منذ ساعات الصباح الأولى، ومباشرة بعد صلاة الفجر، تعرف منطقة «البياضة» بعمالة مرس السلطان الفداء بالدار البيضاء، رواجاً يوميا يمتد طيلة أيام الأسبوع باستثناء يوم الجمعة. وهو رواج يزداد في شهر رمضان الكريم مقارنة مع باقي شهور السنة. «البياضة، أو بالأحرى سوق الجملة لبيع بيض الاستهلاك، تعود نشأته لعشرينات القرن الماضي، وهو الأول على صعيد المملكة. يتموقع السوق بين شارع محمد السادس (طريق مديونة سابقا) وزنقة البشير الابراهيمي الموازية له، تجد في جنبات هذه الأخيرة طابورشاحنات تبدأ في التوافد على المكان من بعد الزوال إلى حدود فجر اليوم الموالي. يقول السيد لحسن أبيضار رئيس جمعية التضامن لتجار وحرفيي ومهنيي منطقة البياضة «تبدأ الشاحنات في ولوج زنقة حمام الانف(زنقة البياضة) منذ فترة العصر وحين يزدحم الزقاق تنتظر الأخرى دورها في الجوار الى حين الصباح الباكر، وتبدأ في عرض السلع بعد عملية جرد الشاحنات واستخلاص الصنك من طرف الجهات المعنية» . بعد إفراغ حمولات الشاحنات وعرض السلع من طرف أرباب الضيعات وتجار الجملة، يتوافد الى السوق تجار التقسيط و عامة المتسوقين لاقتناء البضاعة التي تبقى أسعارها اليومية مرتبطة بمعادلة العرض والطلب. «إذا كان البيض كثيرا والطلب قليلا يكون هناك انخفاض في الثمن والعكس صحيح، وبالنسبة لرمضان هذه السنة، فإن العرض أكبر من الطلب» يقول صاحب أحد دكاكين البيض بعين المكان. عرض وفير وأسعار تتراوح بين 0,65 سنتيم الى0,90 سنتيم للبيضة وذلك حسب مقياسها (الدمراج ،المتوسط والممتاز)، وفق صلابة ولون قشرتها. وترجع هذه الوفرة، حسب تصريحات التجار ، «للسياسة التي تتبعها الوزارة الوصية عبرالفدرالية البيمهنية لقطاع تربية الدواجن،لتحسين الانتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وعدم اللجوء إلى استيراد البيض على غرار ما سجل في سنة سابقة،لما ضرب فيروس انفلونزا الطيور ضعيف الضرر(اش9 أن2 )قطاع الدواجن». ويقدر المهنيون حجم ما يستهلكه المغاربة من البيض خلال شهر رمضان بما يزيد عن 800 مليون بيضة ، مقابل حوالي 420 مليون بيضة في باقي أشهر السنة ، أي أنهم يستهلكون ما يفوق4 ملايير بيضة طيلة السنة الكاملة. ومقارنة مع الاستهلاك الفردي لبعض الدول مثل فرنسا 250، امريكا323، اليابان324، والذي يشكل الضعف مقارنة مع المعدل الوطني المسجل بالمغرب، والذي انتقل فيه المتوسط من 21 بيضة للفرد الواحد سنة 1970الى 160 بيضة سنة 2016، فرغم هذا الارتفاع الملحوظ، يبقى تناول المستهلك المغربي لهذه المادة الغذائية ذات طبيعة موسمية : « الرواج يكثر طيلة الشهر الكريم وهذا راجع لتقديم البيض كل يوم في مائدة الإفطار كمادة أولية وكمادة تستعمل في تحضيرالشهيوات الرمضانية» يقول بوشعيب أحد باعة البيض الجائلين. في السياق ذاته ، يتوخى إحداث يوم وطني للبيض، والذي يحتفل به في 15 يناير من كل سنة في المغرب، إلى جانب اليوم العالمي للبيض الذى تخلده سنويا المنظمة العالمية للبيض يوم الجمعة الثانية من شهر اكتوبر، التحسيس بالقيمة الغذائية المميزة لبيض الاستهلاك في النظام الغذائي، كونه يحتوي على عدد كبير من المواد المغذية التي تساهم في سد الحاجيات الغذائية المرتبطة بالنمو والمحافظة على الجسم في صحة جيدة.فهو يمثل مصدرا للبروتينات والأملاح المعدنية الأقل ثمنا في السوق، حيث أن القيمة الغذائية لبيضتين تعادل ما توفره 100 غرام من اللحم. كما يحتوي البيض على نسبة بروتين عالية الجودة، توفر جميع الأحماض الأمينية الأساسية التي يبلغ عددها تسعة، إلى جانب احتوائه على الدهون وكذا كمية مناسبة من الفيتامينات والمعادن الضرورية، و يتضمن أيضا مادة الكولين ، والتي هي عبارة عن مركب ضروري لتطور المخ والذاكرة لدى الإنسان. هذه الخصائص الغذائية تبقى مجهولة من قبل نسبة كبيرة من الأسر المغربية، كما يبقى عدم الأخذ على محمل الجد خطورة البيض الفاسد على صحة الإنسان حاضرا بتواجد السالمونيلا وغيرها من البكتيريا، رغم الجهود المبذولة من طرف الجهات المختصة والتي تعمل على إيفاد لجنة خماسية يترأسها طبيب بيطري تصدر غرامات مالية ضد كل من ثبت في حوزته بيض فاسد.»لا يباع البيض الفاسد في سوق البياضة، واذا كان تواجده في أماكن أخرى فهذا راجع للمضاربين الذين يحتكرون السلع ويعملون على تخزينها في ظروف تفتقر للحد الادنى من شروط السلامة» يؤكد محدثنا لحسن ابيضار، مضيفا « أنه بمعية سلطات مجلس مدينة الدارالبيضاء، وبصفته ممثل تجار سوق البياضة، فإنهم بصدد البحث عن مكان لإنشاء سوق جديد لبيض الاستهلاك يتوفر على معايير وشروط تخزين مناسبة ومواتية لتجار السوق، علما بأن البيض يظل صالحا وآمنا للاستهلاك لمدة 4 الى 5 أسابيع بعد تاريخ الانتاج، كما ينصح بعدم تناول البيض النيئ أو غير المطبوخ جيدا، تفاديا لكل ما من شأنه إلحاق الأذى بصحة المستهلك.