بعد 30 عاماً على تأسيسها و 11 عاما على وصولها إلى الحكم في السلطة الفلسطينية ، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية " حماس " وثيقة سياسية جديدة تضمنت ، للمرة الأولى ، قبولا بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، في ما بدا نوعا من «الواقعية السياسية »، علما أن الوثيقة الجديدة لا تعترف بإسرائيل، لكنها تعترف ضمنا بوجودها على أرض الواقع. وتأتي الوثيقة، التي أقرها مجلس الشورى العام في 28 دجنبر الماضي تزامنا مع مغادرة خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي للحركة، والذي ظل على رأسه 20 عاما، وقبل أيام قليلة من إعلان الرئيس الجديد للمكتب السياسي. ولم تأت الوثيقة المؤلفة من 42 بندا , وبدأت صياغتها عام 2012 ، على ذكر المفاوضات وسيلة لإيجاد حل للصراع مع إسرائيل، لكنها «اقتطفت» بعض بنود وثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى) التي وقعتها الفصائل كافة ، وتنص على أن أي اتفاق للسلام مع الدولة العبرية يجب أن يعرض على استفتاء شعبي أو المجلس الوطني الفلسطيني الجديد. ولأن الحركة الإسلامية، التي تسيطر على القطاع منفردة منذ الانقسام عام 2007، تخشى أن تتهم بأنها تنكرت لميثاقها الذي وضعته عام 1988، وتخلت عنه كما تخلت حركة «فتح» عن بعض بنود ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية المتعلقة بتدمير إسرائيل ، فإنها فضلت وضع هذه الوثيقة وعدم إدخال أي تعديلات على الميثاق. وتعتبر الوثيقة ، التي تعكس تطورا ما على فكر الحركة وأدائها السياسي خلال أكثر من ربع قرن من العمل المقاوم والحكم، منظمة التحرير الفلسطينية «بيت الفلسطينيين الجامع» الذي يجب الحفاظ عليه وإعادة بنائه وتطويره وتفعيله. وكي تنأى بنفسها عن جماعة «الإخوان المسلمين» الأم المحظورة في مصر ، فإن الحركة عمدت إلى تعريف نفسها في الوثيقة بأنها «حركة وطنية فلسطينية بمرجعية إسلامية هدفها تحرير فلسطين» بكل أشكال المقاومة وأدواتها، بما فيها الكفاح المسلح. وانتقلت الحركة، التي تعتبر نفسها «وسطية» وتنفي عنها تهمة التطرف، من وصف اليهود ب «أبناء القردة والخنازير» إبان الانتفاضة الشعبية الأولى (1987- 1993)، إلى تأكيد أن الصراع ليس مع اليهود لأنهم يهود، بل مع الاحتلال الإسرائيلي. ولإبعاد شبهة سعي الحركة إلى حلول أو مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ، رفضت الحركة في وثيقتها مشاريع التوطين أو الوطن البديل، واعتبرت أن المشروع الوطني هو مشروع كل الفلسطينيين، وتهدف الحركة إلى أن تكون الدولة كاملة السيادة «ثمرة» التحرير، لا كما ذهبت «فتح» إلى عملية معكوسة تتمثل في إقامة بنى الدولة قبل التحرير. ومع أن الحركة فازت بغالبية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006، وتعمل في إطار السلطة الفلسطينية تحت سقف اتفاق أوسلو ، إلا أنها رفضت الاتفاق وكل الحلول التي يمكن أن تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته. وتسعى الحركة من خلال الوثيقة ، التي تعكس «براغماتية» سياسية، إلى أن تحصل على «الشرعية» العربية والدولية ، ودخول نادي الأحزاب الكبرى المؤثرة. لكن مراقبين يرون أنه من دون اعتراف الحركة الصريح بالدولة العبرية ، وبالاتفاقات الموقعة معها و «نبذ العنف» لن تتمكن من الحصول على الاعتراف المطلوب. وفي القاهرة رأت مصادر مطلعة، في نأي «حماس» بنفسها عن جماعة «الإخوان»، خطوة مفيدة للحركة وللمنطقة. وقالت ذات المصادر إن الارتباط العضوي بين الحركة والجماعة أضر بالعلاقات بين القاهرة والحركة طوال السنوات الماضية، على رغم حفاظ السلطات المصرية على خطوط اتصال لضمان أمن الحدود والتسهيل والتحكم في حركة التنقل والتبادل بين سيناء و قطاع عزة. وأكدت المصادر ضرورة أن ترتبط الأقوال بالأفعال لتكون حماس قادرة على التحرك من جديد في وسطيها العربي والإسلامي , وبما يمكن عواصم عدة من العودة لدعم مطالبها وخطها السياسي. وعزت نقس المصادر التحرك الجديد ل»حماس» والذي تجتهد الحركة في تحديد مساراته طوال الأشهر الستة الماضية إلى «تغييرات محتملة» في فكر «حماس»، تسعى بها إلى ملاحقة التطورات الدولية وفي المنطقة، والابتعاد قدر الإمكان عن الضغوط الإسرائيلية والأميركية التي تصنف حماس كحركة إرهابية في الفترة المقبلة، خصوصا في عهد الإدارة الأميركية الجديدة. وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن «حماس» تشاورت مع جهات عدة قبل الإقدام على إعلان وثيقتها السياسية الجديدة , وأشارت إلى أن القاهرة كانت إحدى الجهات التي استشارتها الحركة. وكانت مصادر خليجية قد استبقت موعد إعلان الوثيقة السياسية الجديدة ل «حماس» بالقول إن الوثيقة ستحذف الدعوة لتدمير إسرائيل، وتعلن فك ارتباط الحركة بجماعة «الإخوان المسلمين».ويبدو أن الخطوة تهدف إلى تحسين علاقات «حماس» مع الدول الخليجية العربية ومصر، فضلا عن الدول الغربية، التي يصنف كثير منها «حماس» منظمة إرهابية. وأبلغت المصادر الخليجية وكالة «رويترز» أن الوثيقة السياسة المعدلة ستواصل رفض حق إسرائيل في الوجود ودعم «الكفاح المسلح» ضدها. وكانت «حماس» خاضت ثلاث حروب مع إسرائيل منذ عام 2007، ونفذت مئات الهجمات المسلحة في إسرائيل وفي أراض تحتلها إسرائيل منذ تأسيس الحركة قبل ثلاثة عقود. ولم يتضح بعد إن كانت الوثيقة تحل محل ميثاق «حماس» لعام 1988 الذي يدعو الى تدمير إسرائيل أو تعدله. وثيقة «حماس» الجديدة صدرت قبيل زيارة عباس لواشنطن في الثالث من الشهر الجاري ، فيما تعد إدارة الرئيس دونالد ترامب للضغط مجددا لإحياء محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويقول محللون إن الوثيقة المعدلة قد تتيح ل «حماس» إصلاح العلاقات مع الدول الغربية، وتمهد الطريق لاتفاق مصالحة مع منظمة التحرير الفلسطينية التي يقودها عباس . وتصنف دول عربية متحالفة مع الولاياتالمتحدة، بينها مصر والإمارات ، جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية. وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» الذين يبلغ عمر حركتهم 89 عاما ، تولوا السلطة في مصر مدة عام بعد انتفاضة شعبية عام 2011. وتنفي الجماعة صلتها بالمتشددين الإسلاميين وتروج لفوز أحزاب سياسية إسلامية بالسلطة من طريق الانتخابات. واعتبر مسؤولون في منظمة التحرير الفلسطينية الوثيقة السياسية الجديدة لحركة «حماس» محاولة للحصول على اعتراف الغرب والإقليم بها. وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة أحمد مجدلاني ، إن « حماس تحاول أن تتأقلم مع التغيرات الدولية و الإقليمية» . وأوضح «أن بعض النقاط في الوثيقة غامض وملتبس، ويحتمل أكثر من تفسير، لكنها عموما اقتربت كثيرا من برنامج منظمة التحرير في ما يتعلق بالدولة المستقلة على حدود عام 1967، واستخدام أساليب النضال المختلفة». وقال إن «الخلاف السياسي بين منظمة التحرير وحماس وجد طريقه إلى الحل في وثيقة الوفاق الوطني عام 2006، وأن الخلاف القائم هو خلاف على السلطة وليس خلافا على السياسة». وأضاف: «مشكلتنا مع حماس جاءت بعد السيطرة على السلطة في غزة بالقوة المسلحة ، وإذا ما تراجعت عن ذلك، يمكننا تشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية». لكن الناطق الرسمي باسم حركة «فتح» أسامة القواسمي انتقد «حماس» لأنها حسب قوله «احتاجت ثلاثين عاما لتخرج علينا بذات مواقفنا بقبول إقامة دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967»، معتبرا أن «وثيقة حماس الجديدة هي وثيقة مطابقة لموقف منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988». أما «حركة الجهاد الإسلامي» فقد انتقدت الوثيقة السياسية لحركة «حماس» واعتبرت أنها «جاءت في توقيت غير مناسب». وقال نائب الأمين العام ل «حركة الجهاد» زياد النخالة إن «القبول بدولة في حدود 1967 غير مرحب به»، وأن «الجهاد» ترفض هذا الحل، مشيراً الى عدم وجود توافق وطني فلسطيني حوله. وعموما خلقت الوثيقة السياسية الجديدة أرضية واسعة مشتركة مع منظمة التحرير من خلال الدعوة إلى إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967، واستخدام أشكال النضال المختلفة، والإعلان أن «حماس» حركة وطنية ذات مرجعية إسلامية، وأن العلاقة بين المواطنين في فلسطين يحكمها القانون المدني. ومن جانب إسرائيل وكما كان متوقعا فقد اعتبر الإسرائيليون وثيقة حماس«وثيقة خداع»، و«عملية شد وجه صغيرة»، و«عرض عابث»،و «غش وخداع»… وقد رأوا أن توقيت صدورها عشية احتفالات إسرائيل بذكرى تأسيسها، لم يكن مصادفة ولا يقتصر فقط على زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. الإسرائيليون ترقبوا عرض رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، لهذه الوثيقة وتابعوا كل تفاصيلها. السياسيون منهم لم يتأخروا في التعليق وكان السبّاق بينهم رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو ، الذي حاول التقليل من أهمية هذه الوثيقة ومضمونها واعتبرها مجرد «عرض عابث» ورأى في مضمونها استمرارية لاستثمار حركة «حماس» لكل مقدراتها من أجل مواجهة إسرائيل. وأصر على رغم تراجع الحركة عن بند إبادة إسرائيل ، أن «حماس» تؤكد بوثيقتها هذه وحديث مشعل ، عدم التراجع عن موقفها الداعي إلى تدمير إسرائيل. وحاول من خلال تعليقه على الوثيقة إظهار الحركة كعدو خطير لإسرائيل واستعدادها المتواصل للحرب عليها. فنتانياهو وغيره من السياسيين، وخصوصا الداعمين لسياسته يرون أن التغيير الذي تضمنته الوثيقة لا يعني إحداث تغيير حقيقي لدى الحركة إنما يكون التغيير الحقيقي في التوقف عن حفر الأنفاق وعن تربية الأطفال على قتل الإسرائيليين. وعلى الطريق ذاته خرج ضد الوثيقة أيضا منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ، الجنرال يوآب مردخاي، الذي يعتبر الحاكم العسكري الإسرائيلي ويتحكم في قنوات الاتصال والإتجار بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. فكتب على صفحته في الشبكات الاجتماعية معلنا: «القرآن دستورنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا – هذا هو الوجه الحقيقي لحماس الإرهابية. وليس ميثاقها أو وثيقتها الجديدة، سوى خدعة بحتة». الإسرائيليون في معظمهم خرجوا بموقف شبه موحد بأن الحركة ما زالت الخطر المحدق بإسرائيل. حتى رئيس المعارضة ، إسحاق هيرتسوغ، هاجمها ولم ير فيها أي تغيير إيجابي. وزاد موقف الإسرائيليين حدة بعد التهديدات التي أطلقها الجناح العسكري ل «حماس»، كتائب عز الدين القسام، في اليوم الثاني من إعلان الوثيقة، وأمهلت إسرائيل بالتجاوب خلال 24 ساعة مع مطالب الأسرى الأمنيين المضربين عن الطعام، وأوضحها الناطق بلسان الكتائب، أبو عبيدة، بالإعلان أن ثلاثين أسيرا سينضمون إلى قائمة الأسرى المضربين عن الطعام ، في كل يوم تتأخر إسرائيل عن التجاوب مع مطالبهم. وأشاروا إلى ما تضمنته الوثيقة من تشديد على الاستمرار في الكفاح المسلح ، معتبرين إياه دليلا آخر على أن «حماس» لم تتغير والوثيقة لم تأت بجديد يمكنه أن يخرجها من حلقة التنظيمات الإرهابية ، واعتبر بعضهم الوثيقة مجرد مجموعة رسائل ، موجهة أساساً إلى الدول العربية والرئيس أبو مازن. هناك من تناول الوثيقة من جانب آخر ، ليطمئن الإسرائيليين. بعضهم رأى جوانب جديدة بينها أن الحركة لأول مرة تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67. وهذا يعني في رأيهم , أن الأحلام بفلسطين الكبيرة اختفت، إذ إن الوثيقة تطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، بقيادة «حماس»، على كل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كعاصمة لها. وهذا يعني، وفق ما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنه ومن دون ذكر الاسم والتسمية بالتفاصيل، أن «حماس» توافق على «دولة أخرى»، هي إسرائيل، كجارة لها. ولكن خلافا للسلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن، تطالب أولاً، بتحرير كل الأراضي المحتلة، من دون التخلي عن شبر واحد ومن دون الموافقة على تبادل الأراضي. وفي تحليل الإسرائيليين للوثيقة يحسمون أن الحركة أرادت توجيه أكثر من رسالة إلى الحركات الإسلامية أيضا، فهي تتنصل من العلاقة مع الحركة الأم، «الإخوان المسلمين»، وتلتزم أمام حكومتي مصر والأردن «بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى». وهذا، في رأي الإسرائيليين، هو أيضا سبب إعلانها بأنه ليس لديها أي شيء ضد اليهود واليهودية، وإنما ضد «الاحتلال الصهيوني». صحيفة «هآرتس» ترى أن الوثيقة تتضمن جوانب جديدة، لا تظهر العنف والرغبة في تدمير إسرائيل. وتقول أن الوثيقة معدة، أولا، للشعب الفلسطيني وتنطوي على بنود وعبارات تمت صياغتها خلال المفاوضات على المصالحة مع منظمة التحرير الفلسطينية. كما تتوجه الوثيقة إلى الخارج، وليس إلى الحكومات الغربية، وإنما للدول العربية والإسلامية والحركات الشعبية العربية المؤيدة لكفاح الفلسطينيين ضد الاحتلال. وخلافا لرأي نتانياهو ترى الصحيفة أنه في كل ما يتعلق بإسرائيل، تثبت الوثيقة أن «حماس» هي حركة تصغي للانتقادات ، أو حسب قول خالد مشعل، تعرف كيف تتطور وتتجدد وتعترف بخطر التحجر. وتلائم الوثيقة الجديدة ذاتها مع التعريف الذاتي للتنظيم: حركة تحرر ومقاومة قومية ، فلسطينية وإسلامية، هدفها تحرير كل فلسطين ومحاربة المشروع الصهيوني. نقطة الانطلاق في الميثاق، برأي الصحيفة، بأن مصدر الصراع هو ديني – تختفي من وثيقة المبادئ ، لكنه في وثيقة المبادئ، أيضاً، بقي الإسلام مصدرا للصلاحيات، وفلسطين هي دولة عربية إسلامية – يمنحها الإسلام مكانتها الخاصة. في ثلاث نقاط أخرى بارزة، تصغي الوثيقة إلى الانتقاد الداخلي، وفق «هآرتس» وهي: إنها تتطرق إلى المسيحيين الفلسطينيين، من خلال الإشارة إلى أن فلسطين هي موطن المسيح. وأما بنود الميثاق المتعلقة بمكانة المرأة في البيت والعائلة وكونها «منجبة الرجال»، الذين يحاربون من أجل التحرير – فقد استبدلت ببند عام حول دورها الحيوي في المجتمع. وحرصت الصحيفة الإسرائيلية على سماع رأي من «حماس» فنقلت على لسان عضو ناشط في قيادة الحركة، رفض كشف هويته، أنه «فور نشر الميثاق في 1988، تقريبا، سمعت في الحركة أصوات تطالب بتغيير بعض بنوده ، إذ إن تلك البنود لم تكتب خلال إجراءات مشتركة، وليست دقيقة من ناحية «علمية وقانونية». ووفق أقواله، فإن ناشطي «حماس»، الذين تم طردهم إلى مرج الزهور في لبنان (في مارس 1992)، ناقشوا لأول مرة جدية الحاجة إلى تغييرها. لكن الأمر لم يتم لأن المقصود عملية متواصلة ومعقدة من التفكير والمشاورات ، خلال فترات صعبة من التصعيد العسكري. والحقيقة هي أن الوثيقة الجديدة لا تسمى «ميثاقا». ومن شأن «إلغاء» الميثاق أن يكرر الإهانة التي تعرضت لها منظمة التحرير، عندما تم إجبارها على إلغاء بنود من ميثاقها الصادر عام 1968، بسبب تعارضها مع اتفاق أوسلو. لكن ميثاق حماس لم يعد البرنامج الفكري الرسمي». وردا على سؤال الصحيفة ما إذا كانت «حماس» فعلا قطعت كل ارتباط بحركة «الإخوان المسلمين»، لمجرد عدم الإشارة إليها في الوثيقة الجديدة؟ قال المسؤول في «حماس»: «خلافا لادعاءات فتح، فإن العلاقة مع حركة الإخوان المسلمين كانت علاقة عاطفية وليست مؤسساتية – تنظيمية – قيادية، يخضع كل ذراع لأوامر ما يشبه «الكومنترن». والحقيقة، يضيف المسؤول «الحمساوي»، أنه في كثير من الدول لجأت الأحزاب المرتبطة ب «الإخوان المسلمين» إلى سياسة مختلفة. هناك، أيضا من الإسرائيليين، من يشعر بقلق حقيقي من الوثيقة حيث قال البعض صراحة أنه يوجد قلق على صورة الإسلام وفهم «حماس» بأن عليها الابتعاد وإبعاد أنصارها عن التماثل مع «داعش». ودعا سياسيون وخبراء إلى الانتظار قليلا «لرؤية ما إذا كان التشدد المبدئي في الوثيقة يهدف إلى تخفيف المرونة السياسية في «إدارة الصراع» كتعريف الوثيقة. بعض المعلقين الإسرائيليين كتب قائلا : «كيفما نظرنا، فسنجد أن ميثاق حماس الأصلي اجتاز عملية تجميل وجه صغيرة: أخيرا، شطبت حماس الدعوة إلى تدمير إسرائيل، ولكن بالروح نفسها تقسم بأنها لن تتخلى عن الكفاح المسلح ضد الاحتلال بكل الوسائل والطرق». هذا يعني أننا لم نتخلص من الانتحاريين ، وعمليات الطعن والعبوات والأنفاق والقذائف والاختطاف…. ولو كان من الممكن التعامل مع وثيقة المبادئ كنقطة انطلاق، لمواصلة الحوار السري وإدراج بعض التغييرات، لكان يمكن تمويه الحسابات الطويلة مع حماس والخطو معا نحو فجر يوم جديد. لكن حماس هي حركة أيديولوجية متعنتة اقسمت بعدم الاعتراف بإسرائيل، ومواصلة العنف وعدم التحرك حتى لسنتيمتر واحد». المواقف الإسرائيلية من وثيقة «حماس»، إذا، تتراوح ما بين الرفض والتشكيك. وحتى الأوساط التي ترى تغييرا بسيطا ما في مواقف «حماس»، تظل تعتبرها عدوا. وهذا يعني أن السياسة الإسرائيلية تجاه «حماس» لا ولن تتغير. وستواصل محاربتها. وتسعى إلى إقناع العالم بأنها لم تتغير في شيء، حتى تبقي على حججها لتوجيه ضرباتها العسكرية سواء كان ذلك في الحروب على قطاع غزة أو في الملاحقة والمطاردة في الضفة لغربية أو الاغتيالات في الخارج. لكن العديد من المتتبعين للشأن الفلسطيني الداخلي يجمعون على القول بأن هذا التحول في الموقف السياسي لحماس , وإن كان خطوة مهمة على طريق المصالحة وإنهاء الإنقسام , فإن المحك الحقيقي لذلك سيكون هو رهان القوة المفتوح بين السلطة الوطنية في رام الله التي تصر على مواصلة ما تسميه " …تجفيف كل مصادر تمويل انقلاب حماس .." و ما تهدد حماس باتخاده لمواجهة محاصرتها في غزة ….وتلك قصة أخرى .