كلما تحدث السيد وزير يذكرنا على أنه انسان نزيه وهدفه الاسمى هو خدمة الشعب المغربي. أسيدي نعم، إنك انسان نزيه ونواياكم كلها حسنة، ولا أحد يشك في ذلك. لكن تسيير البلاد يقوم على الكفاءة والدراية بخبايا التسيير والتدبير. نعم إنك انسان يخاف الله وقنوع، لكن جدتي تملك نفس الصفات، فهل يجب أن تكون رئيسة الحكومة؟ رغم أني أحب جدتي وأحب طريقتها في سرد القصص والحديث عن العفاريت، فالجواب بالتاكيد هو لا 0 إذا كان المواطن يحب أن يستمع إلى الخطابات المراطونية والأمثال الشعبية عن المخلوقات الغيبة كالعفاريت سيجد ضالته في خطاب رئيس الحكومة السيد عبد الاله بنكيران. أما إذا كان الهم هو الاستماع إلى خطاب في تسيير شؤون البلاد وكيفية التسريع بالاصلالحات الاقتصادية من اجل توفير الشغل ومحاربة الفقر فحلمك مؤجل0 كلما سمعت خطابات السيد عبد الاله بنكيران التي تسلط الضوء على قضايا الفساد وعزلة الشباب وأحزانهم المعاصرة، وضرورة إيجاد حلول جادة لتلك المشاكل، أبتسم في أعماقي بصيص من الأمل، لأن هناك على الأقل شخصا يرى المشكلة، ويدعو من منبر إعلامي موثوق للالتفات إليها قبل فوات الأوان0 لكن الأكيد أن رئيس الحكومة لا يفرق بين خطاب الحملات الانتخابية التي يتقنها بشكل جيد وخطاب رجل الدولة الذي يمسكك بزمام شؤون البلاد. فخطابه يصلح لمنابر المساجد يوم الجمعة. لهذا أقول إن بنكيران من المناسب أن يكون فقيها ، ولديه كل المقومات ليتفوق في هده المهنة عوض رئاسة الحكومة0 في كل خطاب لعبد الاله بنكيران من خطابته أصادف سؤالا صريحا أو مستترا ينقب عن جذور الخراب قائلا: «أين تكمن المشكلة؟»، المشكلة هي ان خطابات رئيس الحكومة اشبه بالقصص التي ترويها الجدات والامهات للابناء في البادية0 كلها بلغة بسيطة وتدور أحداثها في مكان بعيد عن خيال الاطفال، وغالبا مايكون بطلها شخص فقير حسن الخلق الذي يتمكن من هزم حيوانات خيالية في الاخير وإنقاذ اهل القبيلة. كلام بسيط يفهمه الجميع ويصور نفسه الضحية والمنقذ في نفس الوقت. أقول وبكل احترام لمعالي الوزير ان المشكلة هو الكلام الفارغ الذي ما زلنا نعاني منه ونحن فى القرن الواحد والعشرين0 عندما يقو ل السيد الوزير إنه غير مسؤول عن ارتفاع الأسعار، وإنه بريئ من هذه القرارات كما ذهب ابعد من دلك ليؤكد مساندته لمقاطعة شريكة دانون كرد فعل على الزيادة في الأسعار. هدا النوع من الخطاب الشعبوي السفسطائي لا يليق بإنسان يدير شؤون دولة المغرب. ما أعاتبه على الوزير هنا أنه يستعمل نفس الخطاب الذي يعاتب الآخرين عليه. كما أن هذا الكلام يعبر بشكل صارخ عن الجهل بقوانين الاقتصاد. مادا ينتظر رئيس حكومة عندما قام بحذف الدعم عى البنزين؟ كيف ستتعامل الشركات مع الرفع في تكلفة إنتاج المواد؟ وهل ينتظر من الشركات أن تقبل بالخسائر إرضاء لمعالي الوزير؟ ماذا يعني الزيادة البنزين والرفع من الحد الادنى للاجور؟ اليس لذلك تأثير على تكلفة الإنتاج؟ كما ان الوزير لا يفهم العلاقة بين رفع الاجور وثمن البضائع في الاسواق. ففي سياق النظرية الاقتصادية، أولا تغير دخل الفرد يؤثر على الكمية المطلوبة من السلعة أو الخدمة. والعلاقة بين الدخل والكمية المطلوبة هي واحدة إيجابية، كما يزيد من الدخل، حتى الكمية من السلع والخدمات المطلوبة. فكلام الوزير كلام فارغ وغير منطقي. كما أسائل السيد الوزير، هل سمع يوما عن التضخم و أسبابه. أقول لمعالي الوزير الذي أكن له احتراما كبيرا وأعترف له بتاريخه النظالي وحسن خلقه. كفى من الكلام الفارغ، إنك تلتمس لنفسك سبعين عذراً بينما تقف لغيرك على «الواحدة». كلام فارغ لأنك تصدق كل ما تقرأ و تنقل ما تسمع دون أن تتأكد من صحة الخبر. إنك تتمسك برأيك وتتشبث به، ولا تحاول مراجعة المسار من جديد. كما أنك معالي الوزير عندما تؤمن بفكرة ما ثم تعتقد أن هذه الفكرة هى الصحيحة، وأي أفكار دونها لا قيمة لها و تقضى ساعات طوال فى حديث سقيم لا فائدة منه وترفض الكلام حتى لو كان صحيحاً لأن الذى قاله ليس على هواك. نعم السيد الوزير أنت انسان نقدره، لكن كما يقول المثل المغربي «الهظرة ما تشري خضرة».