على هامش تأجيل للدورة الاستثنائية التي كان من المنتظر أن يقدم فيها المنتخبون الاستقلاليون استقالتهم من المجلس الجماعي، هاجم حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال وعمدة مدينة فاس في لقاء مفتوح مع مناضلي الحزب يوم الجمعة 4 يونيو 2014 بمركب الحرية، الحكومة المغربية حيث أطلق النيران في كل الاتجاهات، احتجاجا على عدم تحيين تحديد المدار الحضري، الذي أربك الأوضاع بين مصالح الجماعة الحضرية لفاس ومصالح الجماعة القروية أولاد الطيب، حيث قام المجلس الحضري بمجموعة من الأوراش بهذه المنطقة قبل أن يتدخل القضاء ليوقفها استنادا إلى المرسوم الصادر سنة 1998، الذي لا يزال يشكل مرجعا قانونيا للحدود الترابية بين الجماعتين. كما أن هناك مشاريع سكنية بدوار سباطي متعثرة لمؤسسة العمران بفاس بعدما حصلت على ترخيص من لدن إدارة المجلس الجماعي لفاس، وذلك بسبب اعتماد إدارة التحفيظ على مرسوم 1998، ومطالبتها بترخيص التجزئة من مصالح الجماعة القروية أولاد الطيب بدلا من الجماعة الحضرية لفاس، وهو ما دفع الشركة إلى إرجاع أقساط المستفيدين من السكن. وقد وجه شباط مدافعه صوب حزب العدالة والتنمية، معتبرا «حكومة بنكيران»، حكومة تفقير الجماهير الشعبية من خلال سياستها التي تضرب القدرة الشرائية للمواطنين عبر الزيادات المستمرة في الأسعار والمحروقات، موضحا أن خروج حزب الاستقلال من الحكومة يرجع إلى عدم الأخذ برأيه في ما يتعلق بالقرارات الكبرى كصندوق المقاصة والتقاعد، حيث طالبنا يقول شباط ب «فتح حوار وطني حول الصندوقين واقترحنا حلولا للخروج من الأزمة وذلك بتوفير 42 مليار درهم من الصناديق السوداء في الوقت الذي كانت الحكومة في حاجة إلى 18 مليار فقط. كل هذه الانتصارات كان من المنتظر أن تزعج القيادة الجزائرية التي كانت مضطرة لوضع استراتيجية جديدة لمحاصرة المغرب أولا : عربيا عبر إعلان تعيين مبعوث خاص وموريتانيا تترأس الاتحاد الإفريقي بهدف توسيع الفجوة بين الرباط ونواكشوط على حساب توطيد العلاقات بين تندوف ونواكشوط ، مستغلة في ذلك برودة العلاقات المغربية الموريتانية، وأيضا عبر تقوية علاقات الجزائر مع مصر وتقديم مساعدات مالية مهمة للاقتصاد المصري المنهار. ثانيا: إفريقيا عبر توريط الاتحاد الإفريقي في نزاع الصحراء بعد تراجع عدد من دول أعضاء الاتحاد عن الاعتراف بالجمهورية الوهمية. ونشير الى أنه قبل انعقاد القمة الإفريقية الأخيرة بغينيا الاستوائية حركت الجزائر شخصية إفريقية كانت تقدم نفسها بصفتها ممثلا خاصا للاتحاد الإفريقي في نزاع الصحراء وزارت عددا من عواصم أصدقاء المغرب من أجل إجراء مشاورات، وتم تعيين هذا الشخص من طرف وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة الرئيس السابق لما يسمى بمجلس الأمن والسلم الإفريقي ، رمضان العمامرة الذي حول الاتحاد الإفريقي - بعد انهيار نظام القذافي- لآلية تخدم أجندة السياسة الجزائرية. ثالثا : دوليا رغبة الجزائر في استصدار قرار من مجلس الأمن يعطي للاتحاد الإفريقي دورا في ما يتعلق بتدبير ملف الصحراء ، وبالتالي إضفاء الشرعية الدولية على قرار الاتحاد الإفريقي غير الشرعي. رابعا تعيين الاتحاد الإفريقي الرئيس السابق لموزنبيق مبعوثا خاصا إلى الصحراء ، ومطالبته بإعداد تقارير لمفوضية الاتحاد ومجلس السلم والأمن، يؤكد عزم الجزائر على تدويل ملف الصحراء عبر قناة الاتحاد الإفريقي ليصبح طرفا في نزاع الصحراء خلال سنة 2015 السنة الحاسمة في ملف الصحراء بالنسبة لمجلس الأمن الدولي. وهذا ما أشار إليه بلاغ وزارة الخارجية للجزائر الذي اعتبر أن تعيين مبعوث إفريقي للصحراء هدفه البحث عن أفضل السبل التي يمكن من خلالها للإتحاد الإفريقي أن يدعم الجهود الدولية لإيجاد تسوية للنزاع في الصحراء على أساس الشرعية الدولية. تأثير القرار على ملف الصحراء المشروط : قد أختلف مع عدد من الباحثين حول أهمية وتأثير قرار تعيين الاتحاد الإفريقي مبعوثا خاصا له بالصحراء. فرغم عدم قانونية القرار وعدم شرعيته ، فان الأمر يتطلب من المغرب الكثير من الحيطة والحذر وعدم الاستهانة بالقرار لأن الجزائر التي تحايلت على الاتحاد الإفريقي لإخراج هذا القرار في هذا الوقت بالذات - وإن كانت تكلفته المالية باهظة- لمستعدة للكرم أكثر وللتحايل أكثر وللمناورة أكثر وللخداع أكثر مقابل شرط واحد هو محاصرة المغرب مغاربيا وعربيا وإفريقيا ودوليا . ومن المثير في الأمر - والذي تجاهلته بعض القراءات- هو أنه قبل وأثناء وبعد إصدار الاتحاد الإفريقي لهذا القرار ساد صمت غير مفهوم عند عدد من الدول الصديقة للمغرب والعضوة داخل الاتحاد الافريقي تجاه هذا القرار، بل إن هذا الصمت أصاب -أيضا- الرأي العام الإقليمي والدولي حول دوافع وغايات هذا القرار الانفرادي الذي لا يعني المغرب في شيء ، رغم معرفة واقتناع هذه الدول بأن الجزائر هي من كانت وراء القرار، بل كانت حتى من وراء اختيار المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي المعروف بعدائه للمغرب ، ولعلي بهذا هو قمة الاستفزاز الجزائري للمغرب. بل إن أكثر ما يثير الاستغراب هو تركيز الاتحاد الإفريقي على نقطة معينة من نقط الميثاق التأسيسي للاتحاد التي تشمل المقاصد التالية: 1 - تحقيق مزيد من الوحدة والتضامن بين الدول الأفريقية وشعوب القارة. 2 - حماية سيادة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها واستقلالها. 3 - الإسراع بعملية التكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا. 4 - تعزيز المواقف الأفريقية المشتركة حيال قضايا مصالح القارة وشعوبها والدفاع عنها. 5 - تشجيع التعاون الدولي مع إيلاء الاهتمام المناسب لميثاق منظمة الأممالمتحدة وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 6 - تعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة. 7 - تعزيز المبادئ والمؤسسات الديموقراطية والمشاركة الشعبية والحكم الرشيد. 8 - حماية حقوق الشعوب والإنسان وتعزيزها وفقا للميثاق الأفريقي لحقوق الشعوب والإنسان وغيره من أجهزة حقوق الإنسان الأخرى. 9 - وضع الشروط اللازمة التي تمكن القارة من أداء الدور المنوط بها في الاقتصاد العالمي. 10- تعزيز التنمية المستدامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكذلك التكامل بين الاقتصاديات الأفريقية. 11 - تعزيز التعاون في كافة مجالات النشاط الإنساني لرفع مستوى معيشة الشعوب الأفريقية. 12 - تنسيق سياسات الجماعات الاقتصادية الإقليمية القائمة والمستقبلية لتحقيق مقاصد الاتحاد تدريجا. 13 - دفع تنمية القارة بتشجيع البحث في كافة المجالات، ولاسيما في مجالي العلوم والتقنية. 14 - العمل مع الشركاء الدوليين ذوي العلاقة للقضاء على الأمراض التي يمكن مكافحتها، وتعزيز الصحة الجيدة في القارة. يتبين من النظام التأسيسي للاتحاد الإفريقي أن هناك نقطا أهم وقضايا أولى بالنسبة للاتحاد الإفريقي من الاهتمام بالنقطة السادسة المتعلقة بتعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة. وحتى لو أراد الاتحاد ذلك، فهناك مناطق متعددة بالقارة الإفريقية تعيش أوضاعا أخطر بدل اهتمامها بقضية ثانوية يعرف الاتحاد الافريقي أنها قضية مفتعلة من طرف الجزائر. بل إن قرار تعيين مبعوث خاص له يتعارض حتى مع المادة الثانية من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي التي جاء فيها يعمل الاتحاد الأفريقي على «: احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال » وهو ما يعني أن حدود المغرب القائمة عند نيل الاستقلال كانت حتى تندوف وبمنطق هذه المادة فجبهة البوليساريو ليس لها أي شرعية لكونها لم يكن لها أي وجود أثناء استقلال المغرب، وهذا دليل قاطع على أن تعيين هذا المبعوث هو مناورة جزائرية خطط لها بدقة لإحراج المغرب مع الدول الإفريقية ، وإجهاض أي حل سلمي بين المغرب والصحراويين المحتجزين على الأراضي الجزائرية ، وعزل المغرب عن محيطه المغاربي والإقليمي والقاري. وعليه فهذا القرار ليس له أي سند قانوني بمفهوم القانون الدولي، بل ليست له أية شرعية حتى بالنسبة لميثاق الاتحاد الإفريقي ذاته. لكن رغم ذلك يجب ألا يستهين المغرب بقرار الاتحاد الإفريقي تعيين مبعوث خاص للصحراء الذي تزامن مع رئاسة موريتانيا لهذا الاتحاد، وقرب المفاوضات مع البوليساريو وبداية العودة القوة للمغرب للعمق الإفريقي وطلب مجلس الأمن المغرب وجبهة البوليساريو إيجاد حل سلمي ونهائي قبل متم أبريل 2015 . فالمغرب اليوم ليس في حاجة لدفوعات قانونية أو عدم الاعتراف بالمبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي، بل عليه اتخاذ إجراءات عملية وسريعة لتصحيح هذا الأمر عبر محاصرة الجزائر في كل المحافل الإقليمية والقارية والدولية، والعودة السريعة إلى الاتحاد الإفريقي ونهج سياسة استباقية ليكون فاعلا في السياسة بدل أن يكون مفعولا به وأن يعي أن ترك الكرسي الفارغ يستغله الأعداء خصوصا إذا كان من طينة الجزائر التي تعاني من عقدة نفسية وسياسية وتاريخية اسمها المغرب لتفادي مثل هذه المفاجآت التي يبدو أنها غير شرعية، لكن سلط المال والغاز والبترول والمصالح قادرة أن تعطيها الشرعية . وندرج مثالا واضحا من الاتحاد الإفريقي ذاته، فبعد عام من تجميد عضوية مصر بعد الانقلاب ضد ما سماه الانقلاب ضد الشرعية، غير الاتحاد قراره وقبل عودة مصر إليه دون أي شروط وتحركت الجزائر لدعوة الجنرال عبد الفتاح السيسي للقمة الأفريقية الأخيرة، بوصفه رئيس دولة عضو في الاتحاد الأفريقي ليشرعن الاتحاد الافريقي ما كان بالأمس فاقدا للشرعية ،بل إن نفس الاتحاد الذي نصّب معمر القذافي ملقبا إياه بملك ملوك أفريقيا ، هو نفسه الذي تخلى وبعد عن القذافي واصفا إياه بالنظام المستبد والديكتاتوري... إنها قمة النفاق السياسي والدبلوماسي . على المغرب أن يعرف أن عددا من رؤساء دول الاتحاد الإفريقي هم عسكريون وصلوا للحكم عبر الانقلابات، همهم السلطة والمال والنهب وليس ملف الصحراء ولا سلم إفريقيا ولا أمنها وقد وجدوا في الجزائر البقرة الحلوب ، لذا على المكلفين بملف الصحراء أن يدركوا طبيعة ونوعية وإمكانيات واستراتيجيات هؤلاء الأعداء الذين تمولهم النخبة العسكرية الحاكمة بالجزائر لأنها لها نفس التفكير ونفس السلوك ونفس العقلية ، وهذا الإدراك هو ما يفرض اعتماد منهجية الإجراءات الوقائية أي آليات المناهج الاستباقية لتفادي كل التوقعات المفاجئة قبل وقوعها للتأكد من أنها لن تحدث. ولنا في ملف الصحراء عدة نماذج لم يستفد منها المكلفون به، فإلى متى يبقى المغرب في ملف الصحراء يعلق على الأحداث ويتفاعل معها بدل صنعها والفعل فيها؟ اتهم شباط في هذا اللقاء، الحكومة بتفقير الشعب المغربي وسرقة ماله، كما هو الحال في أثمان المحروقات، مشيرا الى أن سعر لتر المازوت لا يتجاوز 5 دراهم وسعر لتر البنزين 6 دراهم، في حين تفرض الحكومة رسومات عديدة عليهما لتباع للمواطنين بأسعار تتراوح بين 9 و 14 درهما، علما بأن المغرب لا يتوفر على مستودعات احتياطية لتخزين هاتين المادتين تعرضهما للتبخر، معلقا على أن هذا الأمر ينتج عنه التهاب الأسعار وغلاء المعيشة، وحتى الدقيق المدعم، يقول العمدة، لم ينج من الزيادة، حيث انتقل ثمن الكيلوغرام من درهمين إلى درهمين وثمانين سنتيما، معتبرا أن المغرب من خلال السياسة المتبعة تحول إلى رهينة بيد الصندوق الدولي الذي وهب المغرب قرضين، حيث أصبح الناهي والمنتهي في السياسة الحكومية المغربية، ومقيما بالرباط وموظفا بمختلف الإدارات العمومية، بعدما انتقلت القروض السنوية إلى (60 -65) مليار درهم، في الوقت الذي لم تتجاوز الحكومات السابقة في قروضها السنوية، 12 مليار درهم وكانت كافية لربط المدن بالطرق السيارة وبنيات تحتية ومشاريع كبرى من حجم ميناء طنجة وتوسيع عدد من المطارات.....، حيث كانت القروض من أجل التنمية بدل ضخها في مصاريف ميزانية التسيير كما هو معمول به حاليا، مما يعرض دون شك البلاد إلى الهاوية، مؤكدا أن كل زيادة في الاسعار هي مس مباشر بالقدرة الشرائية للمواطن العادي والبسيط. واستغل حميد شباط المناسبة للحديث عن «الخوانجية»، واعتبرهم تنظيما خطيرا مدعما من طرف الولاياتالمتحدةالامريكية للاستيلاء على النفط العربي، وأن هؤلاء سرقوا ثورات الربيع العربي التي تحولت إلى خريف حزين في سوريا الذي يوجد بها مواطنون مغاربة غرر بهم ووجدوا أنفسهم في حرب شيعية يتقاتل فيها المسلمون في ما بينهم، مشيرا الى أن وسائل إعلام دولية تطرقت الى أن التنظيم الدولي بالمغرب يتزعمه زعيم التوحيد والاصلاح الريسوني الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، وأنه مرشح لأن يترأس التنظيم الدولي للخوانجية. وأضاف أن التنظيم يلتقي مع الصهيونية، مشيرا الى أن ستة أشخاص قياديين في حزب بنكيران ينتمون لتنظيم «داعش». واتهم شباط رئيس الحكومة بنكيران بأنه متشبث بالكرسي إلى أقصى الحدود، مطالبا مناضلي الحزب وكل الشرفاء بالتعبئة من اجل إنقاذ البلاد، مذكرابالقرار البناء الذي اتخذته قيادات حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، داعيا القطاعات والفروع للانخراط الفعلي في هذه الدينامية التي أسسها الحزبان للنهوض بأوضاع الطبقات الشعبية، موضحا أنه عندما تجتمع الكتلة الوطنية تتحقق إصلاحات عميقة.