العلاجية بالنسبة للأطفال المصابين بأمراض مزمنة مع الوصفة الطبية، وأخذ البيوسيل لاجتناب الاجتفاف في حالة الإسهال الحاد . تكثر في الصيف الرحلات سواء كانت ترفيهية أو مهنية، وفي هذا الإطار يجب على الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة عيادة الطبيب المعالج لتحيين الوصفة الطبية، والقيام ببعض الفحوصات الطبية والبيولوجية، والتعرف على القدرة على تحمل السفر من عدمها. وتعرف الحوادث الطبية الناجمة عن الأسفار وخاصة الجوية تواترا عند الأشخاص المصابين بالأمراض القلبية والشرايينية ، بحيث تشكل الصعوبات القلبية الدرجة الثانية ب 10 في المئة، بعد صعوبات الجهاز الهضمي والتي تحتل الصف الأول ب 25 في المئة. وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن 56 في المئة من الوفيات المسجلة أثناء الرحلات الجوية هي ناجمة عن أمراض قلبية وشرايينية، وتعتبر كذلك السبب الأول في الاستشفاء خارج البلاد . كما تشير الإحصائيات إلى أن الموت المفاجئ يتضاعف بأربع مرات عند الأشخاص المصابين بأمراض شرايينية قلبية في حالة الإقامة في مناطق جغرافية مرتفعة و ب 20 مرة عند الأشخاص الذين لهم سوابق جلطة قلبية. لا تخلو الاكراهات المصاحبة للسفر من تعب بدني، وارتفاع مع نقص للضغط الجوي وللأوكسجين من تداعيات على صحة المسافر، بحيث يتقلص الاحتياطي الشراييني عند الشخص المصاب بالأمراض الشرايينية عند بلوغ ارتفاع يقارب 2500 متر، كما تنضاف إلى ذلك، التغيرات التي تحدث أثناء مرحلة هبوط وإقلاع الطائرة التي تزيد من حجم المشاكل الصحية. وتتزايد المخاطر الصحية مع ارتفاع مدة السفر، وعدد الرحلات المتعاقبة في مدة زمنية قصيرة، بحيث تتضاعف نسب الإصابة بالجلطات الوريدية بثلاث مرات بعد سفر جوي يفوق أربع ساعات. كما تشدد المنظمة العالمية للصحة على أخطار الجمود وعدم تحرك الركاب خلال الرحلة الجوية. كما يتضاعف خطر الإصابة عند الأشخاص الذين لهم عوامل خطر أخرى للإصابة بالجلطة الوريدية، كالأشخاص الذين لهم سوابق شخصية أو عائلية للاصابة بالجلطة، الأشخاص المصابين بالدوالي، العلاج بالهرمونات الاستروجينية كوسائل منع الحمل، أو علاج لسن اليأس، الرضوض الحديثة، السمنة، الحمل، إجراء عملية جراحية حديثة، الإصابة بالسرطان المتطور والتدخين. كما تشكل وسائل النقل الأخرى ، مخاطر إضافية بحيث يتسبب القطار في حدوث نسبة 8 في المئة من المضاعفات، والحافلة في نسبة 20 في المئة خاصة عند الأشخاص الذين يبقون جالسين لمدة طويلة بدون تحريك للعضلات. وينصح الأطباء الأشخاص المقبلين على السفر، والذين يعانون من مرض قلبي تنفسي مزمن خاصة مرضى الشرايين القلبية ، باستشارة الطبيب المعالج، الذي يستعين ببعض الفحوصات الإضافية كتمرين الجهد، و الفحص البيولوجي لغازات الدم، والاستكشاف الوظيفي للرئة لتحديد العتبة الاسكيمية. ويعتبر الضغط الشراييني للاوكسيجين اقل من 70 ملم مركير، إشارة إلى الاستعانة بالاوكسيجين خلال السفر، إذا كان ضغط غاز الكاربون الشراييني عاديا، كما يشكل التمرين الجهدي الايجابي إشارة لمنع السفر على الشخص المصاب. وتنصح المنظمة العالمية للصحة الأشخاص المصابين بمرض مزمن بإلزامية مصاحبتهم لجميع أدويتهم الضرورية لعلاجهم خلال فترة الإقامة مع الوصفة الطبية، والتقرير الطبي للحالة الصحية، والمستلزمات الطبية الضرورية. كما ينصح الأطباء الأشخاص الذين لهم عوامل خطر الإصابة بجلطة وريدية بارتداء جوارب طبية، مع تناول السوائل بكثرة، وإجراء بعض التمارين العضلية للساق والتحرك لتفادى احتمال الجلطة الوريدية.