تم، الثلاثاء الماضي بالرباط، تقديم كتاب جديد بعنوان «الجزائر: أزمة النظام وسراب الدولة» لمؤلفه محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بحضور ثلة من المفكرين والجامعيين والخبراء في القانون الدولي. بنحمو خلال حفل تقديم هذا المؤلف الذي يقع في 168 صفحة، والصادر عن منشورات المعرفة، قال إن هذا الكتاب يحلق بالقارئ إلى عوالم النظام الجزائري، ويوضح عدم قدرة المؤسسات السياسية الجزائرية على إقامة نظام مدني ديمقراطي يحترم أسس دولة القانون، مشيرا إلى أن الإصلاحات السياسية والدستورية الشكلية التي تمت بعد الاستقلال لم تستطع ملامسة عمق المشكل. واعتبر الكاتب أن غياب ثقافة الدولة في الجزائر جعل بناءها صعبا وحال دون وضع سلطة شرعية، مركزا على نفوذ الجيش كسلطة عليا وبنية حقيقية منظمة تستطيع التحكم في السلطة بقبضة حديدية. وأوضح أن هذا العمل الأكاديمي التحليلي للوضع السياسي في الجزائر يهم تاريخ هذا البلد ومجموع الرؤساء الذين تعاقبوا على السلطة. كما يتناول الحرب الأهلية الجزائرية المسماة «العشرية السوداء» التي تبقى جرحا عميقا بالنسبة للجزائر وصفحة مؤلمة في الذاكرة الجزائرية المشتركة. ويكشف الكتاب أيضا العلاقة بين السلطة والمال وكيف تم تجاوز المصلحة العامة للبلاد لحساب المصالح الشخصية، والاغتناء غير المشروع الذي شجع على ظهور الدكتاتورية والمحسوبية والفساد. وسلط بنحمو الضوء أيضا على اللجوء إلى العنف في الجزائر لتسوية وتدبير الصراعات السياسية، والذي قد يصل إلى نسب مقلقة، تتجلى من خلال الإبعاد القسري بل وحتى التصفية الجسدية، «وهو ما يؤكد أن النظام العسكري يبقى عائقا أمام الخيار الديمقراطي في الجزائر». وخصص الكاتب الفصل الأخير، «الجزائر قبل العاصفة»، للتطورات التي يعرفها هذا البلد، خاصة الإعداد لمرحلة ما بعد بوتفليقة وتداعياتها على استقرار البلاد والانتقال الديمقراطي. وحسب محمد بنحمو، يعيش هذا البلد المغاربي اليوم أزمة داخلية لا مخرج منها، تتسم بإعادة إنتاج النظام وتحكم العسكريين، وإضعاف النخبة السياسية ومراقبة المجتمع المدني والإعلام وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، « وهو ما يقود البلاد نحو المأزق وينذر ببداية مرحلة جديدة من الشك وعدم اليقين». وأوضح أنه أمام هذه الظرفية الصعبة، لا سميا مع الحالة الصحية المتدهورة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تتضاعف التحديات وتهدد استقرار البلاد وأيضا أمن منطقة المغرب العربي-الساحل برمتها، مضيفا «إلى أين تمضي الجزائر» هو السؤال الذي يحاول أن يجيب عليه هذا الكتاب. من جهة أخرى، سجل الخبير الدولي في القضايا الاستراتيجية والأمنية أنه بصدد إنهاء الجزء الثاني من هذا المؤلف الذي يتناول على الخصوص العلاقات المغربية الجزائرية. وبالإضافة إلى المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، يترأس بنحمو، الذي حصل على الجائزة الدولية للاستشراف والبحث الاستراتيجي من مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية بدكار، الفدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية. ويشرف بنحمو، الحاصل على دكتوراة دولة في القانون، على التدريس في كوريا ولندن وواشنطن وروما ودوالا، وينظم ندوة سنوية حول الأمن بإفريقيا «منتدى مراكش للأمن»، الذي يناقش فيه المشاركون القضايا الأمنية.