تناسلت في السنوات الأخيرة، عدة أبحاث متناقضة حول السجائر الالكترونية، بعضها يبرز سلامتها وأخرى تحذر من مخاطرها، حيث لوحظ في الأشهر الأخيرة في بلادنا انتشار استعمال السجائر الالكترونية عند الشباب وخاصة عند بعض المدخنين للسجائر التقليدية، وذلك رغبة منهم في الابتعاد التدريجي عن التدخين من خلال الاستعانة بها كبديل ظرفي. وبما أن السوق المغربية مفتوحة على جميع السلع والتي منها ما لايخضع للمراقبة مع ما يعنيه ذلك من أضرار محتملة لهذه السلع على صحة المواطن، بدأت السيجارة الالكترونية تشق طريقها نحو المجتمع المغربي بمخاطرها ورمزها السلبي، وهنا جاء بلاغ وزارة الصحة حول استعمال السجائر الالكترونية متأخرا ، والذي يحذر من استعمال السجائر الالكترونية ويستنكر تخبط بعض الوسائل الإشهارية في تغليط الرأي العام . نقدم في هذا المقال نتائج دراسة جديدة حول السيجارة الالكترونية ستنشر هذا الشهر في جريدة البحث، حول النيكوتين والتبغ، والتي بينت أن السيجارة الالكترونية ذات القوة العالية والتي يطلق عليها اسم نظام «تانك» تنتج «الفورمالديهايد» بجانب بخار النيكوتين الذي يستنشقه المستعملون، وتتشكل «التوكسين» أو المادة السامة عندما يتعرض سائل النيكوتين ومواد أخرى في السيجارة الالكترونية إلى حرارة شديدة، كما وقف بحث ثان على نفس المعطيات، حيث أكدت معطيات البحث على أن السيجارة الالكترونية عندما تتعرض لحرارة شديدة تنتج حفنة من المواد المسرطنة بمستويات مماثلة مع السجائر التقليدية، بالإضافة إلى أن الآثار الصحية على المدى البعيد لاستنشاق بخار النيكوتين غير واضحة وتلزمها دراسات أخرى، لكن ذلك لايلغي بأنه مع التطور السريع لصناعة السيجارة الالكترونية وارتفاع الأرباح المسجلة إلى عدة ملايير من الدولارات ، بدأت تظهر المخاطر الصحية . وتعد السجائر الإلكترونية بمثابة خرطوشة على شكل سيجارة عادية تعمل بالبطارية وتحتوي على خليط من السوائل، ومنها مواد البروبيلين غليكول، والغلسرين النباتي، والنيكوتين، ونكهات مختلفة. وتؤمن هذه السجائر النيكوتين لمستخدميها من دون التعرض لأخطار القطران الموجود بالسجائر العادية، وذلك باستنشاقه عن طريق البخار بدلا من الدخان، علما بأنها لا رائحة لها ولا يحتاج مستخدموها للخروج من الأماكن العامة المغلقة لتدخينها. وتبدو السجائر الالكترونية أكثر أمانا في الوهلة الأولى، لأنه ليس هناك حرق للتبغ لإنتاج مواد كيميائية جديدة بما في ذلك بعض المواد المسرطنة، والحال أن السم البخاري للسيجارة الالكترونية يتكون عندما تتعرض النيكوتين السائل وغيرها من المكونات لدرجات حرارة عالية، وقد اقترحت إدارة «غذاء دواء» الأمريكية، قواعد جديدة من شأنها بسط سيطرتها على معاملات الشركات التي تنتج السيجارة الالكترونية وتنظيم المكونات وليس الانبعاثات . وتشير دراستان جديدتان إلى إمكانية تغير تكوين السوائل الالكترونية بواسطة الحرارة الشديدة وخلق مواد كيماوية جديدة، كما أشار البحثان إلى التفاعلات الكيميائية التي تحصل على النيكوتين السائل وكذلك على المكونات الحيوية الأخرى التي توجد في معظم السوائل الالكترونية، الجلسرين النباتي، والبروبيلين غليكول. كما لاحظ الباحثون بأنه عندما زاد جهد البطارية من 3.2 فولت إلى 4.8 فولت ، زادت مستويات السوائل الالكترونية السامة بشكل ملحوظ، وقد يعرض هذا الأمر مستخدمي السيجارة الالكترونية إلى أعلى مستويات من الفورمالديهايد المسببة للسرطان. بالإضافة إلى ما سبق، فقد سجل الباحثون زيادة كثافة الفورمالهيديد وما يتصل بها من سموم مع ارتفاع درجة الحرارة الالكترونية للسائل، إذ تشير الدراسة إلى أن الحرارة العالية التي تستخدمها الأجهزة يمكن أن تنتج السموم البخارية بما في ذلك الفورمالديهايد الذي يسبب السرطان. وفي الختام يظهر هذا البحث مخاطر السيجارة الالكترونية على صحة المواطن، أخذا بعين الاعتبار بأن عدة دول لا تسمح بتداول السيجارة الالكترونية في مجتمعاتها، وبدورنا نحث المسؤولين في بلادنا على القيام بتدابير وإجراءات استعجالية بغاية منع استيراد السيجارة الالكترونية، لأن الأبحاث الطبية الأولية التي قام بها عدد من المتخصصين والباحثين، تشير إلى آثارها الضارة، على الصحة الفردية والجماعية .