في قراءة لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول الصحراء، قال الموساوي العجلاوي إن « أهم ما يمكن أن يميز هذا التقرير ، هو أنه يشكل منعطفا في مقاربات الأممالمتحدة حيال النزاع في الصحراء: مقاربة جديدة من حيث الشكل ، تقديم التقرير ومن حيث اختيار الكلمات والمصطلحات على المستوى وترتييبها تبعا لأهميتها . وعلى مستوى الرسائل المضمنة داخل هذا التقرير ، نجد فيه رسائل قوية جدا ، لأنه يأتي في سياق تحولات داخلية مغربية وتحولات إقليمية جهوية ثم دولية». وأضاف العجلاوي أن التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة ، انطونيو غوتيريس ، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الصحراء ، يتكون من 21 صفحة ، 93 فقرة و8 أجزاء « . وسجل العجلاوي أن التقرير الاممي يأتي على المستوى الداخلي بعد الانتخابات والبلوكاج الحكومي والنقاش. ومهما يكن من توترات ، فالتقرير يشكل دينامية تفتقد في دول الجوار . ثم هناك السياق الاقليمي ، فهناك من 2017 الى 2019 سواء بالجارة الشرقية أو الجنوبية هناك دخول نحو المجهول ، ولا أحد يعرف ما تسفر عنه الاحداث بالنسبة للجزائر أو موريتانيا ، إاضافة الى الوضع الامني في منطقة الساحل والصحراء . على المستوى الدولي هناك حضور أمين عام جديد والذي بصم هذا التقرير بقوة ، لأن هذا الامين العام الجديد ، كان مفوضا لشؤون اللاجئين وزار عدة مرات المخيمات ، ويعرف دوافع الدولة الجزائرية لرفض إحصاء السكان ، يعرف التلاعب في المساعدات خاصة الاوروبية ، وهو قد خصص جزءا هاما من هذا التقرير للمساعدات ولمح الى نقصانها ، (فقط 34 في المائة من هذه المساعدات وصلت الى المخيمات) . الرجل أيضا كان زعيما اشتراكيا بالحزب الاشتراكي البرتغالي ، كان رئيسا للأممية الاشتراكية ، في عهده كانت محاولات قوية لإدخال البوليساريو كعضو ملاحظ ، لكن ذلك لم يتم إلا في سنة 2007 أي بعد خروج أنطونيو غوتيريس من رئاسة الاممية الاشتراكية . الرجل يعرف الوضع في البحر الابيض المتوسط ، وبالتالي فالملف يوجد في أياد أمينة . على المستوى الدولي هناك وصول إدارة أمريكية جديدة وهناك توترات جديدة في شمال افريقيا وبالخصوص في ليبيا على المستوى الافريقي . فملف نزاع الصحراء لا يأخذ أهمية كبيرة مقارنة ببؤر الصراع أخرى . في ما يخص التقرير ركز العجلاوي من ضمن 8 أجزاء ، على الجزء الاول المتعلق بالأحداث الاخيرة وفيها 18 فقرة ، الكركرات لوحدها 13 فقرة . بمعنى أن التقرير يركز على هذه الاحداث ويحمل المسؤولية لجبهة البوليساريو ، والأمين العام يعرف بشكل جيد انه يوم 25 فبراير، طالب بسحب جميع الأطراف لقواتها من المنطقة العازلة والمغرب استجاب فورا ، في حين خاب ظنه بالنسبة للبوليساريو ما جعله يتوجه لمجلس الامن ليتخذ قرارا بسحب جميع قوات البوليساريو من المنطقة العازلة . كما يتحدث في الجزء المتعلق بالاحداث الاخيرة عن عودة المكون المدني ، والمغرب يقبل بعودة جزء من المكون المدني . التقرير تحدث أيضا عن الانتخابات الاخيرة والتي قال فيها إنها مرت في ظروف عادية ، علما بأن البوليساريو والمواقع التابعة لها كانت قد حرضت سكان المنطقة على مقاطعة ومواجهة الانتخابات ، ولم يقع أي شيء ، بمعنى أن التقرير يشير الى أنه ليس هناك أية علاقة أو تأثير لقيادة البوليساريو على سكان الصحراء . التقرير ذكر بالخطاب الملكي في دكار في ذكرى المسيرة الخضراء حيث أورد فقرات منه لما له من أهمية وأعتبرها رسائل مضمنة وقوية في التقرير. كما تحدث عن الوضع الانساني في المخيمات لما انجرفت السيول وأذابت تلك الدور ورحل السكان كما يشتكي للأمين العام قلة المساعدات وانقطاعها .أما الفقرة الثالثة المتعلقة بالأنشطة السياسية، من الفقرة 23 الى الفقرة 33، فتتحدث عن دور دول الجوار وتحميل المسؤولية للجزائر بالخصوص وموريتانيا ، والتقرير يتحدث عن شبه جزيرة نواديبو ، حيث كانت 27 دورية على مستوى الجو في المنطقة كلها ، والتقرير يلمح الى أن مسؤولية موريتانيا قائمة . وأهم ما جاء في التقرير الأممي في الجزء الثالث هو الفقرة 30 التي تتحدث عن زيارة روس الى باريس من 21 الى 23 نونبر وفيها ما يشير ، ربما إلى طلب باريس منه التنحي ، وهذا ما قد يفسر طلب الاستقالة الذي وجهه روس الى الامين العام ، وطلب منه أن يحدد الامين العام زمن الاستقالة التي كانت في 30 مارس ، لأنه كان عنده دور في كتابة التقرير. والاهم كذلك أن الأمين العام عبر عن خيبته بشكل كبير في لقائه مع إبراهيم غالي في 17 مارس 2017 في الأممالمتحدة . أما بالنسبة للمينورسو فيشير العجلاوي الى أن هناك نقطة هامة جدا هي تهديد تنظيم الدولة لشرق الجدار، فقد ارتكبوا خطأ في صياغة الفقرة حيث تحدثوا عن تنظيم الدولة ، ثم أحالوا الى اختطاف 3 أوروبيين من قلب الرابوني سنة 2011 والحال أن تنظيم الدولة لم يكن قائما أنذاك ، كانت حركة التوحيد والجهاد في الغرب الاسلامي والتي كان من أطرها أبو الوليد الصحراوي أحد أطر الشبيبة البوليساريو والذي انشق عن المختار بلمختار مؤخرا وأعلن ولاءه إلى تنظيم الدولة ، ومن هنا يفسر لماذا تهديد شرق الجدار ، لأنه مشتل للجماعات الجهادية والجريمة العابرة للحدود . والتقرير يؤكد على تهديد بعثة الاممالمتحدة بل حتى البوليساريو أبلغت الاممالمتحدة على ان الاراضي المحررة أصبحت مرتعا للحركات الجهادية والجريمة المنظمة . في الجزء السادس تكلم التقرير عن الاتحاد الإفريقي وفيه فقط فقرتان ، فقرة تكلمت عن عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي والفقرة الثانية برفض المغرب بعودة ممثلة الاتحاد الافريقي الى العيون وهي الآن مستقرة في نيويورك ، في حين أنه في التقارير الأخرى ما بين 2013 و 2017 كان بان كيمون يخصص جزءا كبيرا للاتحاد الافريقي ومجلس السلم و الأمن ، وأن هذا الأخير اجتمع في مارس من أجل الضغط على الأمين العام لكن لم يذكره بتاتا ولم يذكر الاتحاد الافريقي وهذا جديد بالنسبة لتقرير الأممالمتحدة . زبدة هذا التقرير هي التوصيات وتتضمن 14 فقرة ، من 80 الى 94 والتي تتحدث عن الحل السياسي بمرجعية 2007 ، إظهار الارادة السياسية في الجولة الخامسة من جولة المفاوضات، دعوة الجيران الى التعاون على نحو أرقى ، وتوصية لتمديد بعثة الأممالمتحدة الى أبريل 2018 والإعلان عن مقاربة جديدة للأمين العام متمثلة في بناء عملية تفاوضية بدينامية جديدة نحو حل نهائي مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة وشكل ممارسة تقرير المصير ، بمعنى أن الامين العام يؤكد على واقعية الحل السياسي لنزاع الصحراء ، هنا ربما إشارة إلى الحكم الذاتي، وربما إدخال شكل من ممارسة تقرير المصير، وليس البقاء في القراءة الجامدة لمفهوم تقرير المصير ، ثم التأكيد والتنبيه الى الحالة الامنية في شرق الجدار ، وهنا يرسل الامين العام رسائل الى البوليساريو، بأن ما يسمى الأراضي المحررة ، تحول إلى أراض للنهب والجريمة والمخدرات وتجارة الأسلحة . في ما يخص مقارنة هذا التقرير بالتقارير الاخرى، نجد أن هناك اختلافا جذريا من حيث الشكل ومن حيث المضمون ، فقد ظهر الآن على أنه من 2012 وخاصة بعد محاولات إعادة صياغة مرجعيات جديدة لنزاع الصحراء من لدن روس والجماعة التي تدير الملف داخل الاممالمتحدة والمرتبطة بالحزب الديمقراطي وانخراط بان كيمون بشكل أعمى لإظهار المغرب كدولة محتلة، وهو ما أدى بالأمين العام الى زيارة المخيمات . .الآن هذا التقرير يعيد التوازن الى مقاربة الاممالمتحدة والمرجعيات الواقعية والسياسة الدولية وفيه إقرار بعدم حيادية التقارير السابقة ، وداخل هذا التقرير ، وهذا لم يشر إليه مع كامل الأسف ، هناك التأكيد على حيادية بعثة الأممالمتحدة . التقرير فيه ثلاثة مكونات ، الأمين العام، وبصمات روس، ثم تقارير بعثة المينورسو، ومهما يكن يبقى هذا التقرير مختلفا مغايرا شكلا ومضمونا عن التقارير الاخرى.