في الأسبوع الماضي، شوهد ملياردير الصحافة العالمي الأميركي الأسترالي روبرت ميردوخ في سباق الخيل السنوي في لويفيل (ولاية كنتاكي). هذه أول مرة يشاهد فيها في هذا السباق. لكن، عندما شوهد مع السيناتور راند بول (جمهوري، ولاية كنتاكي)، ظهر السبب، وبطل العجب: دخل ميردوخ حملة الرئاسة الانتخابية الأمريكية. كعادته. وأعاد إلى الأذهان ما كتب ديفيد نايت، صحافي أسترالي ومؤلف كتاب: «ميردوخ: تحقيق في القوة السياسية» بأن ميردوخ «صحافي عنده أجندة». وبأن لميردوخ أربعة أهداف: أولا: نشر الرأسمالية. ثانيا: التأثير على الحكومات. ثالثا: تقوية دور الإعلام. رابعا: مواجهة الفكر الليبرالي. وكتب جاسين هيرويتز، صحافي في صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي حضر سباق الخيل: «فجأة، شاهدنا السيناتور يخرج من المصعد، ويتجه نحو المقاعد الممتازة المخصصة للمشاهير، ومعه رجال في ملابس أنيقة، ومجموعة من السيدات يرتدين قبعات ملونة (عادة شبه أرستقراطية في سباق الخيل). وأيضا، معه روبرت ميردوخ». وأضاف: «ها هو ميردوخ، أكبر مؤثر في الحزب الجمهوري، يراهن، ليس على حصان معين، ولكن على سيناتور معين». وقالت صحيفة «فايننشيال تايمز»: «ها هو ميردوخ يخون هيلاري كلينتون مرة أخرى». هذه إشارة إلى ما كانت نفس الصحيفة كتبت خلال انتخابات عام 2008 . في ذلك الوقت، أقام ميردوخ حفلا لجمع تبرعات لصالح كلينتون. وكان ذلك مفهوما لأنها كانت سيناتورة من ولاية نيويورك، وطبعا، هو ربما أغنى من يعيش في نيويورك. ولم تؤثر على ذلك حقيقة أنه مؤيد كبير للحزب الجمهوري. لكن، كان هناك تفسيران آخران: أولا: أيد هيلاري ضد باراك أوباما (في ذلك الوقت، وحتى اليوم، لا يمكن وصف ميردوخ بأنه عنصري. لكنه، طبعا، وهو الجمهوري اليميني، لا يعطف على الليبراليين، بيضا أو سودا أو سمرا أو صفرا). ثانيا: في ذلك الوقت، رأى ميردوخ أن السيناتور جون ماكين، الذي كان يتوقع أن يكون (وصار) مرشح الحزب الجمهوري، ربما لن يفوز. وطبعا، فاز أوباما على هيلاري، ثم فاز على ماكين، وظل، لخمس سنوات، يواجه حملة عدائية من صحف وتلفزيونات ميردوخ (خاصة تلفزيون «فوكس»). وكعادة ميردوخ، يراهن على أكثر من حصان، حتى يفوز في كل الأحوال. لكنه، في انتخابات 2008، خسر أكثر من حصان. وها هم الأمريكيون يستعدون لانتخابات عام 2016 . وها هي هيلاري كلينتون يتوقع أن تترشح مرة أخرى. وها هو السيناتور بول يتوقع أن ينافسها. وها هو ميردوخ يدخل الرهان. لا بد أنه سيظهر في حفل لصالح كلينتون (ظلت العلاقات ودية بينهما، وأيضا، بين ميردوخ وزوجها، رغم الاختلاف الآيديولوجي الواضح). لكن، يمكن أن تسقط كلينتون أمام السيناتور بول. ولهذا، بادر ميردوخ وظهر مع بول في سباق الخيل في لويفيل. ويتوقع أن تنهمر تبرعاته على بول، من أكثر من وسيلة. وذلك لأنه يتبرع عن طريق شركاته المختلفة. (تتبرع محطات تلفزيوناته المحلية بإعطاء المرشحين الجمهوريين فرصا أكثر). في عام 2010 أعطت شركة «نيوز كوربريشن» مليون دولار لجمعية المحافظين الجمهوريين. ومليون دولار لغرفة التجارة الأمريكية المحافظة. وتبرع ميردوخ شخصيا بحكم أنه عضو في مجلس إدارة معهد «كاتو» (مركز جمهوري معتدل. ربما مثل السيناتور بول). وبحكم أنه عضو في مجلس العلاقات الخارجية. ومن القضايا الأميركية التي يؤيدها ميردوخ: أولا: وقف القرصنة في الإنترنت (وهو قد وجه شركاته لاستغلال أحدث تكنولوجيات الإنترنت). ثانيا: حماية الملكية الفكرية (يريد أن يحمي إنتاجات شركات الإخراج السينمائي، والتلفزيوني، والنشر). ثالثا: عدم منع الهجرة إلى الولاياتالمتحدة (وبقية الدول الغربية). لا يتحمس للهجرة، خاصة من دول العالم الثالث. لكن، لا يعارضها. (يركز على ما يفيد شركاته، ويفيد النظام الرأسمالي، خاصة عمالة شعوب العالم الثالث). وفعلا، في عام 2010 شهد ميردوخ أمام لجنة في مجلس النواب عن الهجرة، والمواطنة، واللاجئين، وأمن الحدود. وعن «دور الهجرة في تعزيز الاقتصاد الأميركي». لهذا، كما قال مؤلف كتاب «ميردوخ: تحقيق في القوة السياسية»: «يريد ميردوخ خدمة نفسه بما يخدم الشركات الرأسمالية». وقال مراسل «نيويورك تايمز» عن حفل سباق الخيل مع السيناتور بول: «يؤيد ميردوخ التحررية السياسية التي يدافع عنها السيناتور بول. وله تحفظات قوية حول التدخل الأميركي في الخارج». (ربما يناقض هذا تأييد ميردوخ للحروب الأمريكية في العراق، وأفغانستان، و«الحرب ضد الإرهاب» في إذاعاته، وتلفزيوناته. (لكن، تخدم هذه الحروب هذه الشركات بزيادة الإقبال عليها). وهكذا، يصير واضحا أن ميردوخ ليس ساذجا عندما يتعلق الأمر بالمسائل السياسية، سواء داخل أميركا، أو خارجها. وفي الأسبوع الماضي، عندما سئل عن سبب ظهوره مع السيناتور بول في سباق الخيل، أجاب: «تفكيري منفتح جدا«. وعندما سئل بول، أجاب: «أعتقد أنه شيء لطيف أن يكون ضيفنا». وتدخل ميردوخ، وقال: «لم أشاهد سباق كنتاكي من قبل». وعندما سئل ميردوخ عن رأيه في بول، أجاب: «إنه رجل مثير للاهتمام».