شكل المؤتمر الوطني السادس للنقابة الوطنية للبريد والاتصالات المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي انعقد على مدى أيام 2 و3 و4 ماي الجاري بتمارة، تحث شعار "معا من أجل فعل نقابي تقدمي حداثي وديمقراطي"، منعطفا تاريخيا بامتياز، كما ستبقى القرارات التي اتخذها المؤتمر قرارات موشومة في تاريخ الحياة النقابية لهذه النقابة الوطنية المناضلة. وفي مقدمة هذه القرارات التاريخية، أن يكون لقطاع البريد نقابة وطنية نظرا لحجم القطاع وخصوصيته وعدد من الاعتبارات القانونية المتعلقة به، ثم نقابة وطنية متعلقة بقطاع الاتصالات بالنظر لخصوصية القطاع كذلك والصبغة القانونية المتعلقة به والمختلفة تماما عن القطاع الأول، ناهيك عن توسع هذين القطاعين بشكل كبير ما يستلزم تأطير نقابي وازن ويتماشى وحجم هذين القطاعين وحجم الموارد البشرية المشتغلة فيهما. وهكذا بعد المصادقة بالإجماع على التقرير الأدبي والمالي المعروضين على الجلسة العامة للمؤتمر ومناقشة مقررات المؤتمر المتعلقة بالنقابة الوطنية للبريد من جهة، ومقررات النقابة الوطنية للاتصالات والقوانين والأنظمة للنقابتين والمصادقة عليهما بالإجماع، انتخب المؤتمر عبد الحميد فاتحي كاتبا عاما للنقابة الوطنية للبريد بالإجماع، ثم تم انتخب كذلك حميد كجي كاتبا عاما للنقابة الوطنية للاتصالات بالإجماع، كما عرف المؤتمر كذلك انتخاب مجلس وطني للنقابة الوطنية للبريد ومجلس وطني للنقابة الوطنية للاتصالات. وقد تميز حفل افتتاح المؤتمر الوطني السادس للنقابة الوطنية للبريد والاتصالات، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذي تواصلت أشغاله على مدى أيام 02و 03 ماي 2014 بتمارة، بتكريم عدد من مناضلي قطاع البريد والاتصالات القدامى اعترافا بنضالاتهم ضد كل أشكال التعسف والتضييق على العمل النقابي خلال العقود الأولى للاستقلال، ودفاعا عن الكرامة والحق في ممارسة العمل النقابي، وقد تم تكريم كل من الإخوة الحاج محمد بنعمرة، اضريوة الميلودي، حمو العجوطي، ادريس نداء، محمد بكار، عبد الكبير الماليكي، نعيمة بنمشيش وعائلة الإخوة البوزيدي أحمد وإدريس. وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني السادس للنقابة الوطنية للبريد والاتصالات، حضورا وازنا للنقابات القطاعية التابعة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وممثلي النقابات القطاعية للمركزيات النقابية المنخرطة في مشروع التنسيق النقابي (الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) إلى جانب عدد كبير من مناضلي ومناضلات النقابة الوطنية للبريد والاتصالات، مما يدل على صحة الجسم النقابي المغربي، وإرادته القوية في الوقوف في وجه التراجعات المتتالية عن المكتسبات العمالية والشعبية، والتوجه نحو الوحدة النقابية، وهو ما عبر عنه إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في كلمة ألقاها بالمناسبة، شدد فيها على ضرورة تشكيل جبهة اجتماعية وطنية لمواجهة تعنت الحكومة وتماديها في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين دون اعتبار لضمانات السلم الاجتماعي، كما أشاد بمبادرة التنسيق النقابي الذي دشنته المركزيات الثلاث الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل يوم 29 يناير 2014، والذي ترسخ خلال مسيرة 06 أبريل التاريخية. وذكر إدريس لشكر بنفس المناسبة بتاريخ نضالات النقابة الوطنية للبريد والاتصالات ورجالاتها الأفذاذ، والتي قدمت شهداء ومعتقلين في سبيل الكرامة والحرية والديمقراطية والدفاع عن قضايا الطبقة العاملة والحريات النقابية، معتبرا في نفس الوقت تكريم المناضلين القدامى خلال محطة هذا المؤتمر لحظة تاريخية تربط الحاضر بالماضي لاستشراف المستقبل من خلال هذا التلاقي للأجيال، ودعا كذلك إلى ضرورة مواصلة النضال لأجل تحصين المكتسبات والحقوق وتحقيق انتظارات الشغيلة البريدية والاتصالاتية، مثيرا في هذا الصدد الانتباه إلى التحولات العميقة التي عرفها القطاع والتطور الذي عرفته أرباح هذا القطاع، خاصة شركة اتصالات المغرب والتي لم تنعكس إيجابا على مستخدميها. ومن جانبه، عدد عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل في كلمة ألقاها عبد العزيز إوي عضو المكتب المركزي نيابة عنه لتعذر حضوره نتيجة وعكة صحية، بالمعارك البطولية التي قادتها النقابة الوطنية للبريد والاتصالات والتضحيات التي قدمها مناضلوها دفاعا عن الكرامة والحق في التنظيم وممارسة العمل النقابي، كما دعا إلى مزيد من التنسيق بين المركزيات النقابية وتوحيد الرؤى، والخطوات للتصدي لغطرسة الحكومة وتماديها في ضرب المكتسبات والإجهاز على الحقوق. ومن جهته في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، اعتبر عبد الحميد فاتحي الكاتب العام للبريد والاتصالات، أن هذا القطاع أضحى مختبرا للتحولات الدولية، حيث تحول من قطاع موحد إلى قطاع متعدد بسبب سياسة التفكيك التي نهجتها الدولة منذ 1998 تطبيقا لقواعد الرأسمال الدولي الليبرالي، وعلى العكس من هذه السياسة حافظت النقابة على وحدتها وتماسكها واستطاعت تدبير التعدد من داخل الوحدة. كما أشار إلى تميز العمل النقابي بقطاع البريد والاتصالات بتجذره بقوة مما ساهم في نجاح كل المعارك النضالية التي خاضتها الشغيلة، رغم كل الممارسات والتعسفات، والتضييق المستمر والمكثف على المناضلين النقابيين. وأكد عبد الحميد فاتحي أن تضاعف أرباح الشركات التي استولت على هذا القطاع لم تنعكس إيجابا على الوضعية المهنية والاجتماعية لمستخدميه، وضرب المثال بشركة اتصالات المغرب التي تضاعفت أرباحها أربع مرات في ظرف وجيز، في مقابل تشديد التضييق على المستخدمين واستمرار التعسفات ضدهم. وعن واقع الممارسة السياسية ببلادنا، ذكر الكاتب العام للنقابة الوطنية للبريد والاتصالات بالآفاق التي فتحتها المضامين الديمقراطية لدستور 2011 أمام المغاربة، مستدركا أن عجز الحكومة عن تفعيل هذه المضامين وتنازلاتها المتواترة عن اختصاصاتها عمق أعطاب الحياة السياسية، فيما خلق التدبير الارتجالي واعتماد المنطق الشعبوي المتجاوز من طرف الحكومة في تدبير الملفات والقضايا الاجتماعية، خلف خيبة أمل لدى المغاربة فضلا عن الزيادات المتكررة في الأسعار.