تعرض فجر أول أمس الأربعاء مركب للصيد التقليدي يسمى «الرحمانية 2 « للغرق في عرض سواحل مدينة طنجة، قبالة منطقة المنار، غير أن الألطاف الإلاهية كانت رحيمة بالبحارة الأربع الذين كانوا على متنه، بعد أن تدخل مركب للصيد يدعى «خالد» كان يبحر بالقرب منهم، حيث سارع طاقمه إلى إجلاء البحارة المنكوبين فيما ترك المركب المنكوب تبتلعه الأمواج . وحسب مصادر متطابقة فإن الحادث نجم عن تداخل شباك مجموعة من قوارب الصيد كانت تصطاد بنفس المنطقة، وعندما هم بحارة مركب « الرحمانية 2 « جمع شباكهم التفت حول المحرك، وبسبب حمولة السمك وثقل الشباك بالإضافة إلى سوء الأحوال الجوية لم يستطع المركب الصمود لتغمره المياه و يغوص إلى القعر. الحادث كشف عن فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بعدم توفر مندوبية الصيد البحري بميناء طنجة على أية وسيلة للإنقاذ، ذلك أن باخرة الإنقاذ الوحيدة بالميناء « طارق» معطلة عن العمل لأكثر من تسعة أشهر، الأدهى من ذلك أنها توجد في وضعية مهترئة، بحيث صارت تتعرض للعطب بشكل متكرر، لكونها دخلت إلى الخدمة بميناء المدينة منذ 1992 . ومع ذلك لم تبادر وزارة الصيد البحري إلى إصلاحها أو إلى توفير باخرة بديلة، بدعوى عدم التوفر على الموارد المالية اللازمة، علما أن مندوبية الصيد تقتطع جزءا من مداخيل بيع السمك يوميا لتمويل عمليات الإنقاذ. ويتساءل المتتبعون عن سبب إهمال الوزارة لهذا الميناء بعدم توفيرها لباخرة إنقاذ في مستوى أهمية ميناء مدينة طنجة، خاصة و أنه الميناء الأول بالمغرب الذي يسجل أكبر عدد من تدخلات الإنقاذ في السنة، حيث تتجاوز في المعدل أربعة تدخلات شهرية، بينما لا تتجاوز تدخلا واحدا في الشهر بميناء أكادير على سبيل المثال، في حين يتوفر ميناؤها على باخرتين لإنقاذ في وضعية جد ممتازة. الأفظع من ذلك أن باخرة الإنقاذ «طارق» على علاَتها تتوفر على طاقم وحيد يشتغل على مدار 24 ساعة من دون راحة، بحيث لا ينعمون بها إلا عندما تتعرض الباخرة للعطب، كما أن الوضعية الإدارية للطاقم غير واضحة بسبب الغموض الذي يكتنف الوضع القانوني لمؤسسة الإنقاذ التابعة لوزارة الصيد البحري. وفي سؤال للجريدة توجهت به إلى العديد من المهنيين حول عدم توفر مندوبية الصيد البحري بطنجة على وسائل الإنقاذ، عبروا لها عن استنكارهم للأوضاع الخطيرة التي يعرفها ميناء الصيد، وطالبوا بإيفاد لجان للتقصي في الموضوع، إذ لولا تدخلات الدرك البحري والبحرية الملكية في أكثر من مناسبة لحدثت الفواجع، وحملوا وزارة الصيد البحري المسؤولية على هذا التجاهل غير المبرر لميناء من حجم مدينة طنجة، وهي التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامة أرواح البحارة، كما وجهوا بالمقابل انتقادات عنيفة لرئيس الغرفة المتوسطية للصيد البحري، المنتمي للحزب الحاكم، على موقف الصمت واللامبالاة الذي يتخذه تجاه مطالب وانشغالات المهنيين، وختموا تصريحهم بدعوة السلطات ذات الصلة بقطاع الصيد البحري إلى التعجيل بتوفير وسائل الإنقاذ في القريب العاجل لتفادي وقوع كوارث وفواجع مؤلمة لا قدر الله.