هاجم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة، نور الدين عيوش الفاعل الجمعوي بسبب موقفه السابق الداعي إلى اعتماد الدارجة العامية في التعليم، عوض اللغة العربية دون ذكر اسمه، حيث قال «من هو تاجر، الله يعاونو. فليفتح دكانا ويبيع فيه الدارجة والرقمنة»، في إشارة مرة أخرى إلى دعوة نور الدين عيوش إلى إدخال الرقمنة والتكنولوجيات للمدرسة العمومية. وقال بنكيران في السياق ،ذاته خلال كلمة له في الندوة الدولية حول «التعليم العمومي، التنمية المواطنة الإصلاح»، التي نظمتها لجنة المبادرة المواطنة من أجل إصلاح التربية المواطنة أمس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس أكدال، قال «هناك تاجر يبحث كل مرة عما يبيعه للدولة، مدعيا أنه صديق للملك، الذي هو ملك للمغاربة ككل»، لكن ما تناساه رئيس الحكومة هو أن الندوة التي نظمها عيوش مؤخرا حول إدخال التكنولوجيات والرقمنة للمدرسة العمومية ،قد شارك فيها مسؤولون من حكومته على سبيل الذكر لا الحصر وزير الصنَاعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمِي، مولايْ حفيظ العلمي ثم عمر عزيمان المستشارُ الملكيُّ والرئيس المنتدب للمجلِس الأعلى للتعليم. وعمد بنكيران الذي كان ينتظر منه نخبة من الفاعلين السياسيين والأكاديميين خطابا لرئيس حكومة مسؤول حاليا في أعلى منصب وفي مركز صناعة القرار، ليتقدم بمقاربة للإصلاح أو ما يقوم به كرئيس للحكومة من أجل إصلاح منظومة التربية والتكوين، عمد مرة أخرى للخطاب الشعبوي والديماغوجي الموجه للاستهلاك الإعلامي. وفي هذا السياق اعتبر رئيس الحكومة، بشكل تبسيطي، أن مشكلة التعليم بالمغرب ما فتئت تتدارس منذ 1997 داخل لجنة التربية والتكوين التي كان يترأسها مزيان بلفقيه إلى اليوم، والبحث جار عن مقاربات للوصول إلى نتائج، متسائلا في نفس الآن، بشكل تشكيكي، هل هو بحث عن حلول أم ترويض لمخلوق استعصى على الأمة؟ ورفض رئيس الحكومة أن تكون اللغة العربية كلغة للدستور هي عائق تطور ونجاح منظومة التربية والتكوين في البلاد، مذكرا في هذا الباب بأن «الأمازيغية هي لغة كذلك للمغاربة لكن حين انتهينا من هذا الملف جاءتنا الدارجة»، معتبرا أن هذا «لعب بالمقدس والثابت الذي تنبني عليه هويتنا. وإذا كانت لك تجارة اذهب وافتح دكانا لبيع الدارجة والرقمنة». من جهته أكد محمد الاخصاصي عن لجنة المبادرة المواطنة من أجل إصلاح التربية والتكوين، أن التجاوب الوطني الذي حظيت به المبادرة الوطنية التي وقع على وثيقتها الحاملة لعنوان «رؤية وطنية من أجل إصلاح شامل ناجح لمنظومة التربية والتكوين»، أزيد من مائة شخصية وطنية وازنة من عالم الفكر والسياسة والخبرة والنضال الوطني، الإقدام على هذه المبادرة بروح الوطنية والمسؤولية، يبدو عميق الالتحام بوازع الموضوعية، شديد الاتسام بطابع المشروعية. وذكر الاخصاصي بهذه المناسبة بدواعي هذه المبادرة والتي أجملها في ثلاثة محددات حاكمة ، أولها يتمثل في ظاهرة اتساع الفجوة بين التوجهات والخيارات المقررة في مجال الإصلاح التربوي منذ عام 2000 بصفة خاصة ، وواقع الحال في منظومة التربية والتكوين على مستوى التطبيق والتنفيذ. ثاني هذه المحددات يتجلى في حدة انشغال الرأي العام الوطني بانعكاسات ومضاعفات هذه الفجوة بين وجاهة المقرر وضحالة المطبق على مستوى أداء المؤسسة التربوية التعليمية العمومية بمختلف أبعادها. وثالت هذه المحددات هو وجود تجدد الإرادة السياسية للدولة في شأن المعالجة الحاسمة لعجز وتعثرات منظومة التربية والتكوين، اعتبارا لما تحتله هذه المنظومة من موقع مفصلي حاسم في سيرورة التنمية بالبلاد، ولما تمثله من دعامة رصينة ورافعة قوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وأشار الاخصاصي إلى أنه بالرغم من الجهود الحثيثة المبذولة من طرف الدولة والمجتمع منذ سنة 1999 بصفة خاصة، في إطار «اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين»، لا يزال النظام التربوي بالمغرب يعاني أوجه الاختلالات البنيوية والتأطيرية والبيداغوجية والتدبيرية، مضيفا أنه في صلب هذه الاختلالات هناك عناوين بارزة لمسلسل الاختلالات منها معضلة الحكامة الجيدة للمنظومة التربوية والتكوينية، ثم مسألة الجودة التعليمية-التعلمية، وإشكالية مواكبة التربية والتكوين لسوق الشغل.