يتوقع أن يقوم جلالة الملك بزيارة إلى روسيا الفيدرالية في أكتوبر القادم بعد أن كانت مقررة في يونيو الماضي. وحسب وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، فإنه « كان يجب أن يقوم الملك المغربي بزيارة عمل إلى روسيا في 11 يونيو. وتم تأجيل الزيارة بسبب بسيط هو أن جلالة الملك يريد أن يطرح أثناء قيامه بزيارة إلى روسيا مهمة تعميق الشراكة الاستراتيجية. ولم يتم إعداد كل مستلزمات هذه النتيجة لذلك أبدى جلالة الملك الرغبة في تأجيل الزيارة». وأضاف مزوار في تصريح نقلته عنه إذاعة صوت روسيا في أعقاب زيارته إلى موسكو أنه دعا نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى زيارة المغرب، وأن هذا الأخير رحب بالدعوة على أن تتم هذه الزيارة في موعد متفق عليه لاحقا. وتعتبر الزيارة الملكية المتوقعة إلى روسيا هي الثانية منذ تولي جلالته العرش بعد الزيارة التي قام بها في 2002 وخلالها تم توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي يعتزم المغرب توسيعها، خصوصا على صعيد بعض القطاعات الواعدة مثل السياحة والمبادلات التجارية. وعلى هذا الصعيد، التجاري، يظل حجم المبادلات بين البلدين جد متواضع، كما أوضح عثمان بنجلون، رئيس التجمع المهني للبنوك المغربية، في كلمة ألقاها أمام المسؤولين رجال الأعمال المغاربة والروس، خلال المنتدى المغربي الروسي بالعاصمة الروسية موسكو، حيث أوضح بنجلون بهذا الخصوص أن المبادلات بين البلدين لا تتعدى مليار دولار، حوالي 3.2 في المائة من حجم المبادلات التجارية الإجمالية للمغرب مع بلدان الخارج، فيما تتأرجح كفة الميزان التجاري بين الطرفين لفائدة روسيا، من خلال 2.2 مليار درهم من الصادرات، مقابل 16 مليار درهم من الواردات، وهو ما يمثل 87 في المائة من مجموع المبادلات. وأبرز رجل الأعمال المغربي، الذي يرأس مجموعة فينانس كوم، أن الصادرات المغربية نحو روسيا تتكون أساسا من الحوامض، داعيا إلى العمل على تعزيز العلاقات المغربية الروسية لمستويات أعلى، وأيضا الدخول في علاقة استراتيجية مع روسيا، حيث إن المغرب يمكن أن يشكل بوابة روسيا نحو القارة الإفريقية. سياسيا تعتبر روسيا أحد اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية، وتعزز النفوذ الروسي مع عودة فلادمير بوتين لقيادة السفينة الروسية، والسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما التي يطبعها التردد، مما خلق فراغا سرعان ما ملأته موسكو خصوصا في مناطق بالشرق الأوسط وبعض دول الكتلة الشرقية السابقة. ومعلوم أن روسيا عضو دائم بمجلس الأمن بالإضافة إلى كونها أيضا عضوا بمجموعة الأصدقاء ذات الطبيعة التشاورية في ما يتعلق بالنزاع المفتعل حول الصحراء. وفي السنوات الأخيرة تبنت روسيا إزاء هذا النزاع، مواقف بناءة خصوصا عندما عرضت الولاياتالمتحدة قبل سنتين مشروع قرار يتبنى أطروحة الطرف الآخر بخصوص دور بعثة المينورسو قبل أن تسحبه، وهو ما فاجأ المتتبعين بسبب العلاقات التاريخية بين الجزائروروسيا منذ الحرب الباردة. وفي هذا الإطار عبرت مختلف المواقف الروسية من هذا النزاع المفتعل، سواء في مجلس الأمن أو داخل مجموعة الأصدقاء، عن دعمها لجهود الأممالمتحدة للتوصل إلى حل سياسي توافقي. وحسب عدد من المتتبعين فإن الدبلوماسية الروسية الجديدة ترتكز على مبدأ عدم اتخاذ قرارات دولية تحدث تغييرا مفاجئا وتخلق الفوضى في مناطق تنعم بنوع من الاستقرار، بل بدبلوماسية التدرج في معالجة النزاعات. كما أنها لم تعد تراهن على العنصر الإيديولوجي كما كان الأمر في عهد الاتحاد السوفياتي بل على مواقف برغماتية تراعي مصالحها ومصالح الدول الأخرى ، وهو ما يفسر المسعى المغربي لشراكة استراتيجية قوية مع الدب الروسي في إطار سياسة تنويع الشراكات في عالم متحول . وتمثل كل هذه المعطيات مؤشرات إيجابية على ما يمكن أن تصل إليه العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، والدفعة التي ستعطيها الزيارة الملكية المقبلة إلى روسيا.