تشكل تربية النحل آلية لتحقيق التنمية في جهة تادلة أزيلال٬ كما تفتح آفاقا جيدة للمنتجين الصغار من خلال تحسين مداخيلهم بفعل تزايد الطلب على مادة العسل والمنتوجات النحلية ذات الجودة. فعلى المستوى الاقتصادي٬ يساهم القطاع٬ الذي يضم 5000 منتج على صعيد الجهة٬ في خلق فرص للشغل لمدة أزيد من سبعين ألف يوم من العمل خلال السنة. وأوضح عبد الحميد رياني مدير مشروع تربية النحل في المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتادلة٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن القطاع واعد وأن ساكنة الجهة واعون بالمؤهلات التي يتيحها بالنسبة لاقتصاد الجهة. وأضاف رياني أن الإنتاج متحكم فيه بفضل الظروف المناخية الملائمة والتنوع النباتي الهام٬ موضحا أن مواسم الإزهار تتنوع وتمتد على طول السنة٬ وهو ما يمثل عاملا مشجعا في ما يخص تنمية نشاط تربية النحل على مستوى الجهة. وفي المقابل٬ أكد لحسين بطا٬ رئيس التعاونية الفلاحية «نهضة أفورار» أن القطاع تعترضه جملة من الإكراهات التي تحد من نموه٬ كما هو الشأن بالنسبة لضعف القدرة الشرائية للمستهلكين٬ وضرورة تنويع فصيلة النحل المتوفرة من أجل الرفع من إنتاج العسل، زيادة على جهل مربي النحل بتقنيات جمع وتربية النحل. مضيفا إلى ذلك المنافسة بين الوسطاء٬ وكذا المنتجات المغشوشة٬ وانتشار آليات الاستخلاص التقليدية٬ وتراجع الفضاءات الغابوية المخصصة لنشاط تربية النحل٬ وهي كلها صعوبات تعوق الرفع من مردودية قطاع تربية النحل. وفي نفس السياق٬ حذر حسين بطا من استعمال أدوية غير مرخص لها ورخيصة الثمن وبجرعات عشوائية في علاج «الفارواز»٬ وهو مرض طفيلي يقضي على النحل٬ نظرا لخطورة ذلك على منتوج العسل. داعيا السلطات إلى تدعيم أسعار هذه العلاجات٬ مع مراقبة طريقة استعمالها من طرف مربي النحل. وبالإضافة إلى هذا الجانب٬ تبرز مشاكل أخرى كما هو الحال بالنسبة لتسويق منتوج العسل على المستوى المحلي٬ وذلك نظرا للمنافسة التي يطرحها العسل المستورد أو المروج بطريقة غير قانونية٬ وخاصة من الصين٬ التي وصل سعر دخول منتوجها العسلي للمغرب إلى خمسة دراهم هذه السنة. وتنتج جهة تادلة-أزيلال حاليا 350 طنا وتعتزم بلوغ 600 طن في سنة2015، حسب رياني الذي أبرز أنه يمكن تحقيق هذا الرقم بفضل تحديث القطاع وبعد حصول عسل زاكوم تادلة-أزيلال على علامة «المؤشر الجغرافي المحمي» خلال المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب في أبريل الماضي بمكناس. ويتراوح متوسط الإنتاج السنوي بقطاع النحل في سنة مناخية عادية ما بين 3500 و4000 طن من العسل سنويا٬ أي بإنتاجية متوسطة قدرها 20 كلغ في كل خلية عصرية و3,5 كلغ في كل خلية تقليدية٬ حسب الفدرالية المهنية المغربية لتربية النحل. وعلى مستوى التسويق٬ أكد أوخامن أنه يتم بيع العسل بالخصوص عبر مسارات تقليدية (الشبكة الاجتماعية والأسواق) أو استهلاكه ذاتيا٬ مشيرا إلى أن استهلاك العسل يظل ضعيفا لدى المغاربة مقارنة مع البلدان المتقدمة وذلك بمعدل 200 غرام للفرد سنويا. أما سعر العسل فيختلف حسب النكهات٬ إذ يصل سعر عسل الدغموس والزعتر والسدر إلى 200 درهم للكيلوغرام والبرتقال إلى 70 درهما والخروب إلى 150 درهما والأوكاليبتوس إلى 80 درهما٬ حسب أوخامن. ويظل عسل الدغموس٬ المعروف بمزاياه الغذائية والطبية المشهودة٬ موضع الإقبال الأكبر لدى المستهلكين ويتميز بطعمه القوي واللاذع بفعل السائل الحليبي الذي تفرزه جميع أجزاء هذه النبتة٬ مما يعطيه صيتا منقطع النظير على الصعيد العالمي. وأبرز أوخامن في هذا الإطار أن «سنة الإنتاج الحالية على مستوى جهة تادلة-أزيلال تحسنت مقارنة مع السنة السابقة التي أنتج فيها الزعتر فقط»٬ مشيرا إلى أن الإنتاج يظل رهينا في قدر كبير منه بالتقلبات المناخية. وبلغ إنتاج عسل الدغموس 6 كلغ للخلية٬ وعسل البرتقال ما بين 20 و30 كلغ للخلية٬ في حين ناهز إنتاج عسل السدر 10 كلغ في الخلية٬ يضيف أوخامن الذي أوضح أنه يجري حاليا حصاد منتوج عسلي الزعتر والخروب٬ في ظل توقعات جيدة للمردود. وعلى مستوى التدابير الرامية لتطوير قطاع تربية النحل بالجهة٬ أعلن رياني أنه يرتقب في السنة المقبلة إحداث ورشة للنجارة وأخرى للتخزين والتعبئة ووضع الملصقات لتقليص التكاليف بالنسبة لمربي النحل وتحسين مردودية عسل المنطقة. موضحا في هذا الشأن أن جودة العسل وتنافسيته ستتحسنان من خلال الاتفاقية التي سيتم إبرامها قريبا مع المعهد الوطني للبحث الزراعي بأكادير. وبتحديث القطاع وتشجيع الأغراس الموجهة لتربية النحل وتثمين العسل المنتج محليا٬ ستستفيد المنطقة كليا من مواردها الطبيعية قصد غزو السوق الوطني والدولي.