هلّ علينا شهر رمضان الأبرك بالمغفرة والرحمة والثواب، وأقبل الصائمون عليه بدورهم، منهم الأصحاء ومنهم المرضى على حد سواء، فتغيرت مواعيد الأكل والنوم، ومواقيت تناول الأدوية وغيرها. هذه العادات اليومية الجديدة والمفاجئة في تناول كمية الأطعمة والسوائل التي يحصل عليها الجسم تتسبب في بعض التغيرات على مستوى الصحة العامة للأشخاص، مما قد ينعكس سلبا على صحة الصائم، إذ أن عدم الاهتمام بالصحة بشكل جيد خلال شهر رمضان قد يتسبب في حدوث مشكلات صحية لا تحمد عقباها، خاصة وأن الدين الإسلامي يقدم سلامة البدن على بعض العبادات، ومنها الصيام، إذ يجيز ديننا الحنيف للصائم المريض الإفطار لعذر المرض. إلا أن بعض الأمراض والأعراض المرضية يمكن تجاوزها والالتزام بالصيام معها بشروط صحية معينة، شريطة التقيد بعدة إجراءات، ومنها المتعلقة بحالات كما هو الشأن بالنسبة ل : الصداع يعتبر الصداع الشكوى الأكثر شيوعا خلال شهر رمضان المبارك، ولا أحد يعرف أسباب هذا الشعور خاصة في بداية رمضان، لكن على ما يبدو أن هناك علاقة بين تناول الكافيين قبل رمضان والشعور بالصداع خلال الشهر الكريم. ويمكن من خلال تقليص نسبة الكافيين التي يحصل عليها الإنسان تدريجيا خلال الأسبوعين السابقين لبداية رمضان، أن يخفف من حدة نوبات الصداع التي يتعرض لها الإنسان. كما يلعب الجفاف دورا في الإصابة بالصداع أيضا، فقلة كميات السوائل التي تدخل جسم الإنسان، قد تؤدي إلى الجفاف ، خاصة في الأيام الأكثر حرارة، وإذا لم تتم معالجة الجفاف، فإنه قد يتسبب في حالات إغماء وانخفاض الضغط والإحساس بالألم. ويتمثل العلاج الأساسي للجفاف في شرب المياه بكميات وافرة خلال فترة الإفطار، وتناول الفواكه والخضراوات الغنية بالسوائل. انخفاض مستوى السكر في الدم ترتبط معظم حالات الإصابة بنقص السكر بمرض السكري الذي هو من بين حالات التمثيل الغذائي التي تؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم. ويهدف العلاج إلى خفض مستوى السكر في جسم الإنسان، لكن هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم أيضا. ولعل العامل الأكثر شيوعاً هو عدم تناول الطعام لفترات طويلة. ومن المهم جدا أن يتعرف الجميع على مشكلات انخفاض مستوى السكر في الدم قبل الصيام، لكي يكونوا على علم بالأغذية المثلى للمحافظة على مستوى السكر في الدم. فعلى سبيل المثال، فإن الأشخاص الأصحاء الذين ليس لديهم تاريخ مرضي مع مرض السكري، يمكن أن يعانوا من انخفاض مستوى السكر نتيجة عدم تناول طعام صحي ومتزن خلال فترة الإفطار، ما قد يسبب في ترك جسمهم خلال فترة الصيام بدون سكريات، والأكثر سوءا أن الأشخاص ممن ليس لديهم تاريخ مع مرض السكري، قد لا يتعرفون على علامات نقص السكر بالدم. ويتسبب نقص السكر في الدم في العديد من التداعيات منها ثقل اللسان، الإغماء. وعلاج هذه الحالة هو الطعام المتوازن خلال فترة الإفطار. مثلا تعتبر الكربوهيدرات أسرع أنواع الأطعمة في رفع نسبة السكر بالدم، بينما تعمل الكربوهيدرات المركبة والبروتين على الحفاظ على استقرار نسبة السكر بالدم. هذا يعني أن السكريات والحلويات لن تساعد كثيرا في المحافظة على مستوى السكر بشكل جيد خلال فترة الصيام، والأفضل هو تناول البروتينات والكربوهيدرات. القرحة الهضمية إن كنت تعاني من قرحة هضمية تشمل نزيفا دمويا، فإنه يتوجب عليك الحذر كثيرا خلال شهر رمضان، فأثناء الصيام قد تحدث مضاعفات أكثر من أي وقت آخر. إذ يمكن أن يتسبب النزيف في المعدة والأمعاء في مخاطر عديدة أيضا، مع العلم أن حركة الأمعاء الدموية أو القيء قد تشير إلى نزيف الجهاز الهضمي. ويجب على الأشخاص الذين يعانون من إفرازات دموية استشارة الطبيب على الفور. أمراض الكلى قد لا يكون صيام شهر رمضان أمرا جيدا بالنسبة لمرضى الكلى، لذلك وجب عليهم استشارة الطبيب المعالج قبل الصيام أولا، سيما أن الإسعافات الأولية التي يمكن القيام بها بالنسبة لمعظم مشاكل أمراض الكلى هي قليلة. أما بالنسبة لمن يعانون من الأمراض المزمنة الأخرى مثل أمراض القلب والربو، فلا توجد أي أدلة تشير إلى إصابتهم بمضاعفات أو تفاقم حالتهم الصحية خلال شهر رمضان مقارنة بأي وقت آخر على مدار السنة، لذلك يمكنهم صيام شهر رمضان مع التقيد بالأدوية. والأفضل دائما هو استشارة الطبيب المشرف على العلاج، حول إمكانية الصيام من عدمه. فالله عز وجل الذي أمرنا بالصيام، أمرنا أيضاً بحفظ النفس وعدم إلقائها إلى التهلكة، لذلك من واجب المرضى مراعاة حالتهم الصحية قبل الصيام. ممرض متخصص في التخدير والإنعاش