فاجأت نفسي .. أتفاجأ. مثل شخص يحب ألا تفاجئه أكبر المفاجآت: تفاجأت من أنني فوجئت بعبد الإله بنكيران يدعو النساء إلى البقاء في بيوتهن كسبيل جديد لعودة الضوء إلى هذه البيوت. واختار بنكيران استعارة «الثريات» لكي يغري النواعم بالعودة إلى .. السقف والتعلق به! تفاجأت أولا، لأن بنكيران لا يمكنه أن يقول غير هذا الكلام. ولا أحد غيره يمكن أن يقترف مثل هذا .. الإبداع. فقد ثبت علميا أن السيد بنكيران لا يرتكب حماقات أقل .. إلا عندما يغلق فمه ! فالرجل سبق له أن قال إنه لن يجر النساء من شعورهن لكي يأتي بهن إلى الحكومة! والمعنى هو أن البيوت هي المكان الذي يليق بهن، وإذا كان لابد من خروجهن إلى الحكومة، فلن يكون إلا بجرهن من شعورهن.. ولا ندري كيف وصلت بسيمة الحقاوي، بلا شيء يظهر بأنه جرها من شعرها، مادام «فولارها» سليما لم يتجعد .. لا أحد يعرف، أيضا، كيف وصلت البرلمانيات من العدالة والتنمية إلى البرلمان، والحال أنهن لم يأتين مجرورات إلى البرلمان. هناك استنتاجان منطقيان لا ثالث لهما، إما أنهن تركن البيوت مطفأة؟ وإما أنهن ذكور!! ماذا سيفعل لو أنه أدرك أنه أتحف البرلمان برجال .. محجبات؟ كانت جدتي تقول بأنه عندما تنطفيء المصابيح، أو الثريات، فإن كل النساء تتشابهن. كانت جدتي تعرف، رحمها الله، أن زمان بنكيران قادم، وهيأتني لتقبل وصوله. لكنها كانت تخرج إلى الحقل وتخرج إلى الجبال، وقد حملت سلاح المقاومة على حمار لم يكن بنكيران يقدم له الفانيد (تتذكرون حمار الرئيس؟). وكانت البيوت مضاءة بالعز (بالعز منوره منوره ).. بنكيران يخاف أن العفاريت، قد تكون مثل الخفافيش (ياه، لماذا لم يستعملها بعد) معلقة في السقف، لا تهرب إلا إذا أضاءت الغرف، الغرفتين، والغرف.. يريد الرئيس بيوتا حسنة الإضاءة والغرفة الأولى من البيت الدستوري: الغرفة الأولى للبرلمان مضاءة، أيضا، «بالثريات» الجالسات في الصفوف البرلمانية.. أما إذا كانت المرأة لا تتقاضى سوى ما يجعلها موظفة أو ممرضة أو ربة معمل أو متوسطة الدهل ، فعليها أن تبقى في البيت وتشعل الثريات... وإذا كانت وزيرة أو نائبة برلمانية فلا بأس أن تخرج إلى الوزارة والغرفة الأولى.. وكلها بيت! وعلى ذكر البيت: أتساءل ، ألم تكن السيدة زوجته تشرف علي مدرسة ما؟ هل كان عبد الاله يجلس وحيدا في الظلام؟ لماذا لم تفكر السيدة بنكيران في البقاء في البيت، مثل ما يدعو زوجها إلى ذلك؟ ربما لأنها تدرى، كما قالت ذات تصريح، أنها، على كل حال، لو خرجت أو دخلت فإنها تأتي في المرتبة الثانية بعد السيد عبد الله باها! (وأقسم بالله العظيم أن هذا ما قرأته في الصحافة على لسانها). باها يحمل المصباح في الخارج وهي الثريا في الداخل.. وكلو نور على نور.. يا سيد بنكيران : نريد أن تبقى بيوتنا مطفأة الأنوار إلى حين تعود نساؤنا، عوض أن يبقى الوطن مظلما إلى أن نعود نحن إلى بيوت مضاءة. نريد أن تخرج نساؤنا إلى العمل يا سيدي الوزير، وإليك كل مصابيح . فيليبس (وهذا إشهار غير مدفوع الأجر!)، اعطينا مناصب شغل لزوجاتنا وأمهاتنا وأخواتنا يا سيدي وخذ كل الثريات في درب عمر.. و في معامل الكريسطال. فهو في العمق يشعر بأن المرأة حين لا تخرج من البيت، لا تنطفيء، (هل لأنه لا يوجد بريز .. في الشارع؟)!!! إن الرئيس يحلم، فهو إذن نائم ، وهو يمشي نائما إلى .. الخلف.. فرانكلين روزفلت، الرئيس الامريكي الشهير ، سيكون سعيدا لأن قولته وجدت تعبيرها الحي على بعد آلاف الكلمترات من واشنطن، وعلى بعد «سبع بحور». فهو قال ذات يوم أن الرجعي مسرنم (يمشى أثناء نومه) ، ويمشي .. إلى الوراء. بنكيران يخاف المرأة التي تضيء بلادها، ويخاف العفاريت، ويخاف التماسيح، غير أن التماسيح، على الأقل، تستحق الاحترام، فهي بدل جمود المحافظين الرجعيين، كما يعرف ولا شك، أنها على الأقل.. تتحرك، تمشي، تتنفس، تسبح ولا تبقى جامدة في كهوف القرن الواحد والعشرين.. ولا أعتقد أن مدام تمساحة تعود إلى البيت لتشعل الضوء.. (اختيارالتمساح ليس غفلا أو عرضا، إنه الخيال عند بنكيران حتى لا نقترح عليه...البانغوان مثلا.) و كما يحدث في فيلم الرسوم المتحركة «حجر النار» ، أو عائلة «بييرافو»، (بالانجليزية فلينستون ) التي تعيش في مدن القزدير في الفترة ما قبل التاريخ..يحلم بجر النساء من شعورهن، أو تعليقهن مثل الثريات (هل تسكن زوجاتهم في السقوف) ومشكلة عبد الإله في كل هذا، أنه يقحم الله عز وجل في كل أخطائه، ويقنع نفسه بأن الله سبحانه وتعالى وراء ترهاته عندما يقول إن« الله شرفنا بالدفاع عنه»، مع احتمال أن ما يدافع عنه« قد يكون خطأ»! ختامها سؤال: بعد المصباح، كشعار للحزب، جاء دور الثريات، كشعار للحكومة، فمن قال إن بنكيران .. ظلامي؟؟؟