يعتبر عسل النحل (العسل الطبيعي أو الحر) من المواد الأكثر استهلاكا في شهر رمضان وكذا من بين الأطباق الأساسية التي تؤثث موائد إفطار الأسر بمدينة بني ملال. ويتميز شهر رمضان الأبرك ببني ملال عن باقي أشهر السنة بظهور أسواق شعبية جديدة تنتشر في جميع أحياء المدينة حيث أن بعض المحلات المهنية تتحول خلال هذه الفترة إلى محلات لبيع الحلويات المعسلة منها على الخصوص (الشباكية أو المخرقة والبريوات والفطائر كالمخامر والبغرير والسفوف أو سلو)، فضلا عن أنواع أخرى من الحلويات بسبب الإقبال الكبير عليها من طرف الناس. وفي تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء أكدت عائشة في عقدها الخامس بائعة الحلويات أنها تعتمد على العسل المصنع في تحضير الحلوى بمختلف أشكالها وأنواعها، مشيرة إلى أن إقبال المواطنين على شراء الحلويات في هذا الشهر المبارك يتزايد يوما عن يوم، كما أن الأثمنة تختلف حسب النوع والجودة. ويرى سعيد 40 سنة، صاحب محل حوله من محل لبيع الأكلات الخفيفة إلى محل لبيع الشباكية و»البريوات» وباقي الحلويات المعسلة، أن هذه التجارة تتيح أرباحا جيدة في شهر رمضان، وهي كذلك فرصة لتفادي إغلاق المحل في هذه الفترة حيث لا يمكن بيع الأكلات الخفيفة خلال هذا الشهر. كما تعتقد فاطمة 50 سنة، بائعة للفطائر، أن شهر رمضان فرصة سانحة للعمل أكثر من ذي قبل نظرا لوفرة الطلب على الفطائر، حيث تتزين بها موائد الإفطار مثل «البغرير» و»الملاوي» و»المسمن» التي يفضل بعض الصائمين تناولها بالعسل الحر، حيث أن معظم النساء العاملات يضطررن إلى اقتنائها بدل صنعها في البيت. وأوضح أحمد في عقده السادس أن المستهلك يفضل شراء العسل الحر في هذا الشهر بدل العسل المصنع أو المستورد رغم ارتفاع ثمنه، مشيرا إلى أن عسل الدغموس المعروف بمزاياه الغذائية والطبية المشهودة، يظل موضع الإقبال الأكبر لدى المستهلكين ويتميز بطعمه القوي واللاذع بفعل السائل الحليبي الذي تفرزه جميع أجزاء هذه النبتة، مما يعطيه صيتا منقطع النظير على الصعيد العالمي. وأشار إلى أن المستهلك المغربي يتخوف من العسل المصنع لكونه غير جيد، أي غير «حر»، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة تكثيف الحملات التحسيسية لدى المواطنين، خاصة ما تعلق بإبراز خطورة المواد الكيماوية التي تستعمل في عملية التصنيع. فعلى المستوى الاقتصادي، قال محمد خلوق المكلف بتسيير شؤون المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة إن قطاع تربية النحل الذي يضم 5000 مربي النحل على صعيد الجهة، يساهم في خلق حوالي سبعين ألف يوم من العمل خلال السنة، مؤكدا أن هذا القطاع واعد وأن ساكنة الجهة واعون بالمؤهلات التي يتيحها بالنسبة لاقتصاد الجهة. وأشار خلوق إلى أن عدد خلايا النحل يبلغ 47 ألف خلية من بينها 23 ألف و500 خلية عصرية ويقدر إنتاج العسل حاليا حوالي 350 طنا سنويا من جميع الأصناف ويمثل 54 في المائة من الإنتاج الوطني للعسل الذي يتراوح ما بين 3500و4000 طن سنويا، وتقدر قيمة الإنتاج الجهوي للعسل بحوالي 20 مليون درهم سنويا. ونظرا للأهمية التي يكتسيها قطاع تربية النحل فقد حظي هذا القطاع باهتمام خاص في إطار تهييء برنامج المخطط الفلاحي الجهوي لتادلة أزيلال من أجل تنمية مستدامة لسلسلة تربية النحل، حيث تم إعداد مشروع جهوي مندمج لتنمية هذه السلسلة بقيمة استثمارية تناهز 7 ملايين و 700 ألف درهم من أجل الرفع من مستوى إنتاج العسل في أفق 2020. ويروم هذا المشروع عصرنة قطاع تربية النحل، وتحسين مردودية إنتاج العسل من 350 إلى 600 طن سنويا في أفق 2020، وتسويق وتثمين منتوجات العسل خاصة عسل الزقوم المنتوج المجالي الذي يميز الجهة من أجل إنعاش الاقتصاد المحلي، وتنظيم قطاع تربية النحل بخلق اتحاد لجمع وتسويق العسل، ودعم التعاونيات للاستفادة من نظام الإعانات المالية الممنوحة لمربي النحل من طرف الدولة من أجل اقتناء معدات تربية النحل، وتحسين دخل المربين، والتكوين التقني والتدبير للمتعاونين. ومن بين أهم الإنجازات المحققة، إحداث مركب لتثمين عسل الزقوم بأفورار بإقليم أزيلال يضم قاعة لعرض المنتوجات ومختبرا للتحاليل ووحدة لقياس وتعليب العسل، ويتوفر على مركز للتكوين وورشة لصنع الخلايا العصرية، كما تم تأسيس اتحاد تعاونيات مربي النحل بجهة تادلة أزيلال يضم حاليا 33 تعاونية من أجل ضمان تسيير أحسن لهذا المركز. وفي إطار ترميز المنتوجات المجالية، فقد تم منح الاعتراف بالبيان الجغرافي المحمي لعسل الزقوم تادلة خلال الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس سنة 2012 وذلك من أجل حمايته من المنافسة غير الشريفة والتعريف به وتسهيل ولوجه إلى الأسواق، وهذا من شأنه أن يرفع من قيمته المضافة وإبراز مزياه الغذائية والطبية. غير أنه، في مقابل ذلك، تظل الاكراهات التي تعيق تسويق مادة العسل على المستوى الجهوي والوطني والدولي حاضرة لدى المهتمين الذين يؤكدون على ضرورة تثمين هذا القطاع من أجل إنتاج عسل ذي جودة عالية، وعصرنة القطاع وتشجيع التسويق، وحماية المستهلك، وتكوين مربي النحل ودعم أسعار بعض الأدوية في علاج «الفارواز»، وهو مرض طفيلي يقضي على النحل ، محذرين من استعمال أدوية غير مرخص لها ورخيصة الثمن وبجرعات عشوائية.