تحت مجهر المجلس الأعلى للحسابات .. كشف المجلس الأعلى للحسابات ، في آخر تقرير له، عن وضع صادم ل»جودة» مياه الشرب بالقنيطرة وعن تقاعس الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالإقليم في حماية المياه الموزعة من مخاطر التلوث، مشيرا إلى أنها « توزع مياه الشرب على المشتركين بالشبكة من دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان جودة المياه وحمايتها من مخاطر التلوث». التقرير، الذي اعتبره متتبعون للشأن المحلي بالنفوذ الترابي للإقليم، «قاتما» ويستدعي فتح تحقيق، وليس فقط توصيات كما ورد فيه، أوضح أن الوكالة تقوم «باستغلال أثقاب على الرغم من مخاطر التلوث التي تعرفها، وذلك في غياب إجراءات تمكن من الحد من هذه الأخطار، حيث إن بعض الأثقاب غير محصنة ضد تسربات المواد الملوثة الناتجة عن الأنشطة المزاولة بالقرب منها. وفي غياب تحديد مدارات الحماية، تبقى الوكالة غير قادرة على حماية هذه الأثقاب من التلوث». ويضيف التقرير أن «الوكالة تقوم باستغلال مجموعة من الأثقاب دون اتخاذ الإجراءات لإحداث مناطق الحماية اللازمة وأن العديد من الأثقاب محاطة ببنايات ومناطق سكنية ولا يمكن للوكالة حماية مواردها المائية من الأنشطة والمنشآت التي من شأنها أن تشكل مصدر تلوث في ظل استراتيجية عملها». كما أكد قضاة مجلس الحسابات «أن الوكالة لم تقم بإنجاز البناءات اللازمة لحماية تجهيزات مجموعة من الأثقاب، فبالإضافة إلى أخطار التلوث الأخرى، فإن بعض هذه الأثقاب تبقى معرضة لفضلات الحيوانات». و «أن بنايات بعض الأثقاب لا تمنع دخول الحيوانات الصغيرة (الطيور والقوارض والحشرات والزواحف....)، حيث توجد بهذه البنايات نوافذ صغيرة تطل مباشرة على أحواض الكلور المستعمل لمعالجة المياه المنتجة». وبناء على المعطيات التي استندت إليها تحريات «القضاة»، أفاد التقرير بأن «عدم احترام معايير حماية الأثقاب من جهة، وعدم فصل نقط أخذ الماء عن الغرفة المخصصة للكلور من جهة أخرى، يشكل خطرا على جودة المياه المنتجة». في السياق ذاته ، تم تسجيل «أن الوكالة لا تقوم بتنظيف وتعقيم خزاناتها المائية بشكل منتظم. فمقارنة بما تنص عليه بعض المعايير الدولية كمدونة الصحة العمومية في فرنسا، حيث تلزم بتنظيف الخزانات المائية على الأقل مرة واحدة في السنة، فإن وتيرة تنظيف وتعقيم الخزانات المائية للوكالة تبقى منخفضة»، وأورد نموذجا لخزان ماء لم ينظف وتعقيمه إلا بعد خمس سنوات وسبعة أشهر من آخر مرة نظف فيها وآخر لم ينظف إلا بعد أربع سنوات وعشرة أشهر. وينتج عن التأخر في تنظيف وتعقيم الخزانات المائية تكون ترسبات على جدرانها وسطحها ، الشيء الذي يتسبب في تدهور جودة المياه الموزعة؟ و بالإضافة إلى ما سلف من اختلالات، أبرز التقرير « أن ضعف وتيرة تنظيف وتعقيم الخزانات المائية لا يسمح للوكالة بالقيام بصفة دائمة بتشخيص حالة هذه الخزانات، وبالتالي برمجة أشغال الإصلاح والتهيئة اللازمة عند الاقتضاء»، مسجلا أن «الوكالة لا تخصص الوقت الكافي للتفاعل بين جدران الخزانات المائية والمواد المعقمة، وذلك خلال عمليات التعقيم التي تلي تنظيف الخزانات، مما من شأنه أن يتسبب في ضعف تعقيمها بعد تنظيفها». لكن الخطير «أنه – كما ورد في التقرير – لوحظ أن المياه المستخرجة من مجموعة من الأثقاب يتم ضخها في شبكة التوزيع دون أن تمر عبر الخزانات المائية» ، علما بأن «من شأن هذه الوضعية، التي لا تتطابق مع مضمون دليل الوزارة المكلفة بالصحة ، أن تتسبب في تدهور حالة شبكة التوزيع وأن تؤثر سلبا على جودة المياه الموزعة. فضخ المياه المستخرجة مباشرة في شبكة التوزيع لا يسمح بترسب المواد الصلبة العالقة ولا يعطي الوقت الكافي لمعالجة المياه بمادة الكلور قبل وصولها للمستهلك». هذا ويجدر التذكير أن سكان مجموعة من المناطق والأحياء بمدينة القنيطرة وضواحيها ،سبق أن اشتكوا غير ما مرة من «تلوث مياه الشرب ومن مكونات عضوية تخرج من الصنابير» ، وكانت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء والسلطات المعنية لا تتعامل مع هذه الشكايات بالجدية المطلوبة والاستعجالية اللازمة أو تكتفي بالتأكيد «على أن مياه الشرب تتوفر فيها معايير الجودة المعمول بها دوليا» ؟.