خصصت إذاعة طنجة حلقة برنامج «ذكريات عبرت» للموسيقار الراحل فريد الأطرش، في ذكرى رحيله الرابعة والثلاثين. واستضاف البرنامج الباحث أحمد عيدون الذي أغنى الحلقة بمعلومات عن هذا الموسيقار، الذي كادت أن تغني له أم كلثوم أغنية «وردة من دمنا» التي لحنها خصيصا لسيدة الطرب العربي، لكن لم تغنها، وكان الشاعر مأمون الشناوي عرض على أم أيضا كلثوم أغنية «أدي الربيع» لكن عند قراءتها حاولت إدخال العديد من التعديلات، مما اعتبرها إهانة له كشاعر غنائي معروف. واعتقد أن معنى تلك التعديلات هو رفضها. وغادر منزل السيدة، ووقف في زاوية من الشارع بالقرب من سكناها يتأمل تصرف أم كلثوم. فإذا بفريد يمر صدفة، ووجده متوتراً، وحين استفسره عن السبب، حكى له ما جرى، فانتزع منه القصيدة، ودون أن يطلع عليها، قال له فريد: أنا سألحنها كما كتبتها دون أي تعديل أو تدخل المهم أن تكون «مبسوطا». وفعلا غنى فريد أغنية «آدى الربيع» التي تعتبر من أروع الأغاني التي أبدعها. ونفس الأغنية كان عبد الحليم حافظ تمنى أن يغنيها. وكان الجمهور ينتظر أي عمل مشترك بين عملاقي الأغنية العربية، إلا أن عبد الحليم كان يماطل حسب تعبير الممثلة ليلى طاهر، إذ صرحت أن العندليب كان لايقبل الغناء من ألحان فريد لأنه كان يعتبر ذلك سيعطي إضافة لفريد، وتوسع رقعة محبيه، وفي لقاء بين الراحلين عبر عبد الحليم عن رغبته في أداء لحن لفريد، وأعد له هذا الأخير أغنية «ياواحشني رد علي» وتماطل عبد الحليم في أداء الأغنية، وهو ما حدا بفريد إلى إسنادها للمطرب محرم فؤاد. وربما نفس التخوف أو الاحساس كان لدى أم كلثوم حيث تعتبر أي تعاون مع فريد، هو في صالح شعبيته، وسيوسع قاعدته الجماهيرية.. وقال الباحث أحمد عيدون، إن من أخطاء فريد الأطرش أنه استمر في الغناء حتى آخر عمره رغم أن صوته فقد الكثير من مقوماته وعذوبته. هو محق في هذه الملاحظة. وتبدو واضحة في «عش أنت» وأغاني فيلم «زمان ياحب». وما ميز فريد الذي عانى طفولته في الفقر، والغربة هو سرعة إتقانه للعزف على آلة العود الذي تعلمه على يد رياض السنباطي، فامتلك تقنيات العزف التي لا تزال مدرسة للعازفين على العود. وساهمت أغنية بساط الريح التي تغنى فيها بالعديد من الدول العربية ومنها المغرب (مراكش) في اكتساح أسماع وقلوب الجماهير، وله مساهمات جيدة في الاوبريت والسينما وأغاني من أصوات مطربين آخرين. وأكد السيد عيدون، أن شعبية فريد، فاقت شعبية محمد عبد الوهاب. وحسنا فعلت إذاعة طنجة حين فتحت هذه النافذة، أو بالأحرى معد البرنامج الزميل النقراشي لاستعادة الذكريات مع هذا الفنان الذي أحبه المغاربة والعرب، ولعلنا نذكر أن المطرب المغربي أحمد الغرباوي اشتهر بأداء أغنية أول همسة، وبأداء أغاني فريد ومواويله، في بداية الستينيات حتى عرف بالمطرب صاحب المواويل الطويلة، وكان برنامج «ذكريات عبرت» فرصة للدعاء له بالشفاء. ونتمنى أن تخصص حلقة لهذا النجم الذي بترت إحدى رجليه ويعاني وضعا صحيا مقلقا. فيصل قراف