دشنت الأممالمتحدة انطلاق مسلسل ذي أهمية عالمية قصوى، يوجد موضوعه منذ مدة على طاولات المؤتمرات الدولية والإقليمية والعلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف. إنه مسلسل من أجل صياغة ميثاق عالمي حول الهجرة. وكانت أولى ندواته الموضوعاتية ، قد انعقدت في موضوع « حقوق الإنسان لجميع المهاجرين»وحظي المغرب بشرف في شخص السفير الممثل الدائم لبلادنا لدى الأممالمتحدة بنيويورك عمر هلال تسييرها لما لذلك من دلالة . . فالمغرب خطا منذ سنين خطوة مهمة بإقراره لسياسة جديدة للهجرة، ترتكز على مقاربتين إنسانية وحقوقية أصبحت موضع إشادة من طرف المجتمع الدولي ونموذجا لدى المنظمات الدولية. إن تحدي الهجرة اليوم، يعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها العالم، خاصة لما لذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية . فهناك أكثر من 260مليون شخص هاجروا من مواطنهم الأصلية إلى بلدان أخرى اضطرتهم ظروف عدة لذلك من بينها الأوضاع الاقتصادية والحروب والتغيرات المناخية … لكن أوضاعهم في بلدان الاستقبال محفوفة بالعنصرية والكراهية، مسيجة بقوانين، تمس بكرامتهم، محاطة بسياسات تجعل منهم مشجبا لكل المشاكل … ففي أوربا والولايات المتحدةالأمريكية، المجالان اللذان يتصدران مواضيع مناقشات الهجرة، يتحول هذا الملف من بعده الاقتصادي، حيث ساهم المهاجرون في بناء القارة العجوز، بعد الحرب العالمية الثانية، وتشييد بنيات الاقتصاد في العالم الجديد، إلى بعد أمني، إذ يتم التعامل معهم اليوم وأكثر من أي وقت مضى، على أنهم مجرد خزان للااستقرار وفتيل للتوتر، مهدد للهويات…وهاهي الحملات الانتخابية تجعل من المهاجرين ورقة أساسية في استمالة الناخبين، والدفع بهم إلى صناديق الاقتراع . وهاهي القوانين يتم مراجعتها، كي تسقط عنها كل المكتسبات، التي تم تحقيقها من قبل لهاته الفئة ولأجيالها. إن على الميثاق العالمي المرتقب، أن يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع التي تواجه المهاجرين « سواء في بلدان العبور أو في بلدانهم الأصلية، والإمكانيات المتاحة من أجل الرد وبشكل أفضل على وضعية الهشاشة التي تعيشها النساء والأطفال، بشكل يقي من استغلالهم وانتهاك حقوقهم»، كما أوضح المغرب وهو يترأس الندوة . و على هذا الميثاق الذي من المرتقب أن يرى النور في نهاية سنة 2018 باعتباره آلية أممية أن يكرس الحقوق الإنسانية للمهاجرين مهما كان وضعهم. لقد أخلفت أوربا الموعد بعدم مصادقة أغلب دولها على الاتفاقية الأممية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي أقرتها الأممالمتحدة في دجنبر 1990 وهو ما يفضح رؤية هذه الدول للموضوع، حيث اتضح أنها لا تنظر له من الزاوية الحقوقية والكرامة البشرية بل فقط من زاوية الاستغلال . ونتمنى أن تكون مناسبة تدشين مسلسل إعداد الميثاق فرصة للمصادقة على الاتفاقية من جهة ومن جهة ثانية إنتاج ميثاق يرتكز أساسا على المقاربة الحقوقية، فأهمية الموضوع وحساسيته» تحثنا على الدخول في حوار بناء، وبتحليل واقعي، ومقترحات ملموسة وتبادل للممارسات الجيدة «. ولن يتأتى ذلك سوى بجعل ترسانة حقوق الإنسان المرجعية الأولى والرئيسية لهذا الميثاق