الفنان المغربي عبد المجيد أنبيري، الذي يناديه أصدقاؤه ب"امجيد"، واحدٌ من فنانينا الذين تلقوا تكوينا صلبا من المعهد البلدي للموسيقى بمدينة الدارالبيضاء، وشيئا فشئيا استطاع أن يجد لنفسه مكانا ضمن الأجواق الموسيقية التي رافقت كبار المطربين المغاربة أمثال نعيمة سميح والبيضاوي وعبد الهادي بالخياط ولطيفة رأفت وغيرهم. معروف في الوسط الفني بكونه صموتا ومتواضعا، لكنه "يكلّم" آلة العود بكيفية ماهرة. إنه الاسم الذي ارتبط في ذاكرة العديد من الإعلاميين والمثقفين والفنانين المغاربة بعزف الطرب الأصيل، بدءا من الطرب المغرب الأصيل، إلى أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب الذي يتفنن في عزف أغانيه وإنشادها. إنها علاقة عشق منذ الطفولة تلك التي جعلت الفنان عبد المجيد أحد أبرز مؤديي أغاني موسيقار الأجيال. مسيرة الفنان أنبيري لم تقتصر بطبيعة الحال على تقليد الأغاني الشرقية التي برع فيها إلى حد أن شهرته في التقليد طغت على شهرته مطربا له رصيد لا بأس به من أغانيه الخاصة لحّنها بنفسه أو تعامل فيها مع نخبة من أشهر الملحنين. أكثر من ذلك، إن عشاقه يرتادون مقهى"سينترا" الليلي الشهير بوسط الدارالبيضاء، كل ليلة العديد للاستمتاع بطربه، عزفا وغناء، هؤلاء الذين يبحثون عن الطرب الشرقي الأصيل، ضاربين لأنفسهم موعدا ظلّ يجدد نفسه منذ حوالي عقدين من الزمن دون كلل أو ملل لأن عبد المجيد أنبيري كان وما يزال يعرف كيف يتفنن في جعل مستمعيه يبلغون ذروة النشوة وهم ينصتون إليه، أو مرددين معه، مسترجعين في عزفه وصوته الأيام الخوالي وأمجاد الطرب في الأغاني المغربية الكلاسيكية، وكذا أغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأمّ كلثوم الذين تخصص فيهما عبد المجيد وخلال مرحلة الدراسة توطدت علاقته أكثر بأغاني محمد عبد الوهاب التي بدأ في حفظها منذ سنوات الصبا، إلى درجة أنه أصبح بارعا في أدائها إلى جانب أغاني فطاحل الطرب الشرقي أمثال محمد عبد المطلب وعبد العزيز محمود ومحمد قنديل وفريد الأطرش. وكما هو الشأن في حالات عديدة، فإن الفنان عبد المجيد يستحق أن يتم الالتفات إليه وتكريمه باعتباره واحدا من أبرز العازفين والمطربين بمدينة الدارالبيضاء.